أجمع المشاركون والمتابعون لجلسات المنتدى الثقافي الإسلامي، الذي احتضن فعالياتها قصر الثقافة "مفدي زكريا" طيلة شهر رمضان، على أنها حققت التميز، وكانت وثبة خطتها وزارة الثقافة، لتمكين الفكر والمعرفة من أخذ حظها في المشهد الثقافي العام، وبعثها من جديد، بعدما طغت فنون أخرى على الساحة لسنوات، ونتيجة لهذا الحضور الذي حققه المنتدى، سيتم مده إلى ما بعد رمضان في شكل ومضمون جديد، وعنه تحدث بعض الحاضرين والفاعلين فيه ل"المساء". أشرفت على فكرة هذا المنتدى، وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، وحضرت بعض ندواته التي عقدت أسبوعيا طيلة الشهر الفضيل، تحت شعار "الحوار والتعايش"، واستضافت على التوالي كلا من الدكاترة الأجلاء بوزيد بومدين والشيخ أبو عبد الله غلام الله والأستاذ خنوش، ثم مبروك زيد الخير. كانت الوزيرة قد أكدت، لدى افتتاحها لهذا المنتدى، أن الهدف منه هو التأسيس لتظاهرة فكرية قارة، تتطرق لموضوعات تستثمر في الفكر الثقافي الإسلامي، وبأبعاده الأخلاقية والتربوية والتوعوية. كما أن اختيار إشكالية الحوار والتعايش جاء لإبراز إحدى القيم الراسخة في المجتمع الجزائري، مع تسليط الضوء على المقاربات التي تكفل شرعا ووضعا، ممارسة التعايش أو العيش المشترك ومبادئه، التي هي من دعائم الأمن والسلم القومي، ويؤدي غياب التعايش إلى تدني المبادئ المجتمعية وزعزعة الاستقرار. ما ميز هذه الندوات، هو الجمهور النوعي الحاضر من كبار الأكاديميين والباحثين والأسماء الثقيلة في مجال الفلسفة الإسلامية، منهم الدكتور عمار طالبي، الذي حرص على الحضور في كل مرة، كذلك الحال مع السادة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ورئيس جمعية العلماء المسلمين، وغيرهما كثير، منهم أسقف كنيسة السيدة الإفريقية خوزي ماريا. في هذا السياق، أشار الدكتور مبروك زيد الخير، إلى أن هذا المنتدى يؤسس لثقافة إسلامية معمقة، برؤاها ونقاشاتها، وسيكون بداية للتنوير، مضيفا أن هذا الموعد القار تقدم فيه فرسان من ذوي المقام العالي، كما ثمن الدكتور مبادرة وزارة الثقافة والفنون، وعلى رأسها الدكتورة صورية مولوجي، التي فكرت وأشرفت على إقامة هذا المنتدى، وعلى اختيارها لمثل هذه المواضيع، التي ستؤسس لثقافة الحوار والتعايش. فيما أكد الدكتور يحياوي، منشط هذا المنتدى، خلال حديثه ل«المساء"، على ضرورة استمراره لما لاقاه من صدى طيب وإقبال، نتيجة مواضيعه الهادفة، واصفا إياه بالمنارة الفكرية التي تستحق الاستمرار. من جهته، طالب الدكتور قسوم بتحية من وقف وراء هذه المبادرة الرائعة، ومن كان سببا في التأسيس للمنتدى، خاصة أنه انطلق في مناسبة كريمة، وهي الاحتفالات بيوم العلم، وكذا تزامنه مع الشهر الفضيل، مع الحضور اللافت للنخبة من المثقفين، وربط بين هذا المنتدى، ومع ما كان في سنوات خلت من مؤتمرات إسلامية عالمية احتضنتها الجزائر، ثم افتقدت مع السنوات وما كان فيها من جو ثقافي خصيب، "لننعم اليوم، قائلا، بهذه المحاضرات القيمة التي سمت بالحضور إلى مستويات عالية، آملا أن تتواصل هذه المبادرة بعد رمضان، لتكون نافذة على العالم، تشخص الداء وتعطي الدواء بمنتهى السمو والعلو". فيما تمنى الدكتور غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، أن تستمر فعاليات هذا المنتدى برعاية وزارة الثقافة والفنون، التي هي سند لنشر الثقافة الإسلامية في الجزائر، وقال "نتمنى أن تزيدنا الوزارة من أمثال مبروك زيد الخير". أشار الدكتور دعاس في حديثه ل«المساء"، إلى أن هذا المنتدى لقي كل التدعيم والتثمين، وأنه صحح مفهوم الثقافة عندنا، الذي غالبا ما ارتبط فيما مضى بالفنون والحفلات فقط، على حساب الفكر والمعرفة. قال محدث "المساء"، الدكتور تيتواح، إن هذا المنتدى أعاد للجميع ذكريات المؤتمرات الإسلامية الشهيرة بالجزائر، كما استقبل طوال الشهر، وجوها سمحة وكفاءات، مما يدل على أنه على الخط السليم، متمنيا أن يتواصل برجال أكفاء يتناولون شتى الموضوعات بعمق، وبطرح علمي فكري مؤسس، حيث أكد أن ما عندنا ليس عند الغرب، ولابد من طرحه والتعريف به. وردا على مطالب استمرار فعاليات المنتدى لما بعد الشهر الفضيل، أكد الدكتور محمد سيدي موسى، مدير ديوان وزارة الثقافة والفنون ل"المساء"، أن المنتدى سيواصل نشاطه بعد رمضان الكريم، لكن بنفس جديد وبصيغة وتوقيت جديدين أيضا، حيث قد تنعقد ندواته مرة كل 15 يوما، كما سيكون له لجنته العلمية الخاصة، التي لها صلاحية اختيار المواضيع والضيوف أيضا.