يحاول الكاتب الشاب حمزة عماروش الدخول إلى عالم الكتابة بثبات، واستطاع بخصوصيته أن يتميز عن غيره من المبدعين، استضافه فضاء »أربعاء الكلمة« بميدياتيك "بشير منتوري" ليعرض تجربته الرائدة في كتابة المقامات من خلال كتابه الأخير »كيف يشطح الثعلب«. يتميز هذا المبدع الشاب بكتابات جديدة متمثلة في المقامات وهي عبارة عن قصص قصيرة جدا في عناوين فرعية تختلف عن ما عرفناه في المجموعات الشعرية أوالقصصية، وهذه المقامات هي ذات طابع إجتماعي معاش. تتفاوت نصوص الكتاب من حيث الصياغة ومن حيث الموضوعات المطروحة ولكنها تلتقي في ثلاثة أشياء، الأولى أن جميع النصوص تتكئ على الواقع كمعادل جمالي لغوي، والكاتب يحاول أن لايبتعد عن الواقع المر الذي يعيشه الجزائري في مواجهة المسخ والخوف والتفسخ دون ان يفقد في ذلك الأمل والحلم والمقاومة وبهذا يكون الكتاب منتميا إلى أدب المرارة الإجتماعية. ثانيا يتكئ الكاتب على الواقع اليومي واللغة البسيطة دون التردد في استعمال اللغة الدارجة محاولا إعطاء بعد درامي ما، علما أن نجاح أي نص أدبي أواخفاقه يعود إلى تمكن المبدع من إدارة اللغة، إذ ان اللغة الناجحة في الإبداع مقياسها ليس الفصح أوالعامي بل درجة دراميتها. في »كيف يشطح الثعلب« كثير من السخرية السوداء التي تسمح للنصوص المشكلة له أوعلى الأقل بعضها ن أن تتحول الى الخشبة كرؤية مسرحية. الكتاب عبارة عن نصوص قصيرة وحادة وموخزة تميل إلى الفوضى الجمالية محملة بالصدق والبحث عن المغاير، كما أن السردية فيه تحمل طابعا متمسرحا وتسرق أحيانا من الأسلوب الإعلامي. الكاتب لايمارس اللعبة اللغوية أو الأسلوبية الفارغة -أي اللعب من أجل اللعب- إنما هذا كله مؤسس داخل أفكار ورؤى قادة على فرض سؤالها في القراءة والتأويل. استطاع الجمهور اكتشاف المقامة الجديدة شبيهة بمقامات الحريري والهمذاني بمعنى أن الكاتب هو حفيد لهؤلاء الرواد. كان الكاتب معبرا عن المشردين والصعاليك الجدد يتحدث - كما قال- عن الأكل، المطاعم، الدين، التجارة، السرقة، الكتب، الخوف، التهور، الأخلاق، سوء الأخلاق، الخيانة والكذب ولكنه اختلف عن الهمذاني والحريري في أنه مرتبط بالواقع في القرن ال 21. من عناوين تلك النصوص نجد »المعلم«، »شكوى من الأزهر«، »الحرا?ة«، »الجريمة«، »الاستعمار«، حول عنوان »الشطاحة« أشار المؤلف انه لم يقصد بها الرقصة ولكن قصد بها المراوغة، والحيلة، كما أوضح أن نصوص هذا الكتاب ألفها متفرقة وفي أزمان وأماكن مختلفة وكان قد قدمها للدكتور أمين الزاوي الذي احتفظ بها لمدة سنة وسرعان ما قدمها للنشر وكتب لها المقدمة كنوع من التشجيع للمواهب الشابة، ثم قرأ عماروش بعضا من هذه النصوص استهلها بنص »السردوك« في الصفحة ال 21 من الكتاب والتي تروي رحلة أديب هاو من عمق الجزائر دخل العاصمة ليدخل في مغامرة سعيا وراء النجاح. أما نص »استعمار« فعرض فيه جرائم جنرالات فرنسا في الجزائر وقد أهدى بالمناسبة هذا الكتاب للمجاهدة لويزة أحريز التي كانت من ضمن الحضور في القاعة. للتذكير فقد سبق لهذا المؤلف أن أصدر كتابا سنة 2004 بعنوان »رحيل بلا وداع« وهو أول ترجمة جزائرية لبعض الأعمال الأدبية باللغة الانكليزية إلى العربية منها روائع للكاتب الأمريكي »إيمنغوي«. حمزة عماروش متخرج من معهد التكوين العالي لإدارة الشباب، وهو الآن مستشار تربوي.