دفع التوافد الكبير على الحظيرة الوطنية بأعالي جبال الشريعة بالبليدة، خلال الصائفة، بالسلطات المحلية ممثّلة في المجلس الشعبي لبلدية الشريعة ،لإطلاق حملة واسعة لتنظيف المحيط الغابي من مخلّفات الزوّار، التي خلفوها وراءهم بعد مغادرتهم للغابة، ورغم المجهودات المبذولة في محاربة ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات، إلاّ أنّها، حسب رئيس المجلس الشعبي سمير سماعيلية، لا تزال تشكّل أكبر تحد يهدّد المحيط البيئي بالغابة، حيث أسفرت حملة التنظيف، التي دامت يوما واحدا فقط عن جمع ثمانية أطنان من النفايات وهو رقم كبير يعكس تدني الوعي بأهمية الحفاظ على الغابة نظيفة ويفرض حتمية الردع القانوني. انطلقت حملة تنظيف غابة الشريعة، حسب رئيس المجلس الشعبي سمير سماعيلية، بالتعاون مع عدد من المؤسسات ذات الصلة بحماية البيئة، حيث عرفت مشاركة "متيجة حدائق"، "متيجة نظافة" ومركز الردم التقني ومحافظة الغابات وبعض الجمعيات المهتمة بالشأن البيئي التي كان لديها دور كبير في عملية الجمع، على غرار "المشاة الهواة"، و"أصدقاء الشريعة"، "اتحاد رياضي"، وجمعية "آفاق" وكذا متطوّعين من أبناء الشريعة من محبي الحظيرة الوطنية، وكذا المنظمة الوطنية للشباب وحتى بعض لجان الأحياء، كما عرفت الحملة مشاركة واسعة لطلبة المدرسة القرآنية من فئة الأطفال الذين أسهموا في دعم حملة التنظيف وإنجاحها. وحسب المصدر، فإنّ الدافع لإطلاق حملة التنظيف في هذه الفترة الزمنية هو العدد الكبير الذي استقبلته الحظيرة الوطنية للشريعة خلال موسم الاصطياف، خاصة بعدما أعيد تهيئة خط التلفريك، الذي لعب دورا كبيرا في تسهيل تنقل الزوّار إلى أعالي جبال الشريعة بحثا عن الهواء العليل لاسيما أيام الحرّ الشديد، ويوضح "رغم أنّ الإقبال مؤشر إيجابي وينعش الفعل السياحي بالولاية، غير أنّ تأثيره سلبي على البيئة، حيث أصبح يشكّل تحديا كبيرا، خاصة وأنّ النفايات الكثيرة التي تخلّفها العائلات يصعب الوصول إليها بشاحنات نقل النفايات، الأمر الذي يفرض حتمية الجمع اليدوي، من خلال توغل الأعوان والمتطوعين في أعماق الغابة لجمعها"، مضيفا أنّ ما استوقفه خلال عملية التنظيف أنّ بعض العائلات التي تزور الغابة تستعمل الكراسي والطاولات الموجودة، وبعد الانتهاء من وجبة الغداء ترحل وتترك الطاولة بكل المخلّفات من أطباق وقارورات ماء وأكياس بلاستيكية وأغلفة مختلف المواد الغذائية ك"الشيبس" دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء جمعها ووضعها في أكياس، الأمر الذي يوحي بتدني الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة نظيفة". على صعيد آخر، أوضح المتحدّث أنّ الحملة تحمل في طياتها توجّهين، الأوّل هو تنظيف الغابة من مخلّفات الزوّار والمساهمة في إبقائها نظيفة والعمل أيضا على التوعية والتحسيس بضرورة الحفاظ على المحيط الغابي نظيفا، أما التوجّه الثاني، الذي يجري التركيز عليه، هو أنّ عملية تنظيف الغابات من مختلف النفايات تساهم بشكل مباشر في حمايتها من الحرائق التي أصبحت تشكّل تهديدا للمحيط الغابي بفعل الارتفاع الكبير المسجّل في درجات الحرارة، لافتا في السياق إلى أنّ من بين النفايات التي عثر عليها في الغابة وقد تكون سببا في اشتعال النار، الزجاج الذي جمع مباشرة وتمّ تخلص منه. في السياق، أوضح رئيس البلدية، أنّ محبي الشريعة من سكان البليدة وممثلي الحركات الجمعوية البيئية، الذين يعتبرون الحظيرة الوطنية مكسبا سياحيا للولاية ورمزا من رموزها، يحز في أنفسهم ما عثر عليه من مخلّفات للزوار، ودعوا الجهات المعنية بالمناسبة، بضرورة التسريع في تشريع نصوص قانونية تعاقب كلّ من يترك مخلفاته في الغابة، خاصة وأنّ عمليات التوعية والتحسيس لم تعد تأتي بالنتيجة المرجوة، لافتا في السياق إلى أنّ مصالحه سبق لها وأن دعمت حظيرة الشريعة، خاصة في الأماكن الأكثر استقطابا للزوار، بعدد من الهياكل المخصّصة للجلوس ورمي النفايات معدّة بطريقة صديقة للبيئة، غير أنّ الإشكال مرتبة بنقص الوعي المجتمعي، ويقول "وإلاّ كيف نفسّر إلقاء بعض الأمهات لحفاظات أبنائهم في الغابة"، كاشفا بالمناسبة عن أنّ بلدية الشريعة في الأيام العادية لا تعاني مطلقا من ارتفاع حجم النفايات، حيث أنّ معدل الجمع اليومي لا يتعدى ثلاثة أطنان والمشكل الكبير يتمثّل في الرمي العشوائي الذي أصبح يفرض حتمية الردع القانوني.