أعلن وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أمس عن لقاء يجمع الجزائر مع الاتحاد الأوروبي الثلاثاء القادم بلوكسمبورغ يخصص لتقييم العلاقات الثنائية وبحث ميكانيزمات جديدة لدفع التعاون واحترام التوازن في العلاقات بين الجانبين.وأوضح السيد مدلسي أن الاجتماع يندرج في سياق الاجتماعات الدورية بين الجانبين ويهدف إلى تقييم اتفاق الشراكة الموقع في أفريل 2002 ببرشلونة الإسبانية ودخل حيز التنفيذ في الفاتح سبتمبر 2005. وتراهن الجزائر على هذا اللقاء لتصحيح الكثير من النقاط التي حالت دون أن يستفيد الاقتصاد الوطني من مزايا الاتفاق بعد أربع سنوات من دخوله حيز التنفيذ، وقال السيد مدلسي لدى نزوله أمس ضيفا على حصة تحولات للقناة الأولى للإذاعة الوطنية "ان الجزائر تتطلع إلى تطوير الفضاء الاقتصادي مع الطرف الأوروبي، وشغلنا الشاغل هو تحقيق قفزة كمية ونوعية في مجال الاستثمار... ومن الطبيعي في إطار هذا الفضاء أن نطالب الاتحاد الأوروبي بتقوية تواجد المستثمرين في السوق المحلية". ومن شأن هذا الاجتماع كذلك أن يفتح الباب أمام بحث آليات دفع التعاون على نحو يضمن احترام التوازن في العلاقات. ويقصد بمفهوم "توازن العلاقات" بحث آليات لتجاوز الوضع الحالي الذي يتميز بتدفق السلع الأوروبية نحو السوق الجزائر، وبالمقابل هناك عدة عقبات وضعت في طريق المتعاملين الجزائريين الراغبين في تصدير سلعهم نحو الضفة الشمالية للمتوسط، وذكر السيد مدلسي أن الجزائر تريد أن يساهم هذا الاتفاق في تحقيق التنمية المنشودة. وكان اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي محل تقييم في لقاء جمع ممثلي بعثة الاتحاد بالجزائر وممثلي وزارتي التجارة والخارجية بإقامة الميثاق بالعاصمة شهر ماي الماضي. وقدم مدير التجارة الخارجية بوزارة التجارة السيد شريف زعاف خلالها أرقاما أبرزت اختلال الميزان التجاري بين الجانبين لصالح الطرف الأوروبي وأكد أن الواردات الجزائرية من منطقة الاتحاد تمثل حصة الأسد ب55 بالمئة، حيث ارتفعت قيمتها من 11.2 مليار دولار سنة 2005 إلى 20.8 مليار دولار السنة الماضية أي بارتفاع قدر بأكثر من 86 بالمائة، وأشار إلى أن صادرات الجزائر نحو الاتحاد الأوروبي وإن شهدت ارتفاعا بانتقالها من 552 مليون دولار سنة 2005 إلى 1.2 مليار دولار العام الماضي إلا أن ذلك لا يعكس رغبة الجزائر في تنويع صادراتها اذ تبقى مشتقات البترول أهم سلعة تصدر إلى أوروبا. كما أن الجزائر لم تستفد إلى حد الآن من حصصها من المواد الغذائية والفلاحية التي يمكن أن تصدرها والمقدرة ب41 نوعا حيث لم تشرع في تصدير سوى 6 أنواع، منها البطاطس والكسكسي، وأرجع هذا الواقع إلى الصعوبات التي تعترض المصدرين الجزائريين. ومن بين النقائص التي أشار إليها السيد شريف زعاف أيضا، غياب نظام تعاون بين المؤسسات الصغيرة الجزائرية والأوروبية، وشدد في هذا السياق على ضرورة إجراء تقييم شامل لاتفاق الشراكة. وعبر السيد مدلسي عن ما يشبه "خيبة أمل" لدى الطرف الجزائري فيما يخص ضعف حضور المستثمرين الأوروبيين في السوق الوطنية.
العلاقات الجزائرية الفرنسية استراتيجية وفي موضوع آخر أكد وزير الشؤون الخارجية أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية، وتحدث عن النشاط الدبلوماسي المتصل بالعلاقات الثنائية، وكذا اللقاءات الإقليمية والدولية، منها اجتماع الدول الإفريقية صاحبة مبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (النيباد) مع مجموعة الثماني الكبار المرتقب قبل نهاية العام بإيطاليا، ومواصلة الحوار في إطار الاتحاد من أجل المتوسط. وكان موضوع العلاقات الجزائرية الفرنسية من بين أهم المحاور التي تناولها السيد مدلسي، حيث لمح الى زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المرتقبة قبل نهاية العام الجاري لباريس، وذكر بأن البلدين سيتباحثان خلال الأشهر المقبلة وعلى أعلى مستوى كيفية تعزيز العلاقات الثنائية وترجمة النوايا إلى أفعال، وأبدى السيد مدلسي أسفه لضعف الاستثمارات الفرنسية في الجزائر وعبر عن أمله في تدارك هذا الواقع مشيرا إلى أن العلاقات الثنائية ورغم تأثرها في شقها السياسي بالجانب التاريخي إلا أن هناك إرادة لتطويرها من الحسن إلى الأحسن وختم بالقول أن العلاقات الثنائية يمكن وصفها بأنها "إستراتيجية". وسئل الوزير عن موقف الجزائر من القانون الفرنسي الذي ينص على تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، فقال أن ذلك النص جاء ليعالج قضية فرنسية داخلية، حتى وإن كانت فئة قليلة من الجزائريين سيستفيدون من تعويضات يقرها هذا القانون، وأشار إلى أن الجزائر تطرح تصورا أشمل لمعالجة هذا الملف وأن تلك التعويضات تعتبر حلا هامشيا لملف تحرص الجزائر على معالجته في إطاره الشامل ضمن فوج العمل الذي تم إنشاؤه خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر شهر ديسمبر 2007. وبخصوص مستقبل الاتحاد من أجل المتوسط جدد الوزير التأكيد بأن الجزائر تعد عضوا في هذا التجمع، إلا أنها تطالب اليوم بإعادة النظر في العلاقات التي تربط جميع الأطراف المشاركة فيه، موضحا أن العدوان الإسرائيلي على غزة أثر كثيرا على نشاطه وأظهر الضرورة إلى وضع آليات تحمي جميع الدول المنضوية تحته من التعرض لأي عدوان.
العلاقات الجزائرية المغربية طيبة وفي رده على سؤال حول العلاقات الجزائرية المغربية وصف السيد مدلسي العلاقات الثنائية ب "الطيبة"، واستثنى منها ما يتعلق بنظرة كل بلد إلى "القضية الصحراوية". وقال "علاقاتنا الثنائية طيبة باستثناء فتح قوس يتعلق بالقضية الصحراوية و- تابع قائلا - "هذا القوس لا ينبغي فتحه إلا على مستوى معين" في إشارة إلى أن الأممالمتحدة تبقى الإطار الوحيد الذي يجب أن تعالج فيه هذه القضية، مشيرا إلى أن الجزائر تعلق آمالا كبيرة على المبعوث الشخصي للأمين العام السيد كريستوفر روس في التوصل إلى حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقا للشرعية الدولية ولوائح الهيئة الأممية. وحول الجمود الذي يعرفه الاتحاد المغاربي أوضح الوزير أن الجزائر متمسكة ببناء هذا الصرح ضمن نظرة لا تنحصر فقط في فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب ولكن ضمن مقاربة شاملة "يكون فيها انسجام كلي لسياسات دول المنطقة". ومن جهة أخرى ثمن وزير الخارجية خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ألقاه بالعاصمة المصرية بالقاهرة، وقال "كلام أوباما مشجع، وهو مبني تقريبا على مبادرة السلام العربية، لكن كلامنا وكلام الرئيس الأمريكي غير كافيين، إذ لابد أن تتخذ الدولة العبرية موقفا منسجما مع طرحنا للتوصل الى حل نهائي". وتحدث السيد مدلسي عن اجتماع لوزراء الخارجية العرب الأربعاء 17 جوان الجاري للتباحث حول مواصلة الجهود العربية لرفع الحصار عن غزة.