سيتم في ولاية بومرداس، إطلاق دراسة إحصائية لأهم النقاط السوداء المسجلة في مخططات النقل بكبرى المدن، بهدف إعادة تحيين وتجديد مخططات المرور، تسهيلا لحركة النقل والتنقل، حيث يأتي هذا العمل، بعد ملاحظة الفوضى المسجلة في حركة المركبات والراجلين بصفة مزمنة، لاسيما في أوقات الذروة. في المقابل، تسعى المنظمة الوطنية للناقلين الجزائريين "أونتا"، إلى تقديم حلول لهذه المعضلة، من خلال تشريح دقيق لوضعية النقل والتنقل في الولاية، والتي تصفها ب"السوداوية"، مع تقديم مقترحات عملية، في انتظار تجسيدها. تشهد معظم المدن الكبرى في ولاية بومرداس، على غرار برج منايل، بودواو، دلس، خميس الخشنة وبومرداس، فوضى كبيرة ومزمنة في حركة النقل والتنقل، تعود أسبابها بالدرجة الأولى، إلى غياب مخططات نقل واضحة، ناهيك عن فوضى الركن العشوائي للمركبات، في ظل غياب حظائر للسيارات، وهو ما يزيد الطين بلة. تتأزم هذه الوضعية أكثر في أوقات الذروة، بصفة يومية، كما تسوء خلال هطول الأمطار وفي أيام الصيف، بفعل التوافد الكبير للمصطافين، إلى جانب التوسع السكاني الكبير للأحياء في السنوات الأخيرة، دون فتح طرقات جديدة، حيث ساهمت كل هذه الأمور في تعقيد الوضع أكثر. غياب التخطيط وراء الازدحام المزمن في سياق متصل، نذكر بعض الأمثلة الحية عن هذا الواقع، على غرار حي الكرمة ببلدية بومرداس، الذي يعد المدينة الجديدة لعاصمة الولاية، لكن الواقع مغاير تماما.. فالحي يزداد توسعا بعد عمليات توزيع السكنات الجديدة في كل من البساتين، المرملة وكوسيدار، وصولا إلى الكرمة. ولم يصاحب التعداد السكاني الكبير بالمنطقة، فتح طرقات جديدة، كما يضاف إلى ذلك، تأخر استلام الطريق الاجتنابي لمدينة بومرداس، وهو ما يسبب ضغطا كبيرا ومتواصلا على (ط.و/24)، خاصة على مستوى محور الدوران "مركز الراحة العائلي"، الذي يبقى الشريان الوحيد الذي يربط عاصمة الولاية بمدن الجهة الشرقية. نفس الأمر تعرفه بلدية برج منايل، التي تعد من بين أكبر البلديات توسعا، ناهيك عن كونها قطبا تجاريا يستقطب وافدين إليها من مختلف بلديات الولاية، وحتى ولايات مجاورة، وفي المقابل، تنتظر هذه البلدية بدورها تحيين وتجديد مخطط النقل، حتى يتماشى مع التوسع السكاني والعمراني الكبيرين الذين عرفتهما في السنوات القليلة الماضية، حيث يسجل وسط المدينة ازدحاما مزمنا، بالنظر إلى الركن العشوائي للمركبات، مقابل ضيق الطريق الرئيسية، في انتظار تهيئة محور الدوران في قلب المدينة، وفتح حظائر للسيارات. كما نجد نفس الصورة ببلدية بودواو، التي تعد البوابة الشرقية لولاية الجزائر، حيث تعاني من فوضى نقل حقيقية، خاصة أن محطة الحافلات تقع في قلب المدينة، بمحاذاة السوق الشعبية، باعتبارها مقصدا للكثيرين. أما بلدية خميس الخشنة، فتجمع عشرات الوحدات الصناعية التي تعاني ضغطا كبيرا في حركة السير والمرور، مقابل بقاء نفس شبكة الطرقات دون توسيع.. كذلك الأمر بالنسبة لبلدية دلس، التي تعاني من ازدحام مزمن، بسبب ضيق الطريق وانعدام محطة للحافلات، كما تعاني اهتراء كبيرا في شبكة الطرقات ووجود العديد من الممهلات العشوائية على محور بومرداس، حيث يصل عددها إلى حوالي 78 ممهلا، ناهيك عن تداخل خطوط النقل ما بين دلس وعدة نقاط، بفعل غياب الرقابة.. عمل ميداني لإحصاء النقاط السوداء في سياق متصل بالموضوع، كشفت مديرية النقل لولاية بومرداس، مؤخرا، عن إطلاق دراسة لإحصاء أهم النقاط السوداء في كبرى المدن، على غرار بومرداس، دلس، برج منايل، بودواو وخميس الخشنة، حيث أقر مصدر من المديرية بوجود فوضى كبيرة في حركة النقل والتنقل، وأن الأمر يتفاقم السنة بعد الأخرى، مرجعا سبب ذلك بشكل خاص، إلى التوسع العمراني والسكاني للمدن. كما أوضحت هذه الهيئة، أن والي بومرداس، يحي يحياتن، أمر المديرية بإجراء دراسة معمقة بشأن أسباب الفوضى المسجلة، لاسيما ببلدية بومرداس. مشيرة إلى أن التحاليل الأولى، أوضحت أن أهم إشكال يطرح في السياق، يعود بالدرجة الأولى إلى الركن العشوائي للمركبات، وهي مسؤولية يتحملها المواطن بشكل مباشر، ناهيك عن بعض المواقف أمام محاور الدوران، وغياب كلي لحظائر السيارات، مؤكدة أن المديرية بصدد إحصاء كل النقاط السوداء، سواء في بلدية بومرداس أو في أكبر مدن الولاية، لترفع المقترحات بعدها للجهات المعنية، بهدف القضاء على فوضى النقل، أو على الأقل التقليل من حدتها. غياب المحطات البرية... وراء الفوضى المزمنة يرى رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية للناقلين الجزائريين، نور الدين بوسنان، أن السبب الرئيسي في فوضى حركة النقل والتنقل ببومرداس، يعود بالأساس إلى غياب محطات النقل البرية، وغياب مواقف حافلات النقل العمومي، معيبا في سياق حديثه إلى "المساء"، الغياب الكلي لمحطة نقل برية نموذجية في ولاية بحجم بومرداس، متسائلا عن سبب التماطل في تجسيد مشروع المحطة البرية بكل من بومرداس، برج منايل، دلس، خميس الخشنة وبودواو، مع الإشارة إلى أن هذه المدن الكبرى تسجل فوضى نقل حقيقية. يضيف المتحدث، أنه من أسباب فوضى النقل، تداخل بعض خطوط النقل، مثل خط برج منايل - بومرداس، إلى جانب خطوط بني عمران - عمال وولاية تيزي وزو، حيث يسجل في المقابل، تشبع خطوط أخرى. وذكر في هذا السياق، خط دلس- بومرداس الذي يحصي لوحده 36 حافلة نقل عمومي، داعيا الجهات المعنية إلى تطهير الخطوط بصفة جدية. يضاف إلى ذلك -حسب السيد بوسنان- الاهتراء الكبير في شبكة الطرقات وانعدام الإشارات أحيانا، وغياب حظائر السيارات في المدن، مما يسبب عشوائية في ركن المركبات، وهو ما يزيد الأمور تعقيدا. كما أشار المتحدث، إلى عامل آخر يراه مساهما في ظهور فوضى النقل، ويتعلق الأمر بتداخل نقل المسافرين ونقل العمال والنقل المدرسي، مطالبا مديرية النقل بالتدخل وفرض الرقابة والصرامة، للتفريق بين كل خط نقل مع آخر، كما دعا إلى تجسيد مشاريع محطات النقل البرية بالمواصفات المعمول بها، مع إسناد تسييرها لمؤسسة "سوقرال" التي يرى أن خبرتها في هذا المجال، كفيلة بالتسيير الجيد لمحطات نقل المسافرين، بعيدا عن تسيير الخواص ومشاكل الإضرابات والاضطرابات التي قد تنجم عن ذلك، حسبه.