شهدت بريطانيا موجة إضرابات ومسيرات احتجاجية شنها عمال قطاعات حيوية طالبوا من خلالها برفع أجورهم وتحسين وضعيتهم المعيشية، لمواجهة ارتفاع تكاليف الحياة اليومية التي أصبحت ترهق، كاهل المواطن البريطاني. وتأتي هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات رغم الدعوة التي وجهتها الحكومة بضرورة عودة النقابات إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حلول للاضطرابات الاجتماعية التي تهدد بشل البلاد. وشنّ عمال البريد الملكي جنبا إلى جنب مع موظفي السكك الحديدية، اضرابا بشأن الأجور وشروط التوظيف. وذكرت مصادر بريطانية أنه تم تحذير المتعاملين من تأخر وصول بريدهم الخاص بسبب الإضراب، تماما كما هو الحال بالنسبة لتنقل المواطنين بسبب إضراب موظفي النقل السككي. وتزامن ذلك مع قرار نقابة ممرضات هيئة الخدمات الصحية البريطانية شنّ إضراب وطني اليوم للمطالبة برفع الأجور، ما دفع بكبار مسؤولي التمريض في المملكة المتحدة إلى مطالبة النقابة بحماية وضمان سلامة المرضى أثناء الإضراب. وبينما شلت الإضرابات العمالية التي شنّها سائقو سيارات الإسعاف ومسؤولي قوات الحدود وموظفي وكالة الطرق السريعة كل حركة في البلاد، تسبب إضراب السكك الحديدية في المملكة المتحدة صعوبة بالغة للبريطانيين للوصول إلى أماكن عملهم. وذكر الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديد والبحرية والنقل "آر. إم. تي"، أن 40 ألفا من أعضائه العاملين في شبكة السكك الحديد و14 شركة قطارات يشاركون في التحرك الذي يستمر حتى 31 ديسمبر الجاري مع ضمان حد أدنى للخدمات باشراك 20 من المائة فقط من القطارات لنقل مستعملي القطارات. ووصفت وسائل إعلام بريطانية هذا الاحتقان ب«شتاء السخط" في إشارة إلى الإضرابات الحاشدة التي هزت البلاد، أواخر سبعينيات القرن الماضي وألحقت خسائر بعشرات الملايير للاقتصاد البريطاني. وأكد مكتب الإحصاءات الوطني في هذا السياق، خسارة 417 ألف يوم عمل شهر أكتوبر وحده بسبب الاضطرابات الاجتماعية، ضمن أعلى مستوى يتم تسجيله منذ نوفمبر 2011. ولا يقتصر التحرك على موظفي السكك الحديد بل شمل عناصر الأمن القطار الأوروبي "يوروستار" التي تسير رحلات إلى أوروبا وعناصر حرس الحدود الذين يدققون في جوازات السفر في المطارات، بما أرغم الحكومة البريطانية على التخطيط لنشر عسكريين للقيام بهذه المهام. وأبلغ رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، مجلس الوزراء أنه لن يتراجع في مسألة الإضرابات، وقال إنه "بينما ستبذل الحكومة كل ما في وسعها لتقليل الإضرابات، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكننا إيقاف ذلك تماما هي عودة النقابات إلى طاولة المفاوضات وإلغاء هذه الإضرابات".