تحرص المصالح الأمنية خلال هذا الموسم، على اعتماد كل التدابير الكفيلة بحماية الغابات من خطر الحرائق، حتى في عز موسم الشتاء، حين تزيد رغبة العائلات في التوجه نحو الغابات والحدائق، لتمضية اليوم وتنظيم موائد الشواء، تطبيقا لتعليمات الجهات الوصية حول حماية الغابات من الحرائق، وفي إطار ضبط التدابير والإجراءات الوقائية اللازمة، للحيلولة دون وقوع حرائق الغابات، أقرت منع إقامة موائد الشواء، لاسيما بالفضاءات التي تعرف توافدا كبيرا للمواطنين، حيث أن كل إخلال بأحكام هذا القرار، يعرض صاحبه إلى العقوبات المنصوص عليها قانونا، في وقت ثمنت العائلات هذا القرار الهادف لحماية المحيط، رغم أنه يحرمها من متعة تلذذ الشواء في أحضان الطبيعة. تحتل الخرجات العائلية لدى الأسر الجزائرية مكانة خاصة في النفوس، إذ تنظم العديد منها خلال العطل المدرسية وعطل نهاية الأسبوع، خرجات ترفيهية لأفراد العائلة، تكتمل بوجبة غذاء أو شرب القهوة في أحضان الطبيعة، على غرار الغابات أو الشواطئ، حيث يختلف الأمر، حسب الموسم وحسب ما يفضله أفراد العائلة، لتبقى الجبال والغابات ملاذ هؤلاء خلال موسم البرد، لاسيما إذ اكتسحتها الثلوج، لتبقى الشواطئ دون معنى حقيقي أمام جمال تلك الجبال التي يكسوها ثوب أبيض، إلا أن هذه السنة اختلفت عن غيرها، بسبب منع "تقليد" الشواء منعا باتا، نظرا لحوادث الحرائق التي اندلعت خلال السنوات القليلة الماضية، والتي كان الإنسان سببا مباشرا فيها، لاسيما بعض السلوكيات غير الواعية، حيث أسفرت تلك الحرائق العنيفة عن مقتل العديد من الأشخاص، بعدما اجتاحت الكثير من مناطق البلاد، وتسببت في إتلاف آلاف الهكتارات من الأحراش ومن الثروة الغابية في ولايات تيزي وزو، الطارف وسطيف وسوق أهراس وجيجل وسكيكدة وتيبازة. وقد سببت تلك الحوادث "الأليمة"، في منع إضرام النار من أجل عملية الشواء، التي كان يحييها في كل مرة، الشباب والعائلات وسط الغابات، فما إن تنزل درجات الحرارة تحت 20 درجة مئوية، إلا ويتسارع هؤلاء لتغيير وجهتهم من الشواطئ، خلال فصل الصيف، إلى الغابات والجبال، التي تتميز بسحر خاص في موسم البرد، حيث تتزين تلك الجبال بغطائها الأخضر، وتنوعها النباتي، وتثير رغبة الفرد في التجوال في أحضانها، بحثا عن الراحة والاستجمام، فما على هؤلاء إلا تدفئة الجسم بلباس وأحذية خاصة، والانطلاق في مغامرة في أحضان الطبيعة. وقد أدى القانون الصارم الذي يمنع عملية الشواء، بالعائلات والشباب، إلى البحث عن بدائل لتلك العملية، من خلال اقتناء غذاء جاهز من البيت، الأمر الذي ضيع جزء من فرحة تلك العائلات. عائلات تتفهم صرامة التعليمة في منع عملية الشواء.. حول هذا الموضوع، تحدثت "المساء" إلى بعض العائلات والشباب، الذين التقتهم في غابة باينام، غرب العاصمة، حيث سجلت صرامة في تنفيذ قرار المنح، وقد لوحظ وجود عدة دوريات أمنية، كانت مهمتها توفير الأمن والسهر على تطبيق القوانين المتعلقة بالسلوكيات الحضرية الواجب السير وفقها هناك. في هذا الصدد، أعرب عدد من المواطنين بهذه الغابة، عن تأسفهم للحوادث الكارثية التي تسبب فيها الإنسان قبل فترة، والتي أدت إلى اندلاع حرائق غابية، راح ضحيتها العديد من الأرواح، وإتلاف جزء كبير من الثروة النباتية والمحاصيل الزراعية. وقد أبدى غالبية من حدثناهم، تفهمهم لصرامة القوانين، لاسيما أن هذا النوع من القضايا لا يمكن أبدا التهاون بشأنه، حسب ما قاله السيد موسى، رب عائلة كان هناك خلال الفترة المسائية رفقة العائلة، وكان يبدو أن غذاءها تم تحضيره في البيت، حيث أشار إلى أن مكافحة هذه السلوكيات المسيئة للطبيعة، لابد أن تكون مسؤولية الجميع، مثمنا في حديثه، قرار السلطات في المنع التام لعملية الشواء وإضرام النار لأي سبب كان، موضحا أن الكثير من الأشخاص ليس لديهم أدنى ثقافة حول هذا الموضوع، وتدابير السلامة التي يجب اتخاذها، لمنع أي حوادث خلال هذه العملية. من جهته، قال الشاب محمد، الذي كان رفقه أصدقائه، إنه اليوم، بات من المستحيل تنظيم جلسات الشواء في الغابات، بعد القرار الصادر في هذا الإطار، مشيرا إلى أنه كان رفقة أصدقائه، يمارسون عادة التخييم كل موسم شتاء، مرة أو مرتين في الشهر، في أحضان الغابة، إلا أن هذا الأمر يتطلب إشعال النار للتخييم، سواء للطهي أو للتدفئة، لكن صرامة هذا القانون أثر على هذا البرنامج. السهر على احترام القانون مهمة الجميع.. على صعيد آخر، أكد "م. س«، عون بفرقة حماية الغابات في العاصمة، أن العمل المنسق لجميع أعوان الأمن، سواء الدرك الوطني، الحماية المدنية أو حماية الغابات، التي تسهر على الاحترام التام للتعليمة التي تنص على منع تنظيم جلسات الشواء في الغابات، وبمحاذاة المناطق التي تحتوي على غطاء نباتي، أو محاصيل زراعية، مشيرا إلى أنه رغم ذلك، غير أن بعض الاشخاص لا يزالون يجهلون جدية التعليمة، مشيرا إلى ضرورة تكثيف الحملات التحسيسية بين المواطنين، خاصة الشباب، لحثهم عن الابتعاد عن السلوكيات التي تضر الطبيعة، ويتسبب البعض منها في كوارث، قد يروح ضحيتها أشخاص وحيوانات وإتلاف مساحات خضراء كاملة، منوها إلى أنه قبل فترة، أطلقت المحافظة العامة للغابات، حملة تحسيسية حول منع التخييم وإشعال مواقد الشواء في الأماكن الغابية، تفاديا لحرائق الغابات، حيث تزامنت الحملة وموسم الصيف، مؤكدا على ضرورة تجديدها، لأنه في حقيقة الأمر، يبرز هذا السلوك أيضا خلال موسم الشتاء، حين تتصاعد رغبة العائلات في التوجه نحو الغابات، وعليه لابد من دعوة هؤلاء إلى الابتعاد عن السلوكيات المؤدية إلى إتلاف الغطاء النباتي، واتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير الوقائية اللازمة، لتفادي نشوب الحرائق، مع رفع درجة اليقظة والحذر لحماية الثروة الغابية من كل المخاطر. مذكرا بالمناسبة، بالرقم الأخضر 1070 الموضوع تحت تصرف المواطنين، للتبليغ عن أي حادث، مشيرا إلى أن السلطات اليوم، باتت تتعامل بجدية تامة مع موضوع الحرائق، لاسيما بعدما واجهته الدولة من حرائق ضخمة اتسعت رقعة انتشارها، خاصة في المناطق الشرقية، جراء موجة الحر التي تجتاح منطقة شمال أفريقيا من جهة، والسلوك الإنساني غير الواعي، من جهة أخرى. أكد المتحدث، أن الحكومة تبنت إجراءات صارمة للحيلولة دون تسجيل حرائق في الغابات، تصل إلى درجة العقوبات القضائية، ولا تقتصر هذه القرارات على المتورطين عمدا في إشعال فتيلها، والذين يتابعون بجناية من قانون العقوبات المتعلق بأملاك الغير، بل حتى أولئك الذين يرتكبون الجريمة عن غير عمد، حيث توجه إليهم جنحة التخريب، التي كثيرا ما يتسبب فيها مقيمو موائد الشواء بمحيط الغابات.