❊ الخبرة الجزائرية تسارع الزمن ما يميّز اليوم الوطني للقصبة لهذا العام هو استلام بعض المواقع المرمّمة وعلى رأسها ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي، الذي أصبح تحفة معمارية بامتياز، علما أنّ القصبة تشهد عمليات ترميم كبرى تتجاوز التهيئة، أنقذت فيها الكثير من المباني والمعالم، وذلك بفضل خبرة جزائرية في الدراسة والإنجاز، وفي هدوء تام لا يلتفت للبهرجة والدوي والتصريحات والمناسباتية، كما جرت العادة، بل يعطي المجال لما يسلم من مشاريع وإنجازات تجتهد بدافع وطني عند الكثير من الإطارات المكلّفة بهذا المشروع لإعادة هذا الحي العتيق رمز المقاومة والهوية، لسابق أمجاده وبهائه، وفي هذا الملف حاولت "المساء" الوقوف على جزء مما أنجز في المسار الشاق لإعادة الاعتبار لقصبة الجزائر من خلال الاقتراب من الأطراف المتدخلة في عملية التهيئة والترميم وهي مديرية التجهيزات العمومية لولاية الجزائر والوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة الموجودة تحت وصاية وزارة الثقافة والفنون، كما زارت "الزاوية العلاوية" بدار السلام بالقصبة السفلى، وقاسمت أحد أبناء القصبة الأوفياء نور الدين لوحال شجونه وذكرياته التي لم تبرحه يوما وظلت تشدّه إلى الحي العتيق. مديرةالوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة ل"المساء": عمليات الترميم أعطت نتائج جيدة ❊ الإشراف العام والمراقبة من اختصاص ومهام الوكالة ❊ المخطّط الدائم لحفظ القصبة بمثابة وثيقة عمرانية أشارت السيدة كريمة صادقي، مديرة الوكالة الوطنية القطاعات المحفوظة خلال حديثها ل"المساء" أنّ عمليات الترميم التي تشهدها بعض معالم القصبة مستمرة، وبعضها الآخر في طريقه إلى الترميم، فيما انتهت عمليات الترميم في مواقع أخرى معطية نتائج جيدة. أوضحت المتحدّثة أنّ مصالحها مكلّفة في الأساس بحماية التراث الثقافي والإشراف على تنفيذ المخطّط الدائم لحفظ القصبة بهدف الحفاظ وحماية وتثمين القيمة التاريخية والعمرانية والمعمارية والجمالية لهذا المعلم العتيق وإعادة تأهيله. كما أكّدت أنّ المخطّط هو بمثابة وثيقة عمرانية تحلّ محلّ مخطّط شغل الأراضي وعليه فكلّ أعمال التجديد والتهيئة الداخلية والخارجية التي تمسّ الممتلكات الواقعة داخل القطاع المحفوظ يجب أن تخضع لموافقة الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة. من جهة أخرى، كشفت السيدة صادقي عن أنّ كلّ الدراسات التي قامت بها الوكالة الوطنية القطاعات المحفوظة انتهت وهي جاهزة في انتظار إطلاق عمليات الترميم، التي تطلقها هيئات أخرى مشرفة، علما أنّ الإشراف العام والمراقبة تبقى من اختصاص ومهام الوكالة، وذكرت المتحدّثة انتهاء الدراسات الخاصة بالدار الحمراء ودار الصوف وقصر أحمد باشا وحسن باشا وحمام سيدنا ودار خداوج العمياء، كذلك الحال مع بعض الدويرات حيث انتهت الدراسات الخاصة بها وأعطت الوكالة الموافقة عليها. وهنا أوضحت السيدة صادقي أنّ المهمة تتمثّل في الرأي التقني المقدّم من خلال الدراسات ثم متابعة الأشغال والمراقبة الميدانية خلال عمليات الترميم، كي لا تقع أيّ تجاوزات أو إخلال بالمخطط الدائم للترميم والحفظ، علما أنّ للقصبة مخطط دائم لابدّ وأن تلتزم به الأشغال ومكاتب الدراسات التقنية والمؤسّسات، وهنا تقول "لحدّ الآن فإنّ كلّ مكاتب الدراسات والمؤسّسات حاضرة بكفاءتها والتزامها بالمخطط". أوضحت المتحدثة أيضا أنّ الوكالة تراقب العديد من الأمور كي لا يقع أيّ تشويه تاريخي يمسّ بأصالة المعلم من ذلك مراقبة الزخرفة مثلا وذلك طبعا وفق تعليمات المختصين والخبراء، وهنا ذكرت أنّه عندما كان مقام سيدي عبد الرحمن يرمّم وأثناء كشط النجارة العثمانية القديمة الخاصة بالأبواب تبيّن أنّ لونها الأصلي لم يكن بنّيا بل كان متعدّد الألوان، فما كان إلاّ أن صحّح ذلك، وطبّقت نفس الألوان الأصلية. وبمناسبة الحديث عن هذا المعلم الشهير المرتبط بتاريخ العاصمة، قالت السيدة صادقي إنّه اكتمل من حيث أشغال الترميم وأصبح بحق تحفة معمارية تسرّ الناظرين، كذلك الحال مع دار البارود، أما قصر الداي وقصر الباي فهي في طريقها إلى الترميم، كذلك مبنى "الإخوة اوسليماني" ومسجد سيدي عبد الله. كما أعلنت كريمة صادقي عن انطلاق مشروع فتح ملحقات للوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بكلّ من المدينة العتيقة لقسنطينة، المدينة العتيقة لدلس، المدينة العتيقة لميلة وتنس بداية مارس 2023، باعتبار أنّ كلّ قطاع محفوظ يستدعي إنشاء ملحقة على مستواه لمتابعة وبرمجة التدخّلات وقد أطلقت لذلك مسابقات التوظيف، علما أنّه تمّ استحداث 27 قطاعا محفوظا على المستوى الوطني منذ سنة 2005، تحت تسيير الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة. قالت المديرة أيضا إنّ الوكالة تقوم بالمرافقة التقنية للمصالح الولائية التي أوكل لها ملف القصبة، علما أنّه يتم أحيانا تسجيل تجاوزات تتعلّق بأشغال غير مرخّصة وغير مطابقة يقوم بها مواطنون بالبنايات القديمة والدويرات (الخواص)، ويقتصر تدخّل الوكالة على تبليغ السلطات المحلية المعنية، ومن جهة أخرى فإنّ هؤلاء الخواص غالبا عندما يسعون لترميم بيوتهم يقدمون ملفاتهم لبلدية القصبة وهي بدورها تحوّلها للوكالة للبث فيها ولإعطاء الرأي التقني. مديرية التجهيزات العمومية لولاية الجزائر: برمجة استلام 33 حصة مرممة في 2023 ❊ عمليات الترميم تسند لمؤسّسات بمهندسين وتقنيين مؤهلين ❊ الأشغال والدراسات والمتابعة جزائرية مائة بالمائة كشفت ممثلة مديرية التجهيزات العمومية لولاية الجزائر المكلّفة بملف ترميم القصبة ل"المساء" عن تفاصيل عمليات الترميم والتأهيل بالقصبة، وتشمل قصورا ومعالم ومباني وغيرها، ضمن نطاق القطاع المحفوظ لقصبة الجزائر، علما أنّه تم تحويل مشاريع ترميم المدينة القديمة القصبة من وزارة الثقافة إلى ولاية الجزائر سنة 2016، لتتكفّل المديرية بمتابعة العمليات. أشارت ممثلة المديرية إلى أنّ العملية ضمّت كمرحلة أولى، "دراسات منجزة وأشغال انطلقت"، وتضمّ الأشغال المنجزة "أشغال تدعيم وترميم مدفع القصبة" و"أشغال ترميم دار جميلة بوحيرد والمنازل المجاورة" و"عمليات أشغال تدعيم وترميم مسجد الداي في القلعة" و"أشغال إعادة تهيئة قنوات صرف المياه القديمة لمقاطعة القصبة، شارع وريدة مداح" و"أشغال ردم شبكة التيار المنخفض لشارع شيخ كناي بالقصبة قبل إقفال الصفقة مع المؤسّسة العمومية". الأشغال التي هي قيد الإنجاز تتعلّق ب"ترميم قصر حسن باشا بنسبة ترميم 60 بالمائة" و"ترميم مسجد البراني بنسبة 50 بالمائة" و"عمليات ترميم المنزل 7 ومكرّر 7 بشارع الإخوة أوسليماني (دار بشطرزي) بنسبة 97 بالمائة" و"عمليات أشغال تدعيم وترميم قصر الداي في القلعة ب65 بالمائة" و"عمليات أشغال تدعيم وترميم قصر البايات في القلعة ب60 بالمائة" و"الأشغال الاستعجالية في إطار تهيئة قصبة الجزائر ب30 بالمائة". بالنسبة للأشغال المبرمجة للاستلام لسنة 2023 هناك 33 حصة (مرحلة ثانية)، وهي 5 حصص تضمّ ترميم مساجد سيدي عبد الله ومسجد السفير ومسجد بن فارس ومسجد سيدي بن علي (أشغال المسجدين الأخيرين تنطلق قريبا) وترميم مسجد سيدي محمد شريف، و4 حصص أخرى تحوي المعالم الكبرى (الشطر الثاني) وهي دار الصدقة ودار الصوف، دار أحمد باشا، دار الحمرة والمقر القديم لدائرة باب الواد (الإعلان عن المناقصة سيكون قريبا)، دار خداوج العمياء وحمام سيدنا. إلى جانب 16 حصة سكنية بها 137 دويرة (الشطر الثالث). أما بالنسبة للأشغال المبرمجة للانطلاق في الدراسة والانجاز سنة 2023، فهي التبانة رقم 5 و4 و3 بقلعة الجزائر ومسجد الانكشاريين بقلعة الجزائر وحديقة التصييف بنفس القلعة ومنتجع النعم بقلعة الجزائر والمساحات البينية الخارجية. وأشارت محدّثة "ّالمساء" إلى أنّ عمليات الترميم تسند لمؤسّسات ومكاتب دراسات بمهندسين وتقنيين مكوّنين في مجال التراث وطبق مقاييس يجب اتباعها وتطبيقها، كما يشترط على المقاولين ومؤسّسات الإنجاز أن يكون لهم خبرة في هذا المجال، وسبق لهم أن عملوا فيه، كما تمّ التأكيد على أنّ الأشغال تجري في أحسن الظروف، علما أنّ العملية تتطلب آجالا طويلة ويدا عاملة مؤهلة رغم قلتها، تتكفّل بالتفاصيل الدقيقة في الترميم، لكن المهم أنّ الدولة أخذت في ذلك الإجراءات اللازمة من خلال التكوين، علما أنّ الأشغال والدراسات والمتابعة اليوم كلّها جزائرية مائة بالمائة، لتبقى الوكالة الوطنية للقطاع المحفوظ من بيدها المصادقة على الدراسات وحضورها في عمليات الترميم كمراقب. للإشارة فقد خصّص غلاف مالي مقداره 24.072.793.000 دج لمتابعة هذه العمليات. طالع أيضا/ * المركب الديني والجنائزي "سيدي عبد الرحمان الثعالبي".. معلم حافل بأحداث التاريخ * "الزاوية العلاوية" بدار السلام بالقصبة السفلى.. فضاء تاريخي يعيد للحي العتيق انتماءه الروحي * الباحث والكاتب نور الدين لوحال يحكي قصته ل"المساء": 23 فيفري ليس موعدا للالتقاء وشرب القهوة * ملتقى الفن والعمران.. مدينة محصّنة حافظت على تميّزها