تحل هذا العام الذكرى الستون لإرسال أول فريق طبي صيني للمساعدات الخارجية، حيث أوفدت الصين على مدار ستة عقود الماضية، قرابة 30 ألف عامل في القطاع الصحي إلى 76 دولة عبر قارات إفريقيا وآسيا وأمريكا وأوروبا وأوقيانوسيا، ساهموا طيلتها في إجراء 290 مليون تشخيص وعلاج للسكان المحليين. ويتمسك عمال الصحة الصينيون في إطار هذه المهمة الإنسانية بشعار "تكريس الذات الدائم والخير بلا حدود"، حيث حرصوا على توريث مهمة الإغاثة بدروع بيضاء من جيل إلى جيل، مما ساهم في بناء مجتمع الصحة المشترك للبشرية. وعرفت الجزائر بعد استعادة استقلالها عام 1962، انسحاب معظم العاملين الأجانب في قطاع الصحة ومعهم معداتهم الطبية، مما جعل الرعاية الصحية في هذا البلد الحديث العهد بالاستقلال تمر بفترة صعبة. قبل أن ترسل الحكومة الصينية عام 1963 أول فريق طبي صيني إلى الجزائر استجابة لطلب الحكومة الجزائرية والذي وصلها يوم 6 إفريل من نفس العام. وقد دأبت السلطات الصينية منذ ذلك التاريخ وعلى مدار السنوات الستين الماضية، على إرسال بعثاتها الطبية إلى الجزائر والتي بلغ عددها 27 دفعة و3522 عون من الفرق الطبية وكلهم ثقة بوطنهم الأم وأكثر تمسكا بروح الإنسانية الدولية، مما جعلهم يتغلبون على مختلف الصعوبات، ويخدمون السكان المحليين بأمانة وإخلاص، وهو ما ساهم بقسط كبير في دعم وتحسين الرعاية الصحية في الجزائر. فقد عمل أعضاء البعثات الطبية الصينية في 12 مستشفى عبر 8 ولايات جزائرية، وقد تحملوا كل المصاعب دون كلل أو ملل، شيمتهم الإخلاص والتفاؤل والإيجابية أمام مختلف التحديات في حياتهم بالجزائر. وكرس الفريق الطبي الصيني، الذي يعد نموذجا في التفاني في العمل رغم بعد أعضائه عن وطنهم الأم، أنفسهم لخدمة الصداقة الصينيةالجزائرية، حيث قدموا مساهمات إيجابية من أجل تحسين صحة السكان المحليين وتعزيز التعاون الطبي والصحي بين جمهورية الصينوالجزائر. وقدم هؤلاء ضمن مهماتهم صورة مثالية لرسالتهم الإنسانية النبيلة وضحوا بحياتهم، حيث فقد ثلاثة منهم أرواحهم أثناء أداء واجبهم ودفنوا في الجزائر. وعندما تفشت جائحة فيروس كورونا في الجزائر، تغلبوا على الصعوبات وأصروا على استقبال المرضى وإجراء العلاج وإنقاذ الأرواح في خط المواجهة مما مكنهم من إكمال مهمتهم ببراعة وشجاعة. أعضاء الفريق الطبي ملائكة يعالجون الأمراض وينقذون الأرواح مارس الفريق الطبي الصيني في الجزائر، مختلف التخصصات من الطب الصيني التقليدي والتوليد وأمراض النساء إلى جراحة العظام وغيرها من العلاجات الطبية، عالج خلالها 27,37 مليون مريض وأشرف على ميلاد 2,07 مليون مولود وإجراء 1,73 مليون عملية جراحية في مختلف التخصصات. ويوجد إلى جانب الفريق الطبي الصيني فريق آخر مكلف بالتبرع بالمعدات وتبادل الخبرات والتكوين المهني. رسل يحملون الحب بلا حدود كان رئيس مجلس الدولة الصيني، الأسبق تشو إنلاي، يقول للفريق الطبي الصيني المرسل إلى الجزائر: "يجب الاهتمام بصحة الشعب الجزائري كما لو كانت صحة الشعب الصيني"، مما جعل الفريق الطبي الصيني يخدم الجزائريين بصدق وإخلاص، سجل خلالها قصصا مؤثرة وحظي بثقة وثناء عامة الشعب الجزائري. وتوسع التعاون الطبي والصحي بين البلدين باستمرار مع إرسال الصين فريقها الطبي إلى الجزائر، وبعد تفشي جائحة فيروس كورونا، أصبح التضامن لمكافحة الجائحة من أبرز نقاط التعاون الطبي الصينيالجزائري. وقد أعرب الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون، عن تضامنه ودعمه لمكافحة الصين للجائحة، حيث كانت الجزائر من أوائل الدول التي قدمت مستلزمات طبية طارئة للصين. كما قدمت الصين للجزائر كمية كبيرة من المستلزمات الطبية وشاركت تجربتها القيمة في مكافحة الجائحة، وأصبحت أول دولة تقدم اللقاحات للجزائر وبكمية كبيرة أيضا، فضلا عن أنها الدولة الوحيدة التي تعاونت مع الجزائر في إنتاج اللقاحات. ويقوم البلدان في هذا السياق على استغلال خط الإنتاج الحالي للقاح المضاد لفيروس كورونا لإنتاج لقاح الأنفلونزا ولقاحات أخرى في الجزائر، ما جعلهما في طليعة التعاون الدولي في هذا المجال. وفي إطار انطلاقة تاريخية جديدة سيعمل الجانب الصيني مع الجانب الجزائري على توسيع التعاون الطبي والصحي، لتقديم مساهمات أكبر في سياق ترسيخ وتوطيد صداقة الشعبين، وتعميق تعاون البلدين ودفع بناء مجتمع الصحة المشترك للبشرية.