احتضن معهد العلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة البليدة "2" (العفرون)، مؤخرا، ملتقى "الزليج، فن معماري. تاريخ حضاري ومرآة للهوية الثقافية الجزائرية"، بمشاركة أساتذة من عدة جامعات. في هذا السياق، قال الدكتور عبد المجيد قاسمي الحسني، رئيس الملتقى، إن التراث جزء أساسي من الهوية الوطنية وتجسيد معنوي ومادي لها، تسعى الشعوب للحفاظ عليه، بما أنه أيضا خزان للذاكرة الجماعية، مضيفا أن الهدف من تنظيم هذا الملتقى حول موضوع الزليج، تقديم مقاربات علمية تبرز خصوصية هذا الموروث الجزائري، الذي قد يكون تمهيدا لتحقيق مشروع البليدة عاصمة الثقافة الأندلسية عام 2025. أما عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، البروفسور رضوان زعموشي، فقد اعتبر أن الزليج له تاريخ ثقافي، سبق وأن تم دراسته في مجالات التاريخ والأنثربولوجيا والهندسة المعمارية، كما نجده في المساجد والحمامات والقصور، باعتباره مرآة تعكس حقيقة المجتمع الجزائري. بينما أشار البرفسور خالد رمول، رئيس الجامعة، إلى تشابك موضوع الزليج في علاقاته مع المعمار والفن والجمال والتراث الثقافي المادي، مشيرا إلى عدم خلو الدور القديمة في البليدة منه. وأضاف أن هذا التراث نابع من دولة الأندلس، ليؤكد في السياق نفسه، أهمية الزليج في تراثنا، وهو الذي أصبح يزين أفخم الفنادق والمطاعم العالمية. من جهته، دعا مدير الثقافة والفنون لولاية البليدة، الدكتور حاج مسحوب، إلى منع تقديم رخص هدم الدور التي بنيت على طراز الفن الإسلامي بالبليدة، مقدما مثالا عن منزل عريق تعرض للتخريب من طرف صاحبه، بحجة بيعه، بعد أن تم رفض منح رخصة الهدم له وسيجد نفسه قريبا أمام العدالة. أما الدكتورة أمال رمادلية، رئيسة اللجنة العلمية للملتقى، فقد عددت أمام الحضور، أهداف تنظيم هذا الملتقى، من بينها إبراز البعد التاريخي لطابع الزليج كتراث معماري جزائري، وتسليط الضوء على الخصوصيات الجمالية لطابع الزليج العمراني الجزائري التي تميزه عن غيره في منطقة شمال إفريقيا. في المقابل، قُدمت خلال الملتقى 24 مداخلة حول الزليج، من بينها مداخلة الدكتور آيت سعدي محمد حسن بعنوان "الزليج تراث معماري"، ذكر في بعضها أن أقدم زليج وجد في تمنراست منذ أكثر من سبعة آلاف سنة، وقد عرف انتشارا بداية من العراق وإيرانثم، انتقل إلى روما وبيزنطة، فالأندلس، ثم الجزائر، مذكرا باهتمام المعلم بوجمعة بتلقين أبجديات هذا الفن في مدرسة فتحها ببجاية، ثم في مدرسة ثانية، وهذه المرة في مراكش المغربية. وتابع المتحدث، أن أهم المدن الجزائرية التي عرفت بفن الزليج، هي تلمسان، تحديدا قصر المشور ومسجد أبو لحسن والمدرسة التشفينية. في المقابل، أكد الدكتور أن جارتنا الغربية اشتهرت أكثر منا بفن الزليج، نظرا لسياسة المستعمر الفرنسي في تحطيم هذا الفن بالجزائر، والذي عاد إلى بهائه بعد الاستقلال، مقدما مثالا بالأستاذ محمد بومهدي، ابن البليدة، ومرجع الخزفيين الجزائريين، وابنه الهاشمي والفنانة لويزة باشا. بدورها، قدمت الأستاذة الدكتورة زكية راجعي مداخلة بعنوان "الزليج، أصوله وانتشاره في بلاد المغرب والأندلس"، فقالت إن الزليج ظهر في تلمسان في القرن 14ميلادي، إلا أنه برز قبل ذلك في قونية بتركيا في القرن الثالث عشر ميلادي، لينتقل إلى بلاد المغرب العربي في نهاية القرن السالف ذكره في تلمسان، وإن لم يكن بنفس التقنية التي اعتمدت في تركيا. وتابعت أن للزليج أصول عراقية فارسية، وقد انتقل من المشرق إلى المغرب العربيين في القرن الحادي عشر، حيث وجد في مدينة القيروان، ثم في قلعة بني حماد فالمغرب.