أكدت المجموعة الإفريقية للاتحاد الدولي للقضاة على احترامها لحرية الصحافة التي لابد أن تتقيد باحترام أخلاقيات المهنة، حيث عبّر بعض القضاة عن رفضهم النطق بأحكام السجن ضد الصحفي بسبب كتاباته "غير أنه لا يمكن التنازل عن تسليط العقوبات كإجراءات ردعية في حال تسجيل تجاوزات من طرف الصحفي أو ما يسمى بجنحة القذف التي يعاقب عليها القانون خاصة إذا تعلق الأمر بالمساس بشخصية وإهانة كرامة الغير". أشار ممثلو النقابة الوطنية للقضاة على أنه لا يمكن التخلي عن تسليط عقوبات ضد الصحفي في حال ارتكابه تجاوزات تمس بكرامة الأشخاص، رغم تشجيع حرية التعبير اذ لا بد من أن يجمع الصحفي بين هذه الحرية والمسؤولية وأخلاقيات المهنة في كتاباته. وفي حديثهم عن العلاقة بين العدالة والصحافة توقف القضاة عند ما أسموه بانزلاقات الصحافة وتأثيراتها السلبية في بعض الأحيان على سير جلسات المحاكمة وما قد ينجر عن الكتابات الصحفية من تأثير حتى على أفكار القاضي، وهو السياق الذي دعوا من خلاله إلى ضرورة إيجاد توازن بين حرية التعبير واحترام قرينة البراءة، بحيث لا يمكن التشهير بالشخص الذي يحاكم إلى حين إثبات إدانته لأن كل شخص يبقى بريئا إلى غاية إثبات التهمة عليه. وفي اجتماعهم ال14 للمجموعة الإفريقية للاتحاد الدولي للقضاة الذي اختتم أمس بالمحكمة العليا بالجزائر والذي تناول موضوع "العلاقة بين الصحافة والقضاء" دعا المتدخلون رجال الصحافة إلى التأكد من الخبر قبل نشره لتفادي الوقوع في الإشاعات التي تغذيها أطراف لها مصالح معينة من خلال البيانات المجهولة المصدر التي تتهاطل على قاعات تحرير الصحف والتي عادة ما تشكل مادة دسمة للنشر تضر بسمعة الأشخاص وتنعكس سلبا على مصداقية الجريدة. وأجمع المتدخلون أيضا على ضرورة تنظيم لقاءات دورية مشتركة بين الصحافة والقضاء لإعلام الصحفيين بالممارسات القضائية واشكاليتها، وإنشاء خلايا اتصال على مستوى المحاكم يشرف عليها قضاة يكونون في اتصال مستمر مع الصحفيين لتزويدهم بالمعلومات التي يبحثون عنها لتفادي المشاكل الناجمة عن غياب الاتصال وانعدام مصادر الخبر التي تفتح الباب أمام الإشاعات، علما أن وزارة العدل قامت بفتح مثل هذه الخلايا على مستوى مجالس القضاء يشرف عليها حاليا نواب عامون مساعدون. كما خلصت توصيات هذا الاجتماع إلى المطالبة بتنظيم دورات تكوينية مستمرة للصحفيين الذين يتابعون قطاع العدالة للسماح لهم بالتخصص في هذا القطاع ومعرفة تطوراته ومصطلحاته. من جهة أخرى ألح القضاة الأفارقة على إلزامية تحسيس كلا من الصحفي والقاضي باحترام أخلاقيات المهنة والتحلي بالمسؤولية في العمل، مع وضع قواعد أخلاقية فعالة تحمي الطرفين وتضبط مهامهما تشرف عليها هيئة مستقلة عن كل التنظيمات السياسية وتوسيعها لعدة أطراف بما فيهم الصحفيين باعتبار أن مهنة الصحفي والقاضي مهنة متكاملة الهدف منها البحث عن الحقيقة ومحاربة الجريمة.