انتشرت في الآونة الأخيرة، ظاهرة اجتماعية خطيرة، تتمثل في "التسول الإلكتروني"، الذي يعد مصطلحا جديدا للتسول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بات البعض يستغل هذه الفسحة من أجل استمالة شفقة رواد هذا الفضاء، من خلال سرد قصص تثير رأفة القلوب الحساسة، والتي يستعملها البعض للنصب والاحتيال، وما انجر عنه أيضا، مصطلح آخر حول "مافيا التسول الإلكتروني". يبدو أن هذه الظاهرة أخذت أبعادا، من الصعب التحكم فيها، نظرا لسهولة ولوج بعض المحتالين لتلك المواقع وتجربة حظهم، من خلال سرد قصص، بعضها قريب من الخيال، يحاول أصحابها بكل الطرق استمالة رحمة من هم وراء الشاشة، لاسيما من يملكون فضول قراءة التعليقات وتصفحها دون ملل أو كلل، ليجد البعض الآخر فرصة في وضع منشور خاص لذلك، عبر بعض الصفحات التي تجمع ملايين المتابعين، بالأخص عبر مواقع التواصل "الفايسبوك" و"الانستغرام"، وحتى موقع "اليوتيوب"، الذي يعد واحد من أكثر المواقع تصفحا عبر العالم. ومن منا لم يصادفه يوما، أحد تلك المنشورات أو التعليقات، التي تشعرك بالشفقة وتثير الرغبة في المساعدة، والتعاطف، مع من ذكر سوء حل به أو وضعية صعبة يعيشها أو حالة اجتماعية حرجة يواجهها، وما اختلفت تلك القصص التي تبدو في عمومها أنها مجرد خواطر ورغبة في كسب نصائح، إلا أنها تحمل في طياتها، نوعا من محاولة إثارة تعاطف قارئيها بأية وسيلة كانت. في هذا الخصوص، حدثتنا سميرة أوزربي، مختصة اجتماعية قائلة: "حقيقة انتشر هذا الأمر في مجتمعنا بصورة غير سابقة، حيث بات البعض يستغل تعاطف الناس، من خلال سرد قصص، البعض منها مجدر كذب، تحديدا من طرف أولئك المجهولين، الذين يبثون هذا النوع من المنشورات والتعليقات على مواقع التواصل"، مشيرة إلى أن "البعض اكتسب التجربة في ذلك، وباتو من المحتالين الموهوبين في هذا النوع من العمليات". وأكدت في حديثها أن "المشرع الجزائري يحارب هذا النوع من الاحتيال على المواطنين، إلا أن البعض من تلك العمليات بسيطة، وتتم عبر محاولات بسيطة وقريبة إلى التافهة، إلا أنها تساهم في زعزعة أخلاقيات المجتمع ومبادئه وتكسر أيضا الثقة بين أفراد المجتمع، وتغيب الرغبة في مساعدة الغير الذي يكون حقا محتاجا، لاسيما إذا سبق وأن عاش شخص أحد محاولات الاحتيال أو كان ضحيتها". أكدت المتحدثة، أن هذا النوع من الاحتيال عبر حسابات وهمية، أصبح فنا يمارسه البعض، ممن وجدوا سهولة في الأمر، خصوصا أنهم مجهولو الهوية ويمكنهم كسب المال دون أي معاناة. وشددت المتحدثة، على أن هذا التسول الإلكتروني، لا يختلف أبدا عن الصورة التقليدية للتسول القائم عن الخداع والتحايل، لمحاولة استمالة تعاطف الناس وكسب المال بطريقة غير شرعية وبدون حق، بل هضم حق من يحتاج إليه حقا، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة انتشرت خلال جائحة "كورونا"، حيث اكتسب هؤلاء الخبرة في استعمال تلك السبل، للوصول إلى مبتغاهم، وقالت الخبيرة الاجتماعية: "المخيف في الأمر، أن هذا يزعزع الحد الفاصل بين المتسولين المتحايلين والمحتاجين الحقيقيين". وفي الأخير، أكدت سميرة أوزربي، على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من الصفحات ذات الحسابات المجهولة، وعدم الوقوع ضحية في فخ هؤلاء المحتالين، مشيرة إلى أهمية التحقيق في هوية من نريد مساعدته، خصوصا إذا لم يكن من المقربين.