شهد تاريخ 4 أوت من سنة 1962، تحويل تسمية جيش التحرير الوطني الى الجيش الوطني الشعبي، مرسخا بذلك المبادئ العليا التي يقوم عليها صمام أمن الوطن، من إخلاص ووفاء وتفان في خدمة الأمة، والدفاع عن سيادتها والحفاظ على وحدتها الترابية من أي محاولة اعتداء. يعد الجيش الوطني الشعبي أحد أعمدة الأمة وصمام أمانها، وُلد من رحم ثورة مباركة قهرت أعتى الجيوش الإمبريالية منتصف القرن الماضي. ثورة استند رجالها عند انطلاقهم في تحرير الوطن من المحتل الغاصب على مبادئ إنسانية عالية، ومبادئ قوامها الإخلاص للوطن والتفاني في خدمته وخدمة الأمة. مبادئ نقلت بالفكر والممارسة جيلا بعد جيل إلى أشبال الثورة، وإلى جميع أفراد الجيش بمختلف رتبه، لتنقل إلى أشبال الأمة المهيئين لإدارة جيش بحجم جيش الجزائر. الجيش الوطني الشعبي صاحب الثقة المكتسبة من مواقفه المترسخة في جذوره منذ نشأته، يعرف كيف يتعامل مع الصديق والعدو، وهو متمسك بمبادئ سامية راسخة في عقيدته العسكرية، هدفه الأسمى الأول والأخير، تقوية صفوفه وتوسيع معارفه والدفاع عن سيادة الوطن، و تأمين الحدود الجوية والبرية والبحرية لصد أية محاولة دنيئة قد تمس لا قدّر الله بأرضه الطاهرة. والجيش الوطني الشعبي هو ابن الشعب الذي دعم صفوفه بعد الاستقلال بجيل تلقى تكوينا عسكريا في أكبر المدارس الحربية في العالم في مختلف المجالات ذات الصلة، لإدارة المؤسسة العسكرية الجزائرية، مجهزين بمعارف أكاديمية وتخصصات علمية جعلته في مواكبة دائمة للتطورات العلمية والتكنولوجية في مختلف المجالات. والجيش الشعبي الوطني هو كذلك مدرسة يتخرج منها مئات الشبان سنويا في إطار الخدمة الوطنية، وبقدر ما يعد الأمر تكوينا لجيش احتياطي فهو أيضا تكوينا اجتماعيا وتربويا، ساعد ويساعد داخلي هذه المدرسة على إدارة حياتهم بكل كفاءة، وذلك باعتراف الكثير من عائلاتهم التي وجدت في أبنائها الانضباط والشعور بالمسؤولية والاعتماد على النفس وأمور إيجابية أخرى، ركزت فيهم الصلاح والايجابية في إدارة شؤون حياتهم الخاصة. والجيش الوطني الشعبي يتخذ من التكوين المتواصل أداة لدعم هياكله، وهو يستقبل في هذا الإطار نجباء الوطن للالتحاق بمدارس أشبال الأمة من مختلف ربوع الوطن، وهدفه في ذلك تخريج إطارات من الطراز العالي في مختلف التخصصات التقنية والتكنولوجية والعلوم التطبيقية، وتكنولوجيات الإعلام والاتصال وحتى اللغات وتخصصات أخرى تواكب التطورات الحاصلة في العالم. يواجه أفراد الجيش الوطني الشعبي، الأهوال لنجدة المواطنين في أحلك الظروف منها الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وثلوج، التي كثيرا ما تحاصر الأفراد والجماعات في أعالي الجبال والمسالك الوعرة، فتجد أفراد الجيش يندفعون بصدورهم لنجدة المحاصرين ويدفعون أرواحهم الغالية الطاهرة ثمنا لتفانيهم في خدمة المواطن، وآخر ما تم تسجيله استشهاد عشرة عسكريين رحمهم الله خلال تدخلهم لإخماد الحرائق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح فكانت أرواحهم ثمنا لذلك. وهو الذي أنقذ البلاد والعباد من ويلات الإرهاب، ولا يزال يحارب بقاياه ويدرأ خطره من كل جانب ولا يزال يسقط في سبيل ذلك أفراد من الجيش الوطني الشعبي البواسل في سبيل أن تحيا الجزائر... فتحيّة عرفان لجيشنا المغوار.