يعقد رؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، اجتماعا اليوم، بعاصمة غانا أكرا، لبحث مسألة تفعيل "القوة الاحتياطية" التي أقرها قادة المجموعة الإقليمية، في قمتهم الاستثنائية التي عقدوها قبل يومين في أبوجا النيجيرية، من أجل استعادة النظام الدستوري في النيجر. يأتي هذا الاجتماع بعد منح رؤساء وقادة الدول الأعضاء في (الايكواس)، الضوء الأخضر لتفعيل مثل هذه القوة كخيار أخير تلجأ إليه المجموعة الإقليمية في حال رفض قادة الإنقلاب العدول عن قرارهم، بما يؤكد أن خيار التدخل العسكري لا يزال قائما بكل ما تحمله مثل هذه المقامرة من عواقب وتبعات وخيمة لن تزيد المنطقة إلا توترا واضطرابا. وحتى وإن كانت (الايكواس) منحت الأولوية في اجتماع قمتها الطارئ أول أمس، بالعاصمة النيجيرية، للحل الدبلوماسي وتركت خيار القوة كملاذ أخير يمكن اللجوء إليه، إلا أنها قررت تفعيل "قوة احتياطية" من المحتمل أن تستخدم لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، في قرار أكده رئيس مفوضية (الإيكواس) عمر تواري. وقال الرئيس النيجيري، بولا تينوبو، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للايكواس في ختام قمة الخميس، إن المجموعة "تمنح أولوية للمفاوضات الدبلوماسية والحوار كأساس لنهجنا"، لكنه أضاف أنها "لم تستبعد أي خيار بما في ذلك استخدام القوة كملاذ أخير". وكان رئيس ساحل العاج، الحسن واتارا، قد أكد من جهته أن قادة المنظمة الإقليمية أعطوا الضوء الأخضر لعملية عسكرية "تبدأ في أقرب وقت ممكن" لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، حيث تولى عسكريون السلطة قبل أسبوعين. وأضاف وتارا، أن "رؤساء الأركان سيعقدون مؤتمرات أخرى لضبط التفاصيل لكنهم حصلوا على موافقة مؤتمر قادة الدول لبدء العملية في أقرب وقت ممكن"، متعهدا بإرسال ما بين 850 إلى 1100 جندي ستكون بحسبه مدعومة بقوات من نيجريا والبنين. والاحتمال الأبرز في هذه الحالة أن تكون هذه القوة العسكرية التي تدفع دول بداخل (الايكواس) لإرسالها إلى النيجر مدعومة أيضا بالقوات الفرنسية المنتشرة في المنطقة والبالغ تعدادها ب1500 جندي والتي كانت طردت من مالي، ثم من بوركينافاسو في إطار عملية "برخان" التي فشلت في مكافحة الإرهاب واضطرت باريس مرغمة لا مخيرة لإنهاء مهمتها. ويبقى مثل هذا الاحتمال أقرب إلى الواقع باعتبار أن فرنسا تعد من بين أكثر الأطراف تحمسا لاستخدام القوة في النيجر، وجددت "دعمها الكامل لكل القرارات" التي تبنّتها قمة قادة (الإيكواس) بشأن النيجر ومنها نشر "القوة الاحتياطية" للمنظمة لاستعادة النظام الدستوري. كما جددت "إدانتها الشديدة" لما تزال تصفه ب«محاولة الإنقلاب الجارية في النيجر" وكذلك احتجاز الرئيس محمد بازوم وعائلته. وبالنظر إلى موقف قادة الإنقلاب من التدخل العسكري الذي ترفضه عدة دول خاصة جوار النيجر مثل الجزائر والتشاد وماليوبوركينافاسو اللتان اعتبرتا أن خطوة من هذا القبيل معناه إعلان الحرب عليهما أيضا، فقد صعد ذلك المخاوف لدى عدة جهات حول ظروف اعتقال الرئيس بازوم ومصيره. وفي هذا السياق عبّر الاتحاد الأوروبي، عن بالغ قلقه إزاء "تدهور ظروف" اعتقال بازوم رفقة زوجته ونجله، حيث قال ممثله بالسياسة الخارجية ، جوزيب بوريل، إن الرئيس بازوم وعائلته "حسب آخر المعلومات محرومون من الطعام والكهرباء والرعاية لعدة أيام"، مضيفا أنه "لا داعي لتبرير مثل هذه المعاملة". نفس الشعور بالقلق عبّر عنه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، الذي قال إن الرئيس بازوم "في حالة جيدة لكن الظروف جد صعبة"، في حين منظمة "هيومن رايتس واتش" التي تمكنت من لقاء الرئيس المحتجز، فقد وصفت معاملة زوجته بأنها "غير إنسانية وفظة"، مشيرة إلى أن مكان احتجازها لا يتوفر على الكهرباء منذ الثاني أوت الجاري، ولا تجري أي اتصال منذ أسبوع، والمفارقة أنه في الوقت الذي تقرع فيه (الايكواس) طبول الحرب في النيجر يصر قادة الإنقلاب على التمسك بموقفهم، وهم الذين أعلنوا عن تشكيل حكومة جديدة تضم 21 وزيرا منهم مدنيون ويترأسها رئيس وزراء مدني، في حين أوكلت الحقائب الوزارية السيادية على غرار الدفاع والداخلية إلى العسكر.