❊ تحقيق الجزائر لأمنها المائي يعزّز قدراتها التفاوضية إقليميا ودوليا ❊ استباق الحلول للمشكلة المائية المرتقبة دليل على إدراك الجزائر الجديدة للتحديات المقبلة ❊ إشراك عدة قطاعات في مسألة الأمن المائي يعطيها شمولية في الرؤية وبعدا استراتيجيا اعتبر أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة البليدة 2 حكيم بوحرب، أن التزامات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، فيما يخص مسألة تأمين الموارد المائية تتجسد يوما بعد يوم، ضمن مخطط الجزائر الجديدة الاستراتيجي، لمواجهة شحّ الأمطار والتغيرات المناخية، والتي تهدف أساسا إلى تلبية احتياجات الساكنة من الماء الشروب عن طريق تحلية مياه البحر. أوضح الأستاذ بوحرب في اتصال مع "المساء"، أن الرئيس قدم التزامات بضمان الأمن الصحي والغذائي والمائي للجزائريين، والتي أصبحت واقعا ملموسا، خاصة فيما يخص موضوع الأمن المائي، مشيرا إلى أنه فاعل رئيسي في تحقيق الأمن الغذائي خاصة في ظل التغيرات المناخية التي يعرفها العالم والجزائر، وشحّ المياه وتحدي الجفاف، وهو الأمر الذي أصبح يمثل انشغالا وطنيا استراتيجيا بالنسبة للجزائر. وأبرز الخبر الاقتصادي، أن القرارات والتوجيهات المتخذة على مستوى مجالس الوزراء المتعاقبة، تهدف إلى تلبية الحاجات المائية الراهنة ومواجهة المتطلبات المائية المستقبلية، والحفاظ على هذه الثروة الطبيعية المهمة، مع اتباع قواعد الحوكمة المائية، والاستغلال العقلاني للمياه الجوفية، والحفاظ على المياه السطحية، ومكافحة التلوث، والحدّ من ظواهر التبذير والإسراف، مع اللجوء إلى المصادر غير التقليدية لتوفير المياه الصالحة للشرب والسقي، كتحلية مياه البحر واستغلال الشريط الساحلي، وتطوير نظام السقي ومعالجة المياه المستعملة. وأشار المتحدث، إلى أن الرئيس اتخذ عدة قرارات هامة من أجل ضمان المياه للمواطنين، ودفع عجلة الاقتصاد، حيث تقرّر استحداث وكالة مستقلة لتحلية مياه البحر في إطار مساعيه لتحقيق الأمن المائي ومواجهة خطر الجفاف والتغيرات المناخية، مع العمل على تدعيم القدرات الوطنية في إنتاج المياه قصد توفير الأمن المائي، في اطار تنفيذ السياسة الوطنية في مجال تحلية المياه. وقال بوحرب، إن دخول خمس محطات جديدة لتحلية مياه البحر السنة القادمة حيز الخدمة، يؤكد توجه الجزائر الجديدة وحرص قيادتها على تلبية حاجيات الساكنة وحفظ حقوقهم بالشكل الذي يدعم التوجه العام الذي مفاده استدامة حفظ كرامة الجزائري التي ألحّ عليها الرئيس أكثر من مرة. وأوضح أستاذ المالية بجامعة البليدة، أن اهتمام رئيس الجمهورية بمشكلة المياه، هو تحصيل حاصل للاهتمام المتزايد بآثار التغير المناخي الذي تعيشه الجزائر في السنوات الأخيرة، إلى جانب مختلف دول العالم، والذي تسبب في تراجع منسوب مياه الأمطار، وقلة تجمعها في السدود والأنهار، وعليه يتم اليوم التركيز على البدائل والثروات الاستراتيجية المتاحة، لتوفير المياه الصالحة للشرب أو الموجهة للري الفلاحي، من خلال الاعتماد على تقنيات تصفية المياه المستعملة وإعادة استغلالها في الري الفلاحي، واستحداث مؤسسات ناشئة في هذا المجال للاستناد عليها، في مسار تطوير آليات استعمال هذه المياه بالشكل الصحيح والفعال. وأضاف أن الرئيس، ركز على تعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل الشريط الساحلي، علاوة على المنح المدروس لتراخيص استغلال المياه الجوفية من أجل المحافظة عليها، وتوفيرها للأجيال القادمة، ناهيك عن تفعيل دور شرطة المياه، مشيرا إلى أن كل هذه الإجراءات تترجم الأهمية الكبيرة التي يوليها لمسألة الأمن المائي من خلال تكريس طرق ترشيد استهلاكها والمحافظة عليها، ضمن رؤية استشرافية اقتصادية واجتماعية تتماشى مع استراتيجية الجزائر الجديدة. وفي ذات السياق، يرى الدكتور بوحرب، أن التركيز والإلحاح على الأمن المائي، من خلال استباق الحلول للمشكلة المائية المرتقبة في حال استمرار الظروف المناخية على ما هي عليه، دليل على أن القاضي الأول للبلاد، يدرك الأخطار الناجمة عن ندرة المياه وانعكاساتها التي يمكن أن تؤثر على مختلف مشاريع التنمية، موضحا أن التعامل بهذه النظرة الاستباقية مع مسألة الأمن المائي، من خلال إشراك عدة قطاعات، على غرار البحث العلمي والتكوين المهني وكذا قطاع المؤسسات الناشئة، يوحي بشمولية الرؤية في التعاطي مع هذا البعد الأمني الاستراتيجي. وتطرق الأستاذ إلى أهمية تحقيق الجزائر لأمنها المائي، الذي من شأنه تعزيز قدرتها التفاوضية وفرض سياستها وأجندتها على المستويين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن البنك الدولي حذر في آخر تقاريره من حدوث أزمة مياه في العالم، لتبقى قضية توفيرها أحد الهواجس الكبرى نظرا لأهميتها الاقتصادية وأبعادها الجيو السياسية، حيث باتت مصادر المياه نقطة تجاذب بين مختلف الدول وخلقت وضعا أطلق عليه تسمية "حرب المياه"، التي حولتها إلى سلعة استراتيجية رئيسية، تؤثر على اقتصاديات العالم ووجودها.