يعد الشهيد مختار كريتلي المعروف ب"سي بن يوسف" ابن مدينة الصومعة بشرق البليدة من بين أبرز الشهداء و المجاهدين الذين شكلوا الدرع الحامي للثورة التحريرية بمنطقة المتيجة، حيث لعب دورا فعالا في التحضير لها و ضمان استمرارها، حسب شهادات تحتفظ بها مديرية المجاهدين وذوي الحقوق. وحسب وثائق من المديرية عشية ذكرى استشهاده يوم 18 أوت 1956، يعتبر الشهيد مختار كريتلي المولود يوم 19 أفريل 1921 بالصومعة رمزا للثورة بمنطقة المتيجة، حيث لعب دورا هاما في التحضير لها و تجنيد المواطنين للانخراط في صفوف جيش التحرير الوطني. وكان الشهيد سي بن يوسف في شبابه مشبعا بأفكار تحررية و روح وطنية عالية و انخرط في حزب الشعب ووهب له كل ما يملك إيمانا منه بعدالة قضية شعبه في استرجاع حريته و التخلص من بطش المستعمر. وقد شارك في الإعداد للثورة ولاندلاعها في الفاتح من شهر نوفمبر 1954 سواء من خلال المشاركة في الاجتماعات السرية التي سبقت الإعلان عن اندلاعها، أو من خلال تحضير مركز صناعة البارود و القنابل و المتفجرات. وحسب نفس المصدر، اكتسب الشهيد مختار كريتلي سمعة على المستوى الوطني لكثرة المظاهرات و الاجتماعات التي كان ينظمها لتجنيد المواطنين و حثهم على تدعيم صفوف جيش التحرير الوطني على غرار اجتماع سيدي المهدي سنة 1950 واجتماع قرواو سنة 1951 وادي الخميس سنة 1952. وقد أنشأ أول فرقة للكشافة الإسلامية الجزائرية بالولاية، متحديا قوانين وجبروت المستعمر الفرنسي، وشكلت هذه الفرقة أهم مصادر تدعيم الثورة بالكفاءات. وقبيل اندلاع الثورة التحريرية كان الشهيد سي بن يوسف مسؤول التنظيم بالمتيجة حيث قام بتأسيس أولى كتائب الجهاد وأفواج الفداء بالولاية وضواحيها فكان يعمل على تجنيد الرجال وتنظيمهم وتكوينهم حتى أصبحوا فيما بعد من قادة الثورة. ولعب الشهيد مختار كريتلي دورا هاما في استمرارية الثورة التحريرية بمنطقة المتيجة خاصة عقب الاعتقالات التي طالت العديد من المجاهدين. وبالرغم من أنه تصدر قائمة الأسماء المبحوث عنهم من طرف السلطات الاستعمارية عند اندلاع الثورة، غير أنه تمكن بفضل يقظته المستمرة من النجاة بأعجوبة من قبضة الشرطة الفرنسية. وأكد المناضل عمر عزي في شهادة أدلى بها للمجاهد محفوظ سليمان ضمن سلسلة كتب "أبطال البليدة، تبعا لشهادات رفقاء الكفاح و عائلات الشهداء" أن سي بن يوسف أشرف على تنظيم العمليات الأولى لاندلاع الثورة ليلة الفاتح نوفمبر 1954 حيث شارك في الفوج الذي قام بالهجوم على المجمع الهاتفي ببوفاريك. ومن بين الزعماء الذين كانوا تحت قيادته خلال فترة الثورة التحريرية بوجمعة سويداني و سي زبير وبوعلام نمديل وحسين دودو وعلي برزالي و لي بن قربان وبوعلام قانون ومحمد ملاح ومصطفى سي جحا، وفقا لنفس المرجع التاريخي. وبعد مسيرة نضالية حافلة بالانتصارات، استشهد مختار يوم 18 أوت 1956 أثناء توجهه من المتيجة نحو منطقة السباغنية الواقعة نواحي حمام ملوان (شرق) للمشاركة في مؤتمر الصومام، أين باغتته القوات الفرنسية لتفقد المنطقة أحد أهم قادتها الذين كان لهم الفضل الكبير في نشر الثورة وتدعيمها بالمتيجة. ولتخليد ذكرى هذا البطل الذي يعد رمز من رموز الثورة بالمنطقة، أطلقت السلطات المحلية اسمه على أحد أكبر شوارع مدينة الورود و على العديد من المؤسسات التربوية و الرياضية والأحياء السكنية، بالإضافة إلى تشييد نصب تذكاري له بقرواو تخليدا لروحه الطاهرة.