توج اللقاء المنعقد بالعاصمة المالية باماكو بين فرقاء الأزمة في هذا البلد برعاية جزائرية بالاتفاق على الشروع في تنفيذ برنامج إعادة الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لشباب منطقة كيدال قبل نهاية الشهر الجاري، وبهذه المناسبة وجه الرئيس المالي السيد امادو توماني توري رسالة عرفان إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للجهود التي تبذلها الجزائر لإنهاء الأزمة. جمعت الجزائر مرة أخرى وبصفتها المسهل في عملية السلام التي انطلق في تنفيذها منذ عام 2006 طرفي النزاع الحكومة وحركة التغيير من أجل الديمقراطية 23 ماي في لقاء انعقد لأول مرة بالعاصمة باماكو، وخصص لدراسة طرق استكمال تنفيذ بنود الاتفاق بعد سنة كاملة من انعقاد لقاء مماثل سمح للجانبين بتقييم ما تم الاتفاق عليه. وذكرت مصادر دبلوماسية على صلة بالملف أن الاجتماع الذي ضم وزير الإدارة المحلية المالي الجنرال كافوغونا كوني وممثلي حركة التمرد والسفير الجزائري بمالي السيد عبد الكريم غريب، بتسجيل تقدم في تطبيق بنود اتفاق الجزائر لعام 2006، وحدد المشاركون نهاية الشهر الجاري كأجل لإطلاق برنامج إعادة إدماج شباب شمال مالي. وأوضح المصدر أن فرقاء الأزمة أوصوا "بتزويد" الوكالة من أجل تنمية مناطق شمال مالي بموارد بشرية ذات نوعية من شأنها ممارسة مهامها بشكل جيد لدى السكان والحكومة والشركاء التقنيين والماليين. وبخصوص الوحدات الخاصة بالأمن قرروا جعلها "عملياتية في أقرب الآجال". أما فيما يتعلق بالمجلس الجهوي المؤقت للتنسيق والمتابعة فأوصت الأطراف بأن تتكفل "بنجاعة" السلطة الإدارية والسياسية الموجودة بالمهام الموكلة للمجلس المذكور. وبخصوص هياكل تطبيق اتفاقيات الجزائر دعا هؤلاء "إلى إعادة النظر" في حجم هذه الأخيرة و"التفكير" في وضع "مجموعة صغيرة" للمتابعة بباماكو مع الشروع في تنصيب وحدات خاصة وإطلاق برنامج إعادة إدماج الشباب. أما فيما يخص تمويل برنامج إعادة إدماج الشباب والبرنامج العشري لتنمية مناطق الشمال فقد وجهوا نداء لمانحي الأموال من أجل دعم هذه العملية الخاصة بإعادة إدماج الشباب وعمليات تنمية هذه المناطق في إطار إعادة الإدماج والالتزامات المتخذة خلال منتدى كيدال. وكشفت مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء الفرنسية أنه تقرر تخصيص 1.5 مليون أورو كمرحلة أولى لدفع عجلة التنمية بالمنطقة. وعبر الرئيس المالي السيد امادو تومانو توري في رسالة موجهة إلى المشاركين في الاجتماع عن ارتياحه لالتزام وتمسك حركة التمرد بمسار السلام. كما وجه تحية خالصة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة "للاهتمام" الذي طالما أولاه للسلم والأمن في مالي، وحيا مرافقة الجزائر لمسعى استتباب السلم بمنطقة كيدال. وفي هذا السياق أبلغ سفير الجزائر بمالي السيد عبد الكريم غريب المشاركين في الاجتماع "تحيات" و"تهاني" السلطات العليا الجزائرية وأعرب "عن الارتياح الكبير لتحسن الوضعية التي سمحت بعقد هذا اللقاء". ولم يخل اللقاء من إثارة ملف النشاط الإرهابي في المنطقة، حيث تم الحرص على إبراز أهمية تنسيق الجهود بغرض مكافحة تنامي النشاط الإرهابي الذي أصبح يشكل تهديدا حقيقيا لأمن منطقة الساحل ككل وبرز ذلك مؤخرا بعد عمليات الاختطاف التي تعرض لها سياح أجانب، وإقدام الجماعات الإرهابية شهر أفريل الماضي على اغتيال رعية بريطانية اختطفت في 22 جانفي الماضي، وأفرجت عن رعية سويسرية مؤخرا، وأحدثت عملية الإفراج رد فعل مستنكر من الاتحاد الإفريقي كون الإفراج تم مقابل دفع فدية قدرتها أوساط إعلامية ما بين 3 و5 ملايين أورو، وسبق للاتحاد أن بادر بلائحة تدعو جميع الدول تحاشي دفع الفدية للإرهابيين لأن ذلك سيؤثر على جهود حكومات دول الساحل الإفريقي في مكافحة الجماعات الإرهابية بالمنطقة. ولتنسيق جهود محاربة الإرهاب التزم ممثلو حركة التمرد الذين شاركوا في الاجتماع بضم جهودهم إلى جهود الحكومة المالية في اقتفاء أثار العناصر الإرهابية، وأكدوا أن محاربة العناصر الإرهابية تشكل أولوية بالنسبة للتحالف الديمقراطي من أجل التغيير 23 ماي. ولقي الموقف المعبر عنه من طرف ممثلي حركة التمرد استحسانا من طرف الحكومة المالية، التي أكدت أن تكاثف الجهود بينهما سيساهم في القضاء على العناصر الإرهابية الناشطة بالمنطقة. ويأتي الحديث عن مشاركة التحالف الديمقراطي من أجل التغيير في مكافحة العناصر الإرهابية في منطقة الساحل في وقت نقلت فيه وسائل إعلام حكومية مالية عن الرئيس امادو توماني توري قوله أن بلاده وليبيا والجزائر تنسق جهودها في ملاحقة العناصر الإرهابية بمنطقة الساحل الإفريقي. وذكرت صحيفة "ليسور" الحكومية تأكيد الرئيس المالي أن قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة مؤخرا بسرت الليبية سمحت لرؤساء الدول الثلاثة بتأكيد استعدادهم لوضع جميع الإمكانيات المادية واللوجيستية لمحاربة العناصر الإرهابية في المنطقة.