❊ الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن ودعم الاستثمار ❊ تجسيد نمط فعّال لحوكمة جديدة يقوم على عقلنة تسيير الموارد ❊ تسهيل الإجراءات الجبائية وتشجيع المقاولاتية وتعميم الرقمنة ❊ تعزيز إرادة الإصلاح لتكون شاملة وفعّالة في مختلف القطاعات وقّع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أمس، على قانون المالية لسنة 2024 بمقر رئاسة الجمهورية بحضور كل من رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، الوزير الأول نذير العرباوي، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، فضلا عن كبار المسؤولين في الدولة وفق بيان الرئاسة. حرص الرئيس تبون على أن يولي القانون الذي صوّت عليه البرلمان في بداية الشهر الجاري، أهمية كبيرة للجانب الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين بالأساليب المتاحة، مع الأخذ بعين الاعتبار التوازنات المالية، مشدّدا على ضرورة إدراج الزيادات في الأجور التي تم إقرارها خلال اجتماعات سابقة لمجلس الوزراء منذ عام 2022 بهدف الوصول إلى تنفيذ الالتزام القاضي ببلوغ زيادات تصل إلى 47% في العام القادم، مع احتساب الأثر المالي المترتب عن مراجعة القوانين الأساسية لقطاعات الصحة والتربية والتعليم العالي. وتؤكد مضامين القانون على استمرار توجّه الجزائر نحو دعم الشق الاجتماعي الذي لم تتنازل عنه منذ الاستقلال، والذي يبرز أيضا في المنحة الجزافية التي تخص فئات هشة نظرا لمعاناتها خلال السنوات السابقة بسب ارتفاع معدلات التضخم والأسعار وقلة المداخيل. كما يتضمن القانون إلغاء الضريبة على النشاط المهني وتقليص الضريبة على القيمة المضافة إلى أقصى حد على إنتاج الدواجن، كما يطبق نفس الإجراء على المواد الغذائية المستوردة بصفة عامة. وتشمل التدابير أيضا منح المشاريع الاستثمارية المهيكلة، المموّلة بقرض من الخزينة، إمكانية الاستفادة من شروط تمويلية خاصة، فضلا عن بعض المزايا الجبائية المقترحة لفائدة بعض الانشطة مثل إعفاء عمليات إعادة التأمين وإعادة التأمين التكافلي من الرسم على القيمة المضافة وإعفاء رقم الأعمال المحقق من أنشطة جمع وبيع الحليب الطازج من الضريبة الجزافية الوحيدة وتوسيع مجال تطبيق المعدل المخفض للرسم على القيمة المضافة المقدر ب9% . وأدرج القانون إعادة فتح حساب التخصيص الخاص "الصندوق الخاص لترقية الصادرات" بهدف تشجيع الصادرات خارج قطاع المحروقات وفقا لتوجيهات رئيس الجمهورية. كما تضمن تدابير لتشجيع المقاولاتية والمؤسسات الناشئة، منها تخفيض معدل الضريبة الجزافية الوحيدة المطبق على الأنشطة الممارسة تحت النظام القانوني للمقاول الذاتي، من 5 إلى 0,5%. وفي الشق الاجتماعي، يتضمن المشروع تأسيس منحة جزافية للتضامن تمنح للفئات الاجتماعية، بدون دخل، لاسيما أرباب العائلات والعائلات والأشخاص، والأشخاص البالغين الذين تفوق أعمارهم 60 سنة، وكذا الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين يستوفون شروطا تحدّد عن طريق التنظيم. ويؤسّس النص لحساب تخصيص خاص عنوانه "صندوق النفقة"، تدفع الدولة عن طريقه مقابل النفقة المحكوم بها للمستفيدين منها، وتتولى وزارة العدل تحصيل هذه المبالغ من المدينين بها وفقا لآليات خاصة. أما في مجال السكن، فقد منح قانون المالية الجديد تخفيضا ب10%، يحسب على أساس الإيجار المتبقي المستحق الدفع، لصالح المستفيدين من السكنات في إطار برامج البيع بالإيجار "عدل" الذين دفعوا 25% من ثمن السكن والذين يرغبون في تسديد المتبقي من تكاليف سكناتهم قبل الموعد المحدد. كما مدد النص الأجل الممنوح لشاغلي المساكن العمومية الايجارية (السكن الاجتماعي) الراغبين في الحصول على مساكنهم، لتقديم طلبات الشراء الخاصة بهم، إلى غاية 31 ديسمبر 2025 بدلا من31 جويلية 2023. وكان رئيس الجمهورية قد أمر خلال مصادقة مجلس الوزراء على القانون يوم 25 أكتوبر الماضي بتسجيل إنجاز 250 ألف وحدة سكنية جديدة، 100 ألف منها بصيغة السكن الاجتماعي الإيجاري و150 ألف بصيغة الإعانات الريفية، تكملة لالتزامه بإنجاز مليون وحدة سكنية ما بين 2020-2024. ويؤكد قانون المالية على ضرورة تعزيز إرادة الإصلاح لتكون شاملة وفعالة في مختلف القطاعات، وإبراز التوجهات الاقتصادية العامة،التي من شأنها إعطاء دفع لعجلة التنمية المحلية والوطنية، خاصة وأن القانون يحمل أكبر ميزانية في تاريخ الجزائر. وتم إعداد القانون تم في إطار تنفيذ التأطير الميزانياتي متوسط المدى (2024-2026)، حيث يتوقع إيرادات ب 9105,3 مليار دينار في 2024، بينها 2512,3 مليار دينار كإيرادات للجباية البترولية، أما النفقات فستبلغ 15292,74 مليار دينار كرخصة التزام و15275,28 مليار دينار كاعتمادات دفع. كما يتوقع القانون نموا اقتصاديا ب2,4% للسنة القادمة، مدفوعا بأداء جميع القطاعات، فيما ينتظر أن ينتعش قطاع المحروقات، لاسيما بفضل ارتفاع صادرات الغاز. وقد أعد النص على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط ب60 دولارا خلال الفترة 2024-2026، وعلى أساس و70دولارا كسعر سوق تقديري لبرميل النفط الخام. ويهدف هذا القانون إلى التكفل بالأثر المالي الناجم عن التدابير الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي والتزويد بالماء الصالح للشرب لمواجهة إشكالية الشح المائي وترقية الاستثمار، وبعث المشاريع الهيكلية الكبرى ومواصلة إنجاز مختلف المشاريع الجاري تنفيذها حاليا. ويجمع محللون على نجاح الجزائر في مواجهة الصدمات الدولية بمرونة وليونة وذلك في الوقت الذي أثرت فيه على معظم اقتصاديات العالم، مشيرين إلى أن الجزائر تكرس من خلال هذا النص دور الدولة في المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين وضبط التوازنات للحسابات في الميزانية. كما أن القانون يجسد نمطا فعّالا لحوكمة جديدة يقوم على عقلنة تسيير الموارد، وتكييفها مع الأوضاع الدولية والاقتصادية، موازاة مع التكفل بالاحتياجات الداخلية ومراعاة ظروف المعيشة.