كشف المدير العام للمديرية العامة للبحث العلمي والتطور التكنولوجي السيد حفيظ أوراغ عزوف الأساتذة عن الالتحاق بالجامعات الواقعة في المناطق الجنوبية، وان 80 المئة من طلبات الالتحاق بسلك التدريس بالجامعة تنحصر في تلك الواقعة بولايات شمال البلاد. وأثار الباحث لدى تنشيطه محاضرة ضمن أشغال الجامعة الصيفية لنقابة الباحثين الدائمين التي انطلقت أول أمس بفندق مزفران بزرالدة بالضاحية الغربية للعاصمة قضية العجز المسجل في التأطير بالجامعات الواقعة جنوب البلاد، وعزوف الأساتذة عن الالتحاق بالمناصب التي توفرها الوزارة في تلك المناطق، وذكر أن 80 بالمئة من طلبات العمل للالتحاق بسلك التدريس تنحصر بجامعات ولايات الشمال، وانه من أصل 50 منصبا ماليا تم توفيره بجامعات ولايات الجنوب لم تتلق المصالح المعنية سوى 20 طلب توظيف. وتساءل في هذا السياق عن سبب هذا العزوف في وقت توفر فيه الدولة امتيازات كبيرة لا يستفيد منها نظراؤهم العاملون بجامعات ومعاهد ولايات الشمال. وشكل توفير التأطير اللازم بالجامعات وحتى بمدارس ولايات الجنوب محور تعليمات أصدرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لكل القطاعات المعنية قصد التكفل بهذا الجانب، موضحا انه لا يمكن أن يبقى الفرق قائما بين تلك الجامعات رغم الجهود التي تبذلها السلطات العمومية لتحويل العديد من المدن بالجنوب الى أقطاب جامعية بامتياز. ومن جهة أخرى أكد السيد اوراغ أن الجامعة الجزائرية أصبحت مشبعة من حيث الأساتذة وان مختلف الدفعات التي سيتم تكوينها في إطار نظام "أل أم دي" سيتم توجيهها مباشرة الى البحث العلمي". وبحضور أساتذة من عدة جامعات وطنية وأجنبية ناقش المحاضر أيضا مسألة النظام الجديد الذي تعتزم الجزائر اعتماده بخصوص تنظيم عملية البحث حيث اقترح متدخلون النموذج الأمريكي في تعيين مدراء الكليات والمعاهد من خلال العودة الى عملية الانتخاب، لكن الباحث حفيظ اوراغ الذي يشغل منصب مدير عام مركز البحث العلمي والتطور التكنولوجي التابع للوزارة المنتدبة المكلفة بالبحث العملي، رأى صعوبة تطبيق الاقتراح بالنظر الى ذهنيات المنتمين للقطاع، وقدم مثالا عن تجربة عرفتها جامعة سيدي بلعباس عندما كان عميدا لها، حيث تم تنظيم انتخابات لتولي منصب ادارة الكليات غير انه بعد مرور اربع سنوات رفض هؤلاء المدراء منطق إعادة الانتخاب وتحججوا بكونهم عينوا في مناصبهم بمراسيم رئاسية، وأوضح أن تجارب عديدة في جامعات جزائرية بينت أن الأفضل أن يكون تولي تلك المناصب بالتعيين. ووافق أعضاء من المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي في تدخلهم خلال النقاش على هذا المقترح وأشاروا الى أن الدولة تبقى الممون الرئيسي للجامعة وعليه يتعين الإبقاء على حقها في تعيين وإنهاء مهام المشرفين على إدارة شؤون تلك المعاهد. وحول تحاشي المتحصلين على شهادات في الدراسات العليا، التسجيل في مراكز البحث وتفضيل مخابر البحث الجامعي، أوضح السيد حفيظ اوراغ أن هذه القضية محل متابعة وان هذه الوضعية هي نتاج الامتيازات التي تمنح للباحث الجامعي مقارنة بالباحث الدائم سواء تعلق الأمر بقيمة العلاوات أو الامتيازات الاجتماعية الأخرى مثل السكن. ذكر أن مديرية البحث العلمي اقترحت تشريعا جديدا على الحكومة لاعتماده قبل نهاية السنة يساهم في ردم الهوة بين الباحث الدائم والباحث الجامعي، مؤكدا ان الحكومة تعمل مع ممثلي هؤلاء الأساتذة لإيجاد حلول جذرية لهذه الوضعية من خلال المساواة بين الفئتين. وحول تخصصات البحث التي يتم التركيز عليها ذكر السيد أوراغ أن العلوم التجريبية بلغت مرحلة الإشباع وان العجز في العلوم الإنسانية والاجتماعية يبقى كبيرا جدا وان برنامجا سيتم اعتماده في المستقبل قصد تدارك هذا النقص.