فكرة تنظيم مسابقة أجمل طفل في الجزائر قد تكون إجحافا في حق الطفولة نفسها لأن أجمل ما في الطفل هي البراءة التي لا تعترف بالفوارق والتمييز ولا غش ونفاق الكبار. فكم تمنينا لو تخصص مثل هذه المسابقات لتشجيع مواهب أطفالنا وقدراتهم على الإبداع والابتكار، مثلما نسمع عن العديد من المسابقات العالمية التي تنظم في مجال العلم والمعرفة، تحضيرا لجيل جديد مشبع بقيم راقية محبة لخدمة المجتمع. وكثيرا ما نسمع مثلا عن مسابقات عالمية لأذكى طفل أو لأفضل طفل رياضي أو أفضل إبداع علمي أو فني، ولا نعتقد أننا نفتقر لأطفال عباقرة من هذا القبيل، إذ سبق ونال بعضهم جوائز في مسابقات دولية، لدرجة أصبحوا فيه محل اهتمام الدول المتقدمة التي تعرض كل خدماتها لإغراء العباقرة الصغار من أجل الاستثمار فيهم. فحتى مسابقات ملكات الجمال لم تعد تعتمد كالسابق على معيار الجمال الخلقي فحسب، بل أنها أدخلت في قواعدها شروط الثقافة العامة، الأخلاق الحميدة، أدب التعامل مع الآخرين وغيرها من المعايير التي تأخذ في الحسبان القيم الاجتماعية، وكم سمعنا في هذا الإطار عن فائزات في هذه المسابقات انتزع منهن اللقب بسبب صدور سلوكات غير لائقة من منهن في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يكن قدوة حسنة داخل مجتمعاتهن. وبيت القصيد أنه إذا أردنا الاستثمار حقيقة في أطفالنا، فلا بد أن يكون في جوانب اكبر من مجرد تحديد ملامح وقسمات الوجه البريء، فأكثر ما يحتاجه الطفل منا هو الرعاية الكاملة و الاهتمام به وتهيئة الأجواء له إلى أن يشتد عوده، والأهم من ذلك أن يكون نافعا لمجتمعه، وعند ذلك نكون قد قدمنا خدمة جليلة لهذا الطفل.