تحولت مسألة استغلال الشواطئ من قبل الخواص إلى مخالفة قائمة بذاتها، بسبب الفوضى التي لايزال يقف وراءها العديد من الشباب الذين "يستثمرون" حاليا في مضمون القرار الصادر سنة 2005 والملغى في 2006، والخاص بتنازل الإدارة المحلية عن حق استغلال الشواطئ للخواص لمدة خمس سنوات، وفي ظل هذه الفوضى التي تشهدها الشواطئ يسجل على مستوى عدد منها حالات اعتداء انتقلت من الاعتداء اللفظي إلى الجسدي حتى أن منها ما انتقل إلى المحاكم، وتقر المصالح المختصة من بينها وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة بأن الأمر بات يمس بحق المواطن في استغلال هذه الفضاءات، واستدعى الأمر اللجوء إلى تشكيل لجنة ولائية لمراقبة هذا الجانب للتدخل وتحديد الأطراف التي تقف وراء المشكل، خاصة وأن عددا من الشباب يؤكدون حصولهم على تراخيص الاستغلال موقعة من قبل رؤساء المجالس البلدية وهذا على عكس ما تقره القوانين الخاصة بهذا الجانب. يؤكد العديد من المواطنين تعرضهم للمضايقات على مستوى الشواطئ بولاية الجزائر من طرف عدد من الشباب الذين نصبوا أنفسهم ملاكا للفضاءات العمومية دون أي مرجعية قانونية، ولايزال الأمر محل تذمر من قبل المصطافين الذين بات عدد كبير منهم ضحايا الاعتداءات المتكررة، ويذكر عدد من المواطنين المقيمين ببلدية سطاوالي خاصة المترددين على شاطئ "بالم بيتش" في تصريح ل"المساء"، بأن ترددهم على هذا الشاطئ بات مصحوبا بعدد من المشادات الكلامية والسب اللفظي والاعتداء الجسدي الصادر عن الشباب الذين يستغلون الشاطئ ويفرضون عليهم دفع رسوم الدخول واستغلال المظلات الشمسية والكراسي التي تم تنصيبها بشاطئهم الذي كان إلى غاية 2005 فضاء عموميا مفتوحا للخاص والعام. وحسب محدثينا فإن حجة هؤلاء الشباب في فرض تكاليف استغلال الشاطئ هو تحصلهم على رخصة الاستغلال من قبل البلدية التي تؤجر لهم الشاطئ لمدة ثلاثة أشهر منذ انطلاق موسم الاصطياف، وحسبهم فإن البلدية بادرت بتقسيم المساحة الرملية التي يتوفر عليها الشاطئ إلى أجزاء معينة تمثل حيزا تعادل مساحته 20 مترا لكل شاب بسعر 7 آلاف دينار، ويلجأ المعني، في ذلك إلى استغلال هذا الحيز وفرض كراء الطاولات بألف دينار للطاولة الواحدة، ويؤكد المترددون على شاطئ "بالم بيتش" بأن محاولات الاتصال برئيس البلدية ونوابه باءت بالفشل وغالبا ما يرد عليهم بأن الجميع في عطلة. ولا تكاد تكون حالة الفوضى والاعتداءات التي تسجل بهذا الشاطئ حالة معزولة عن حالات أخرى مسجلة بعدد من الشواطئ المتوزعة عبر ولاية الجزائر خاصة تلك المعروفة والمشهورة والمتميزة من حيث نوعية مياهها ومسالكها ومحيطها المهيأ. وخلفية المشكل الذي بات يتجذر أكثر فأكثر في ظل تواطؤ عدد من البلديات الساحلية مع الأشخاص المستغلين للشواطئ بطريقة غير قانونية ، تعود إلى 2005 تاريخ التوقيع على التعليمة التي تسمح للخواص باستغلال الشواطئ وتم حينها تحديد دفتر شروط يوقعه المعني مع البلدية الساحلية التي تضم في إقليمها الشاطئ المعني بالاستغلال، وكان الهدف من وراء هذا القرار، ترقية الشواطئ وتوفير شروط الإقامة بها للمصطافين القادرين على دفع تكاليف الخدمات المقدمة، وتم في إطار ذات التعليمة الأخذ بعين الاعتبار المستوى المادي للأشخاص غير القادرين على دفع تكاليف استغلال الشواطئ وكان ذلك من خلال تخصيص حيز من الشاطئ يكون مفتوحا لهم دون أن تمسه "الخوصصة" لكن دخول التعليمة حيز التنفيذ كشف في أول سنة من صدورها تسجيل خروقات من طرف الخواص الذين تجاوزوا حدود الحيز المخصص لهم وكادوا بفعل تصرفهم يمنعون الأفراد والعائلات من التردد على الشواطئ بمختلف بلديات العاصمة، وتعدى الأمر إلى فرض رسومات على الشواطئ دون أية مرجعية قانونية وهو ما سمح ببروز مصطلح خوصصة ومجانية الشواطئ. وحسب مصدر من وزارة تهيئة الإقليم والبيئة والسياحة في تصريح ل "المساء"، فإن إلغاء قرار التنازل لصالح الخواص لاستغلال الشواطئ في 2006، لم يكن بسبب ما سجل من تجاوزات وإنما جاء بعد وقوف الجهات المختصة على استحالة اعتماد التنازل قبل اكتمال مشروع تهيئة الساحل التي هي بصدد الإنجاز على مستوى البلديات الساحلية في الجزائر. ويقف أعوان الدرك والأمن الوطنيين في إطار ما يخوله لهم القانون الخاص بتسيير موسم الاصطياف، على راحة المصطافين بمختلف البلديات الساحلية المتوزعة عبر التراب الوطني، ويتم في إطار اللجان التي يتم تشكيلها عند انطلاق الموسم السياحي والتي تتضمن عددا من الإدارات المحلية منها السياحة والبيئة والري وغيرها، الوقوف على التجاوزات التي تصدر عن الخواص الذين لا يتورعون عن محاولة تحويل الساحل إلى ملكية خاصة ويطرح الأمر في حال إعادة تفعيل قرار التنازل لصالح الخواص في تسيير الشواطئ، ضرورة إعادة النظر في مضمون دفتر الشروط الذي يؤطر هذا الجانب، والأطراف التي تكون أهلا لتحمل المسؤولية الإدارية خاصة وأن عددا من القائمين على البلديات الساحلية أثبتوا أنهم غير جديرين بتحمل هذه المسؤولية التي تمس بحق المواطن في استغلال المرافق العمومية.