أبدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، أمس، تفاؤلا مفرطا بخصوص الوضع العسكري في العراق، وذهبت إلى حد التأكيد أن وقت التفاؤل قد حان "بدعوى تسجيل تطور على أرض المواجهة مع المقاومة العراقية الرافضة للاحتلال الأمريكي"· ولكن رايس التي خلصت الى هذه القناعة أدلت بتصريحها في زيارة خاطفة إلى العاصمة العراقية وأحاطتها بسرية تامة تفاديا لأية مفاجآت غير سارة·وفضّلت رايس انتهاج نفس الكيفية التي اتبعها مسؤولون أمريكيون بمن فيهم الرئيس جورج بوش، ووزراء الدفاع الأمريكيين الذين قاموا في العديد من المناسبات بزيارات مفاجئة إلى العراق في ظل سرية كبيرة مخافة تعرضهم لعمليات عسكرية· وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية، استغلت تواجدها رفقة الرئيس بوش في جولته الخليجية وطارت إلى العاصمة العراقية، حيث إلتقت برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري· وإذا كانت هذه الزيارة حملت دلالات سياسية رغبة من إدارة الرئيس الأمريكي لتأكيد دعمها لرئيس الحكومة العراقية فإنها تحمل قراءات عسكرية على ضوء التطورات التي عرفتها الساحة العراقية في الأسابيع الأخيرة وخاصة بعد مصرع أكثر من 10 جنود أمريكيين في محافظة ديالي إحدى أكبر المحافظات السنية الرافض سكانها للاحتلال الأمريكي وأكبر معاقل المقاومة فيها· كما أنها تأتي بعد خرجة القوات الأمريكية بخرجة غير متوقعة بلجوئها إلى استعمال المقنبلات "بي 1" الاستراتيجة في عمليات محدودة الأهداف في إحدى الواحات بضواحي العاصمة بغداد بدعوى أنها تضم خلايا لجماعات مسلحة· ولكن التبرير لم يقنع أحدا، وفتح الباب أمام الكثير من التخمينات طغى عليها التأكيد أن القوات الأمريكية بلجوئها إلى استعمال هذه الطائرات إنما تكون قد فقدت صوابها أو أن المقاومة العراقية مازالت تحتفظ بنفس قوة تأثيرها مما جعل واشنطن تستعمل طائرات مخصصة لمهمات استراتيجية· ولكن رئاسة الحكومة العراقية أكدت في بيان لها، أن زيارة رايس، تندرج في اطار تجديد الدعم الأمريكي لجهود حكومة المالكي الرامية إلى إعادة البناء وتحريك دواليب الاقتصاد المعطلة·وكان غوردن جوندرو الناطق باسم الرئاسة الأمريكية، أكد أن الرئيس بوش ووزيرة خارجيته اعتبرا خلال جولتهما الخليجية الأولى، أن المناسبة مواتية لإرسال كوندوليزا رايس إلى بغداد للقاء المسؤولين العراقيين وتشجيع مسار المصالحة السياسية والممارسة البرلمانية· يُذكر أن التفاؤل الأمريكي المفرط بخصوص الوضع العسكري العام في العراق جاء مباشرة بعد تحذيرات وزير الخارجية البريطاني مارك مالوك براون من انزلاق خطر لهذا الوضع في تعارض صريح لكل تصريحات المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم الرئيس بوش الذي أكد السبت الأخير "أن الأمل عاد إلى العراق"· ولكن الذي عاد إلى العراق والعاصمة بغداد تحديدا هي السيارات الملغمة والعمليات الانتحارية التي أكدت تكيف المقاومة لتكتيكات المواجهة مع قوات الاحتلال، وبالمقابل فشل كل العمليات الأمنية التي نفذتها القوات الأمريكية منذ أكثر من سنتين لتأمين بغداد إلى حد الآن في هذه المهمة التي بدت مستحيلة على مقربة من الذكرى الخامسة لإحتلال العراق·