حلت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمس، بالعاصمة العراقية، في زيارة مفاجئة إلى بغداد أجرت خلالها محادثات مع الوزير الأول نوري المالكي في المنطقة الخضراء أكثر الأماكن تحصينا في كل العراق· وسبقت رايس لقاءها بالوزير الأول العراقي بتصريحات أثنت من خلالها على ما أسمته ب "إنجازات" المالكي بعد أن عزز سلطة الدولة المركزية وكذا اتباع مقارنة وسطية في السياسة العامة لحكومته بكيفية جعلت الدول العربية السنية تبدي ارتياحا ملحوظا على نوايا الحكومة رغم سيطرة الشيعة عليها· وقالت رايس أنها المرة الأولى منذ سنوات يتم خلالها تسجيل تعاون وثيق بين السنة والأكراد والشيعة بخصوص العديد من القضايا السياسية والأمنية· وصبت تصريحات المالكي في نفس سياق تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية وأكد على تحسن الوضع الأمني في عموم العراق في رسالة واضحة باتجاه الأمريكيين بتحكم القوات النظامية العراقية في الأوضاع الأمنية· يذكر أن رئيسة الدبلوماسية الأمريكية حلت بالعاصمة العراقية في طريقها إلى الكويت للمشاركة في ندوة لدول الجوار والمنظمات الدولية والإقليمية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الأمريكي وكذا وضع خطة أمنية لمنع تسلل مقاتلين لتدعيم صفوف مختلف فصائل المقاومة العراقية· وألقت الولاياتالمتحدة بكل ثقلها الدبلوماسي على دول الجوار العراقي من أجل إقحامها في تداعيات المستنقع العراقي سواء من خلال ضخ أموال طائلة لإعادة إعمار ما دمرته الآلة الحربية الأمريكية للعام السادس على التوالي وكذا كسب دعم سياسي لحكومة المالكي الشيعية التي فقدت شعبيتها حتى في أوساط الشيعة أنفسهم دون الحديث عن السنة الذين قاطعوها لاعتمادها سياسة المخاصصة الطائفية التي همشت من خلالها العرب السنة رغم أنهم يشكلون نصف تعداد الشعب العراقي· وراهنت إدارة الرئيس جورج بوش على تحقيق هذه المصالحة بين الشيعة والأكراد والعرب السنة وأوكلت مهمة تحقيق ذلك على المالكي ولكنه فشل في تحقيق هذا الهدف الذي اعتبرته واشنطن بمثابة خطوة ضرورية لكتم أصوات المقاومة المحسوبة على الطائفة السنية بسبب انتشارها بشكل لافت في محافظات الأنبار وديالي وصلاح الدين· ولأن الولاياتالمتحدة تدرك جيدا تشعبات هذه المصالحة وعلاقات التيارات والأحزاب السياسية العراقية بدول الجوار فقد حثت رايس قبل يومين، الدول العربية وخاصة الخليجية منها على إعادة النظر في مواقعها إزاء ما يجري في العراق وطالبتها من خلال تصريحات أوامر بضرورة دعم حكومة المالكي حتى وإن كانت أجحفت في حق العرب السنة الذين دفعوا الثمن غاليا لا لسبب إلاّ لكون الرئيس العراقي السابق سني وألصقت به صورة قمعه للطوائف الأخرى وخاصة الشيعة منها· وما انفكت إدارة الرئيس جورج بوش تؤكد في خطابها لاقناع العواصم العربية المشرقية بدور أكثر في العراق أن انضمامها إلى مساعيها ستكون من أولى نتائجه وقف التأثير "الكارثي" لإيران في العراق· يذكر أن ندوة العاصمة الكويتية تعد الثالثة من نوعها بعد ندوتي منتجع شرم الشيخ المصري شهر ماي من العام الماضي قبل عقد ندوة ثانية بمدينة اسطمبول التركية في نوفمبر الأخير وضمت ممثلين من تركيا وإيران والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ودول أخرى من مجموعة الثمانية الأكثر تصنيعا في العالم· وإذا كانت هذه الدول قد إلتزمت بتوفير ملايير الدولارات لإعادة إعمار العراق إلاّ أن تعهداتها بقيت مجرد حبر على ورق اصطدم بواقع ميداني صفته الغالبة التفجيرات والعمليات الإنتحارية بما يتعين حسم أمرها قبل الحديث عن أي خطة إعمار·