تعتبر جبال تيكجدة إحدى أهم المناطق السياحية المعروفة بمناظرها الخلابة مما جعلها قبلة لعشاق الجبال والمغارات، ومن باب توفير الظروف الملائمة للسياح وإنقاذهم في حال وقوع حوادث السقوط بهذه المرتفعات والمغارات نصبت الحماية المدنية ولأول مرة بالجزائر فرقة للإنقاذ والتسلل بالمناطق الجبلية الوعرة والمغارات انطلقت من مغارة "بوسويل" بتيكجدة هذا الأسبوع. كانت الساعة تشير إلى تمام العاشرة صباحا عندما اتجهنا صوب جبال تيكجدة رفقة ممثلي الحماية المدنية للإشراف على تمرين تطبيقي لأعوانها وضباطها المختصين في الإنقاذ بالمناطق الجبلية الوعرة والذين تلقوا تدريبات مكثفة بمختلف الولايات التي تعرف تضاريس جبلية وعرة للسهر على ضمان راحة السياح الذين يقصدون المنطقة بحثا عن الراحة والاستمتاع بالجمال الرباني الذي لم تطله يد الإنسان، حيث كشفت الحماية المدنية عن تنصيب فرقة التعرف والتدخل في الأوساط الخطيرة بأعالي تيكجدة، مهمتها الأساسية الإنقاذ في هذه الأوساط الخطيرة وتسلق الجبال والتزحلق على الثلج واكتشاف الكهوف والمغارات وكذا الآبار العميقة. ونظمت الفرقة المختصة في التسلق والإنقاذ بالمناطق الجبلية الوعرة بالبويرة دورة تكوينية لها في الإنقاذ والاكتشاف عبر مغارة "بوسويل" الكائنة بمرتفعات تيكجدة، تعد الأولى من نوعها، وذلك على مدار أربعة أيام كاملة لم تغادر خلالها الفرقة المتكونة من امرأتين إلى جانب مجموعة من الرجال المكان، حيث نصبت مخيما لها هناك، وذلك قصد التعرف على الكهف أكثر ومعرفة كيفية التدخل فيه مستقبلا عند تسجيل أي خطر. وقد نزل أعوان الحماية المدنية إلى عمق الكهف باستعمال حبال متينة والتمسك بالجدران والاستعانة بوسائل تقنية جديدة وعصرية تساعد على عملية النزول. وشاركت في العملية فرقة تتكون من 23 عونا وخمسة ضباط إلى جانب طبيب، سبق لهم أن تلقوا تكوينا ميدانيا ونظريا في كيفية إنقاذ الأشخاص والممتلكات بالأماكن الصعبة. وتعتبر هذه الفرقة الأولى من نوعها التي تم انشاؤها على المستوى الوطني بمبادرة من مصالح الحماية المدنية. وكانت فرقة الإنقاذ التي تلقت تكوينا متخصصا في الإنقاذ بمغارة "بوسويل" على عمق 800 متر قد تلقت تدريبات ميدانية بتيكجدة حول تقنيات التسلق من طرف الفيدرالية الجزائرية للتزحلق على الثلج، كما استفادت أيضا من تربص مغلق بنفس المنطقة في أواخر شهر مارس 2007 . وتشرف هذه الفرقة كذلك على مهمة تكوين فرق أخرى مماثلة لفائدة الولايات المعروفة بتضاريسها الوعرة وجبالها المرتفعة كولايتي قسنطينة وجيجل. وتدخل هذه المبادرة في إطار ضمان الحماية للهواة من المتسلقين في حال وقوع حادث ما خاصة لما أصبحت تعرفه المنطقة من حركة كثيفة لممارسة الرياضة الجبلية التي تستقطب كل العائلات من كل حدب وصوب، الأمر الذي جعلها تشهد اليوم حركة سياحية متميزة خاصة بعد عودة الأمن والاستقرار بالجبال والمناطق الغابية. وانطلقت عملية النزول إلى أسفل الكهف على طول 800 متر عمقا في حدود الساعة الواحدة زوالا بعدما تلقت الفرقة المعنية بالنزول إلى الكهف بعض التوضيحات من المدير الولائي للحماية المدنية الرائد مولاي الذي أشرف على العملية منذ بدايتها، والذي أكد لنا أن الهدف الأساسي من هذه العملية هو تلقين المتربصين أعلى درجات الخطر وتمكينهم من التأقلم مع هذه الأوضاع لضمان كفاءتهم في العمل وقدرتهم على التدخل في كل الظروف والكوارث والحوادث لتحديد أماكن الضحايا والمفقودين، واتخاذ كل الإجراءات التقنية اللازمة لإنقاذهم وإسعافهم، فضلا عن أن العملية -يضيف محدثنا -تهدف أيضا إلى تسهيل عمل الباحثين من خلال رسم مخطط دخول إلى الكهف عن طريق التشبث داخل الكهف وتنصيب ووضع إشارات خاصة بكيفية المشي بداخله للتوعية والتحسيس تفاديا للسقوط والانزلاق. وتعتبر هذه العملية كما أسلفنا الذكر الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر حيث عرفت نجاحا بعد تمكن أعوان الحماية المدنية من الوصول إلى عمق الكهف الذي يبلغ عمقه 800 متر رغم قساوة البرد بداخله، حيث كانت تبلغ درجة الحرارة يومها 4 درجات مئوية وهي درجة تنخفض كلما نزلنا إلى العمق. كما لقيت هذه المبادرة استحسانا من قبل السواح الذين كانوا بعين المكان والذين شعروا بالاطمئنان والأمن من خلال وجود فرقة مختصة في الإنقاذ بهذا الكهف الذي لا يمكن إنقاذ من سقط فيه لولا هذه التقنيات. تستقطب السياح من داخل وخارج الوطن ونحن في طريق تيكجدة لاحظنا عددا كبيرا من الزائرين باختلاف أعمارهم يستمتعون بمناظر الطبيعة ويمارسون الرياضة في ظل جمال الطبيعة الخلابة وكأنها لوحة زيتية مرسومة بأنامل فنان، في حين يفضل آخرون أخذ صور مع الأحصنة بين الأشجار المرتفعة، حيث تحولت المنطقة إلى قبلة تستقطب كل العائلات التي تلجأ إليها هروبا من صخب المدن، وتجدر الإشارة إلى أن الوافدين إلى تيكجدة هذه الأيام قدموا من داخل وخارج الوطن، حيث عرفت المنطقة إقبالا واسعا للسياح اختاروها مكانا للتجديد، الراحة، الاستجمام، وفضاء لقضاء العطلة خاصة مع المبادرة الأخيرة للحماية المدنية المتعلقة بتنصيب فرقة التعرف والتدخل والإنقاذ في الأوساط الخطيرة للسهر على راحة السائح وأمنه. وفي حديثنا مع بعض الزوار الأجانب القادمين من فرنسا أكدوا لنا أن جبال تيكجدة تعد كنزا حقيقيا، منوهين بالمبادرة التي قامت بها الحماية المدنية كونها تشجعهم على العودة مرة أخرى للمنطقة بدون تردد. كما أكدت عائلة أخرى عندما سألناها عن سر قدومها إلى هناك أنها جاءت لاستنشاق الهواء النقي والتمتع بالمناظر الجميلة الكفيلة بأن تنسيها همومها وتعبها وتمنحها نوعا من التجديد والتغيير بعد سنة كاملة من العمل. نفس الرأي أعربت عنه عائلة أخرى، حيث قالت لنا أن شساعة المكان ونظافته تجعلها تتردد عليه كل نهاية أسبوع. تيكجدة أشهر مستشفى للأمراض التنفسية يجمع كل من يزور تيكجدة ان نظافة هوائها تعد أفضل علاج لكل من يعاني من أمراض ضيق التنفس وبعض الأمراض الصدرية التي يتضرر المصابون بها من الرطوبة والتلوث ودخان السيارات خاصة بالمدن الكبيرة، حيث تتميز تيكجدة بأشجارها الكثيفة كأشجار الصنوبر وغيرها من الأشجار الأخرى التي تجدد الهواء وتعمل على تنقية الجو من الغازات السامة. مبعوثة "المساء" إلى تيكجدة: زولا سومر