تصاعدت المخاوف من أكثر من جهة من خطر تعرض مئات الأطفال في قطاع غزّة، للشلل بسبب تعمد الاحتلال الصهيوني منع إدخال لقاحات فيروس شلل الأطفال الذين يعدون الضحية الأولى للحرب الصهيونية الهمجية على غزّة. أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، عن قلقه البالغ إزاء تأكيد إصابة طفل يبلغ 10 أشهر بمرض شلل الأطفال بمدينة دير البلح وسط قطاع غزّة. وقال في منشور له على منصة "إكس" بأنه يشعر بقلق بالغ إزاء التأكيد بأن هذا الطفل غير حاصل على التطعيم في دير البلح، أصيب بمرض شلل الأطفال للمرة الأولى منذ 25 عاما. وأضاف أن منظمة الصحة العالمية وشركاؤها بدأوا على الفور العمل على جمع ونقل عينات للطفل لفحصها في مختبر معتمد لدى منظمة الصحة العالمية في المنطقة. وأشار إلى أن النتائج أكدت أن الفيروس مرتبط ب«فيروس شلل الأطفال من النوع الثاني" الذي تم اكتشافه في العينات البيئية التي تم جمعها من مياه الصرف الصحي بغزّة شهر جوان الماضي. وبين أن حالة الطفل المصاب بشلل أسفل ساقه اليسرى مستقرة وأنه نظرا لارتفاع خطر الإصابة بالمرض في غزّة ومحيطها فقد قررت وزارة الصحة الفلسطينية، ومنظمة الصحة العالمية والأممالمتحدة واليونيسف تنفيذ حملة تطعيم على مرحلتين لوقف انتقال الفيروس. وفي 16 أوت الجاري، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية تسجيل أول إصابة مؤكدة بشلل الأطفال في قطاع غزّة بمدينة دير البلح لطفل يبلغ 10 شهور لم يتلق أي جرعة تحصين ضد هذا المرض. وكان مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة، رياض منصور، أكد في كلمة أول أمس، بجلسة في مجلس الأمن الدولي، أن قطاع غزّة ليس بحاجة إلى مزيد من الأوبئة والموت والمجاعة. وشدد على ضرورة السماح بتطعيم 640 ألف طفل فلسطيني ضد الشلل من خلال تنفيذ مقترح الأمين العام الأممي، لإطلاق حملة تطعيم عاجلة لوقف انتشار المرض. وطالب منصور، مجلس الأمن بتطبيق قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه لا مبرر لاستمرار الكيان الصهيوني في قتل المدنيين الأبرياء، وكذلك فإنه لا يوجد أية مبررات لاستمرار عنف المستوطنين الإسرائيليين بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية. من جهته حذّر نائب مدير مستشفى العودة في شمال قطاع غزّة، محمد صالحة، من المخاطر الصحية على الأطفال بسبب تعمد قوات الاحتلال الصهيوني منع وصول التطعيمات واللقاحات الخاصة بفيروس شلل الأطفال إلى القطاع. وقال في تصريح صحفي، إن الكثير من المخاطر الصحية تحيط بالأطفال في القطاع بسبب توقف معظم التطعيمات واللقاحات اللازمة منذ بداية الحرب على غزّة في أكتوبر الماضي. وأضاف "إننا أمام سيناريو تفشي فيروس شلل الأطفال في حال بقي الوضع في غزّة على حاله دون أخذ الوضع الإنساني الكارثي بعين الاعتبار"، مشددا على ضرورة إدخال التطعيمات اللازمة منعا لتفشي المرض وزيادة تعقيد الأوضاع. ولفت صالحة، إلى أن التطعيمات تحتاج تهيئة الظروف المناسبة لحفظها وسلامة فعاليتها بتوفير كهرباء للثلاجات على مدار الساعة. وهو ما لم يتوفر حاليا، مشيرا إلى أن عملية التطعيم الشاملة بحاجة لوضع أمني آمن ومستقر مما يتطلب ضرورة وقف العدوان. ودعا إلى حل مشكلة الكهرباء جذريا بتوفير مشاريع للطاقة البديلة من المؤسسات الدولية والمانحين، معربا عن قلقه من انتشار أوبئة أخرى جراء تكدس النفايات التي تسببت بأمراض جلدية لم تكن منتشرة في القطاع. وأشار نائب مدير مستشفى العودة إلى أن الطواقم الطبية العاملة في شمال القطاع تعتبر قليلة مقارنة بتعقيدات الوضع، علاوة عن أن الكثير من مراكز الرعاية الأولية تم تدميرها دون توفير البدائل اللازمة ووجود خطة عمل متكاملة لمواجهة تحديات الأوضاع الصحية ومنع تفشي المرض. نزوح قسري لربع مليون فلسطيني بغزّة في أوت الجاري وتواصل غزّة صمودها ومقاومتها على كل الجبهات والأصعدة وقد حرمها العدوان الصهيوني المستمر منذ 11 شهرا من أدنى مقومات العيش، ليجد ما لا يقل 90 بالمئة من سكانها، وهو ما يعادل قرابة المليونين نسمة أنفسهم في رحلة نزوح قسرية مستمرة. ففي الوقت الذي أكدت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بأن جيش الاحتلال الصهيوني أجبر 250 ألف فلسطيني بقطاع غزّة على النزوح قسرا خلال شهر أوت الجاري، من خلال إصداره 12 أمر إخلاء، أعلنت مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، بأن ما يقرب من 90 بالمائة من سكان قطاع غزّة نزحوا منذ أكتوبر الماضي. وما يزيد في متاعب ومآسي هؤلاء النازحين عدم وجود أي مكان آمن في كل قطاع غزّة المحاصر والمنكوب يلجؤون إليه. وقد دفع جيش الاحتلال بسكان غزّة إلى مساحة ضيقة لا تعادل سوى عُشر مساحة القطاع، وهو ما جعل وكالة "الأونروا" تحذّر من أن "سكان غزّة باتوا عالقين في دوامة نزوح قسري متكرر، حيث تواصل العائلات الفرار وسط العمليات العسكرية وحر الصيف اللاهب". وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل الكيان الصهيوني عدوانه الهمجي على الفلسطينيين بقطاع غزّة متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي، بوقفه فورا وأوامر محكمة العدل الدولية، باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بالقطاع. تحت ستار مفاوضات وقف إطلاق النار.. الكيان الصهيوني يسعى للاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية حذرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، أول أمس، من أن الكيان الصهيوني يسعى إلى تهيئة الظروف للاحتلال الدائم والاستيلاء على مزيد من الأراضي تحت ستار مفاوضات وقف إطلاق النار. قالت فرانشيسكا ألبانيز، في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، إن الكيان الصهيوني "يستغل المفاوضات للاستيلاء على الأجزاء المتبقية من فلسطين، تحت ستار مفاوضات وقف إطلاق النار"، مضيفة أنه "يحاول خلق الظروف الملائمة للاحتلال الدائم والمزيد من الاستيلاء على الأراضي". ولفتت المسؤولة الأممية، إلى أن "المطلعين على التاريخ الفلسطيني، يدركون ماذا حدث بالفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال الصهيوني غير القانوني ويشاهدون مثالا حيا للاستعمار الاستيطاني". وجاء تحذير المسؤولة الأممية عشية وصول وفد أمني إسرائيلي رفيع يقوده رئيسا جهازي الموساد "الاستخبارات الخارجية" والشاباك "الأمن الداخلي" إلى مصر، لاستئناف مباحثات وقف إطلاق النار في غزة. وعشية انطلاق جولة جديدة من هذه المفاوضات، تضاءلت آمال إبرام اتفاق لوقف اطلاق النار في ظل تواصل وتكثيف جيش لعدوانه الهمجي في القطاع الفلسطيني، والذي خلف منذ السابع اكتوبر الماضي أكثر من 40 ألف شهيد وما لا يقل عن 93 ألف جريح غالبتهم أطفال ونساء.كما أن هناك عقبات عديدة تنتظر هذه الجولة المرتقبة بالقاهرة، أبرزها رفض إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا على خلاف رغبة كل من القاهرة وحركة المقاومة الاسلامية "حماس"، وذلك وسط مطالب مصرية بضغوط دولية لإبرام الاتفاق باعتباره السبيل الوحيد لخفض التصعيد بالمنطقة. ووسط زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، لمصر، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن "إسرائيل لن تنسحب من محور فيلادلفيا تحت أي ظرف" بما يؤكد مجددا أن حكومة الاحتلال تعمل على تعطيل كل الجهود الرامية لإنهاء العدوان الصهيوني في القطاع المنكوب. ووصفت واشنطن تلك التصريحات بأنها "متشددة وليست بناءة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار" حسبما ذكره مسؤول أميركي كبير يرافق بلينكن، في جولته بالشرق الأوسط، ورفضتها أيضا مصر على لسان مصدر رفيع المستوى، جدد تمسك القاهرة ب "الانسحاب الإسرائيلي الكامل من معبر رفح ومحور فيلادلفيا". لأنه ساوى فيها بين الضحية والجلاّد.. "حماس" تدين مغالطات المنسّق الأممي للسلام في الشرق الأوسط أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المغالطات التي صرح بها أول أمس، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، أثناء تقديمه إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول التطورات الأخيرة في المنطقة "والتي ساوى فيها بين الضحية والجلاد". أعربت "حماس" في بيان صدر أمس، عن عضو مكتبها السياسي في قطاع غزة، باسم نعيم، عن أسفها لكون هذا المسؤول الأممي "مصّر على نفس اللغة التي يساوي فيها بين المعتدي والمعتدى عليه". وقالت إنه "يخالف بذلك صريح القانون الدولي، ويتجاوز حتى موقف الأممالمتحدة المعلن والذي عبّرت عنه العديد من المنظمات الأممية في فلسطين، بل تجاوز الأمر ليتبنّى رواية الاحتلال التي يروجها لتبرير عدوانه على شعبنا في كل المناطق" ومن المغالطات والتجاوزات التي سجلتها "حماس" في كلمة تور وينسلاند، أنه "تبنّى رواية الاحتلال فيما يتعلق بمراكز الإيواء والمباني المدنية ومقار الأممالمتحدة، بالادعاء أنها تستعمل لأغراض عسكرية دون أي دليل". وأكدت الحركة أن "هذه هي رواية الاحتلال التي لم يثبتها في أي مرة" وبذلك يعطي المسؤول الأممي "الاحتلال الذرائع لاستمرار القصف وقتل المدنيين الفلسطينيين". كما أشارت إلى أنه ومرة أخرى تبنّى رواية الاحتلال في مبررات عدوانه على الفلسطينيين في الضفة المحتلة، بأن قتل الناس وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها يأتي في إطار ملاحقة قوى المقاومة". وذكرت "حماس" أن وينسلاند "نسي أن أكثر من 20 ألف فلسطيني قتلوا خلال الأعوام الماضية في كل شوارع وأزقة وبيوت الضفة المحتلة بدون أي مبررات، سوى كونهم فلسطينيين يعيشون في وطنهم". ومن بين المغالطات أيضا أنه "وصف مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال بالإرهاب في الوقت الذي وصف فيه إرهاب الدولة الذي يمارسه المستوطنون بحماية الجيش ووزراء الحكومة بالعنف". ورأت "حماس" أن المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط "تحدث بشغف حول معاناة الأسرى الصهاينة لدى المقاومة، ونسي أن آلاف الأسرى الفلسطينيين بمن فيهم النساء والأطفال منذ عقود يعيشون في ظروف لا تليق بالبشر وخاصة بعد السابع من أكتوبر، وما وصل للإعلام وأصبح معروفا لدى الجميع عن الممارسات المروعة وغير الأخلاقية التي ترعاها الدولة الصهيونية ضد أسرانا في السجون". كما أعابت عليه تجاهله وبشكل متكرر لما تتعرض له وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من محاولات الكيان الصهيوني لتقويض عملها في الأراضي الفلسطينية، بل وشطبها تماما، وخاصة في قطاع غزّة في ظل أكبر أزمة إنسانية يمر بها القطاع. وأوضحت في نفس البيان، بأن "هذه بعض المغالطات التي وردت في إحاطته والتي تكررت في أكثر من إحاطة". وما يعني وفق الحركة ب«أنها سياسة معتمّدة. وعليه طالبت وينسلاند، بالتراجع عن هذه المغالطات والالتزام بحدود المهمة الموكلة إليه كوسيط دولي مرجعيته القانون الدولي وسياسات الأممالمتحدة.