* تفعيل تواجد الجزائر في القارة سياسيا واقتصاديا يعكس إلحاق رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، "الشؤون الإفريقية" بحقيبة وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، البعد الاستشرافي الذي تسير عليه الجزائر، من أجل جعل العمق الإفريقي أولوية الأولويات في السياسة الخارجية للبلاد، خاصة وأن برامج التعاون قد تركزت خلال الآونة الأخيرة على تكريس تواجد الجزائر في مختلف دول القارة سياسيا واقتصاديا، باعتبارها دولة محورية في إفريقيا. عملت الجزائر طيلة عقود من الزمن على تعزيز التعاون الإفريقي المشترك، في سياق حرصها على الحفاظ على انتمائها الإفريقي الذي تمتد جذوره إلى ما قبل الثورة التحريرية، خاصة فيما يتعلق بدعم حركات النضال، لتواصل المسيرة خلال مرحلة الاستقلال بتقديم كافة الدعم المادي والمعنوي للدول التي ترزح تحت نير الاستعمار. فبعد المعارك التي قادتها لاستعادة دورها الإفريقي بعد غياب بسبب الظروف التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية، عادت الجزائر بقوة إلى الساحة الإفريقية مستعيدة دورها الريادي في القارة عبر مطالبتها بمراجعة آليات عمل الاتحاد الإفريقي والدفاع عن الروح الإفريقية التي نجحت في طرد المستعمر القديم من منطقة الساحل، مع التركيز على تعزيز السيادة الاقتصادية والمالية للأفارقة. وعليه وضع الرئيس تبون الشأن الإفريقي ضمن أولويات سياسته الخارجية، حيث تعهد منذ أشهر حكمه الأولى على أن تكون القارة السمراء ساحة تحرّك الدبلوماسية الجزائرية الأبرز والأقوى، من خلال إصلاح ذات البين وتسوية النزاعات، بعيدا عن الحلّ العسكري والتدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما قامت الدبلوماسية الجزائرية في عهد الرئيس تبون على مبدأ الصراحة والصرامة، في التعامل مع المؤسّسات الإقليمية والدولية، انطلاقا من قناعتها بأن أي تحرّك في الفضاء الجيوسياسي الدولي لابد أن يقوم على قاعدة مفادها أن العمق الإفريقي للجزائر هو أساس أي موقف أو مبادرة. فإلى جانب الأزمات السياسية والأمنية التي تواجهها دول القارة السمراء، ترى الجزائر أهمية مجابهة الأزمات الاقتصادية المستعصية وتفشي الفقر والبطالة وانعدام موارد التمويل، كونها من أهم أسباب تعثر كل محاولات الإقلاع المؤسّساتي، ما جعلها تولي الاهتمام بالتعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية وفق مبدأ الشراكة والتكافل. ويكفي أن نستدل في هذا الصدد بإطلاق الجزائر للوكالة الدولية للتعاون الدولي، التي شرعت في إنجاز عدة مشاريع اقتصادية في القارة، تكريسا لمرحلة جديدة من الحضور الاقتصادي الجزائري في العمق الأفريقي، فضلا عن تفعيل منطقة التبادل الحر للسوق الإفريقية المشتركة. ومن هذا المنطلق فإن رؤية الجزائر ترتكز على بعد استشرافي واستراتيجي متوسط وبعيد المدى، تتطلع من خلاله على ترتيب البيت الداخلي الإفريقي بتسوية الأزمات السياسية أولا، حتى يتم التفرغ إلى الجانب التنموي الاقتصادي وبناء شراكة على أسس قوية .