دعا الكاتب رابح خدوسي، خلال تقديم كتابه الجديد "البليدة...تاريخ وحضارة"، أول أمس، بمكتبة "الشهيدة وردية رحماني" بالبليدة، إلى كتابة التاريخ المحلي، الذي يعتبر جزءا من التاريخ الوطني، في ظل ادعاءات طالت تاريخنا المجيد والعريق. احتضن العدد الأول من منتدى "الأدب والفنون" للبليدة، ندوة عن الكتاب الجديد لابن البليدة رابح خدوسي، الموسوم ب"البليدة..تاريخ وحضارة" بحضور جمهور غفير. أما الأستاذ رابح خدوسي، فتحدث عن إصداره الجديد الذي نشره على نفقته الخاصة، وأرخ فيه لمدينة البليدة خلال خمسة قرون، فقال إن البليدة تستحق أن يكتب عنها أكثر من مؤلف، نظرا لفنها وجمال طبيعتها وسحرها وتاريخها، ليؤكد دعوته لتنظيم تظاهرة البليدة عاصمة للثقافة الأندلسية. وشدد خدوسي على أهمية تدوين موروثنا الثقافي، في ظل التحولات السياسية العالمية والادعاءات المغرضة التي تطول تاريخ الجزائر، لهذا طالب بكتابة التاريخ للمحافظة على الجغرافيا أي الحدود. ليضيف أننا بحاجة إلى تدوين تاريخنا المحلي، الذي هو أساس التاريخ الوطني، ما سيعزز انتماءنا لبلدنا، فمدينة بدون كتاب يكتب تاريخها هي مدينة بدون هوية. من جهتها، قدمت الأستاذة فتيحة قاضي قراءتها لكتاب "البليدة...تاريخ وحضارة"، فقالت إنه يتميز بسلاسة التعبير وجودة الأسلوب وترابط بين الفقرات، ينقسم إلى ستة فصول، تناول المؤلف في الأول حدود البليدة من العصر الوسيط إلى العهد العثماني، أشار فيه إلى البصمة الأندلسية والموريسكية للبليدة، التي شبهها سيدي الكبير بغرناطة، بينما تطرق في الفصل الثاني لتاريخ المدينة إبان الحقبة الاستعمارية الفرنسية، ونشوء المقاومة الشعبية ومعاناة البليديين من الاحتلال الفرنسي. في حين تناول في الفصل الثالث الحركة الوطنية واندلاع الثورة التحريرية بالبليدة، وكفاح أبنائها، ومن بينهم المجاهد المعروف امحمد اليزيد، الذي رفع القضية الجزائرية إلى منظمة الأممالمتحدة، وكذا أحداث 8 ماي 1945 بالمنطقة إلى غاية استقلال الجزائر. وتابعت قاضي تقديمها للكتاب، فقالت إن الفصل الرابع شهد تقديم الوجه المشرف للمدينة ومعالمها المتنوعة، وحتى مناظرها الطبيعية الخلابة، علاوة على كونها مدينة العلم والثقافة والفن، في حين كتب خدوسي في الفصل الخامس عن أعلام البليدة، من علماء وأدباء وفنانين ورياضيين ومؤرخين، بينما وصف البليدة في الفصل السادس حسب عيون الرحالة وقصائد الشعراء. شهادات عن الكاتب والكتاب بالمقابل، قدم بعض الحضور شهاداتهم عن إصدار خدوسي وشخصه، من بينهم الأستاذ محي الدين عميمور، الذي طلب من الحضور قراءة الفاتحة على روح المؤرخ الكبير "أبو القاسم سعد الله"، الذي رحل عنا في 14 جانفي 2013، ثم تساءل عن شراء المؤسسات الرسمية بالبليدة لكتاب خدوسي من عدمه. أما السفير مصطفى بوتورة، فأكد أهمية كتابة التاريخ المحلي الذي يقودنا إلى دعم التاريخ الوطني، ليدعو مثقفي مختلف الولايات للكتابة عن تاريخ المناطق التي ينتمون إليها، خاصة في ظل تكالب البعض على الجزائر. بدوره، قدم الشيخ محمد مكركب كلمة بهذه المناسبة، قال في بعضها، إن الكتابة التاريخية والأدبية المركزة على قطاع التاريخ، هي عائل أساسي لضمان مستقبل الوطن، وأن التاريخ مسألة حساسة يجب الانتباه له، وأننا حينما نكتب عن المناطق الجزائرية، فإننا نرسخ تاريخ الأمة، ليطالب خدوسي بكتابة مؤلف آخر يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، لأن البليدة كانت موجودة قبل قدوم سيدي الكبير، خاصة وأن التاريخ أخ الجغرافيا، وأن البليدة التي تنتمي إلى المتيجة، ذكرها ابن خلدون والعديد من المصادر الأوروبية. أما الشاعر سليمان جوادي، فأكد أن أعمال خدوسي عن البليدة، مكتوبة بموضوعية، ليدعو الهيئات الرسمية للمنطقة شراءها ووضعها في المكتبات العمومية، ليستفيد منها القراء، وضم الأستاذ محمد شريف سيدي موسى صوته إلى كل الأصوات الداعية لكتابة التاريخ المحلي، معتبرا أن كتابة التاريخ كتابة شيقة وأعمال خدوسي قيمة فعلا.، في حين تحدث الأستاذ ياسين بن عبيد عن صداقته المتينة برابح خدوسي، الذي يسكنه منذ زمن بعيد. للإشارة، كُرم الكاتب والأستاذ رابح خدوسي من طرف مديرية الثقافة والفنون وهيئات أخرى، كما قُدمت قصائد من طرف شعراء، مثل رابح عبد اللاوي ورابح الحامدي والأخضر أبو ربيع. بالإضافة إلى تنظيم جلسة بيع بالتوقيع لإصدار خدوسي الجديد. بالمناسبة، أشار مدير مديرية الثقافة والفنون لولاية البليدة، عمر مانع، إلى وضع برنامج ثقافي متنوع على مدار السنة، يمس كل بلديات الولاية، بغية إثراء المشهد الثقافي المحلي وإبراز المواهب والقدرات الإبداعية لأبناء البليدة. كما نوه بفتح هذه المكتبة التي تسيرها المؤسسة العمومية لترقية الفنون والنشاطات الثقافية والرياضية لبلدية البليدة، في انتظار فتح المسرح البلدي "محمد توري" في جانفي المقبل. بينما اعتبر رابح خدوسي قامة ومرجعا فكريا وتاريخيا وأدبيا لمدينة الورود، من خلال إصداراته المتعددة عن البليدة.