يرفض الفنان الجزائري البقاء مكتوف اليدين أمام مشاهد الرعب والدمار والموت التي تطول إخواننا في فلسطين، فيلجأ إلى الإبداع للتعبير عن تضامنه الكبير مع شعب هذا البلد الجريح. وكمثال عن ذلك، مصطفى عدان ورشيد جلال اللذان يعرضان رسومات كاريكاتور بمؤسسة عسلة، تحت عنوان "الحرية لفلسطين". تُعدّ مأساة فلسطين موضوعا خصبا للكثير من المبدعين الذين لم يجدوا مخرجا من الحزن الشديد الذي يعصر قلوبهم جراء ما يحدث يوميا بغزة وغيرها من المدن الفلسطينية من طرف المحتل الصهيوني الشنيع، إلاّ في تقديم إبداعهم أمام الملأ. وفي هذا السياق، يعرض مصطفى عدان ورشيد جلال كاريكاتورات، أبرزا من خلالها قتامة الوضع هناك، وصمت الكثيرين ممن ينادون بالحرية والديمقراطية والإنسانية. وفي هذا رسم عدان كاريكاتور عن ميزان يتشكّل عموده من الحلف الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات حقوقية وغيرها، في حين غلبت كفة الكيان الصهيوني على حساب كفة غزة؛ نسبة إلى مساندة الغرب لحليفهم في منطقة الشرق الأوسط، بينما رسم في كاريكاتور آخر، معاناة سجناء غوانتانامو. "فلسطيني جيّد هو فلسطيني ميت" مقولة لجيش الاحتلال، وضعها عدان في كاريكاتور عن حذاء عسكري مرسوم فيه نجمة اليهود ورمز للنازية، يحاول دهس جمع من سكان غزة. كما لم ينس الفنان رسم ناجي العلي ورمزه الشهير "حنظلة" ، الذي يمثّل صبيا في العاشرة من عمره، يدير ظهره، ويعقد يديه خلفه، في حين تسيل الدماء في كاريكاتور آخر، على أوجه المضطهدين. وتُشكّل كلّمة غزة دون نسيان تبيان مساندة الغرب للمحتل القميء. ودائما مع الدماء، رسم عدان تمثال الحرية رمز الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو يرفع فأسا تسيل منه الدماء. وكتب في جانب من الكاريكاتور: "جرائم عالم يدّعي الحرية". كما وضع كاريكاتور عن يهودي يجلس فوق المنظّمات الحقوقية والسياسية والعسكرية العالمية، ويلعب بكرة أرضية؛ رمز لأرض الميعاد التي يردّدها اليهود كحجة لممارساتهم الشنيعة تجاه الفلسطينيين. وبالمقابل، قدّم لوحة عن حائط "البراق" الذي رسمه في شكل جدار لسجن. من جهته، رسم الفنان رشيد جلال كاريكاتور عن علم الكيان الصهيوني. ورسم في جزء منه، هياكل عظمية في إحالة على ضحايا المجازر التي ارتكبها العدوّ في حقّ سكان غزّة. وفي كاريكاتور آخر عنونه ب "لا حياة لمن تنادي" ، رسم خرابا رهيبا للبيوت، وتناثرا لجثث الشهداء، بينما أعاد رسمة علم الاحتلال الصهيوني في شكل كتاب، ترفع ورقة منه، فتظهر لنا جماجم الشهداء، في حين أغلق منقار حمامة السلام التي لم تستطع أداء دورها. واستعمل الفنان اللون الأحمر في لوحة كتب فيها: "العام الجديد بغزة" ، رسم في سمائها قناعا أسود مظلما. أما أرضها فغمرتها الهياكل العظمية. وفي رسمة أخرى رسم صواريخ الكيان تتهاطل على غزة، في شكل فم حيوان مفترس. وعن خذلان بعض الدول العربية للقضية الفلسطينية، يعرض رشيد أكثر من لوحة، من بينها كاريكاتور عن رجلين عربيين، الأوّل يحمل شاربا، والثاني من دونه، فقد حلق شاربه وحتى لحيته بعد أن تقبل العدوان الصهيوني على فلسطين. وفي لوحة أخرى رسم رجلين عربيين يضعان قناعين أسودين؛ حتى لا يريا ما يحدث في فلسطين.