فتحت الشرطة الدنماركية تحقيقا في الهجوم الذي تعرض له، أول أمس، مكتب منظمة "غلوبال أكشن" الدنماركية، التي تكرس جهودها للتضامن الدولي، بما تسبب في أضرار مادية جسيمة باعتباره عملا تخريبيا ذا دوافع سياسية محتملة. ولافت في هذا الهجوم الذي استهدف مقر المنظمة الكائن في شارع "وسلسغاد" في منطقة نوربرو، وهو حي نابض بالحياة في كوبنهاغن، عثور الشرطة الدنماركية على شعارات مكتوبة مناهضة للقضية الصحراوية تتضمن عبارات مثل "الصحراء مغربية" و"توقفوا عن دعم الإرهاب" و"المغرب" و"تباً لبوليساريو"، مرسومة على الرصيف خارج المبنى. وهو ما يعكس رسالة سياسية مغربية واضحة مرتبطة بدعم "غلوبال أكشن" لحق تقرير المصير في الصحراء الغربية. ولأن الهجوم، ولحسن الحظ، لم يتسبب في وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح كما أشار إليه منسق السياسات والحملات في "غلوبال أكشن"، مورتن نيلسن، الذي عبر عن ارتياحه لعدم وقوع خسائر بشرية رغم خطورة الهجوم. لكنه قال "نحن منشغلون اليوم بالشعب الصحراوي، الذي يعاني من الاحتلال المغربي والمضايقات والترهيب منذ خمسة عقود". لكن المكتب تعرض للتدمير الكامل وتضررت جميع المعدات التقنية، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والمستندات للتلف وأصبحت غير صالحة للاستخدام، مما أثر بشدة على انشطة المنظمة. وتلعب "غلوبال أكشن" دورا كبيرا في دعم الحركات الشعبية في دول الجنوب، مع التركيز على الحقوق الاقتصادية والديمقراطية والاجتماعية. وقد أدى دفاعها الصريح عن حق الشعب الصحراوي في الاستقلال لتكون هدفا للمظاهرات والتهديدات، لكنها المرة الأولى التي تصل فيها الأمور إلى مستوى التصعيد العنيف. وهو ما جعل نيلسن يؤكد أن "هذا الهجوم هو رد مباشر على عملنا لصالح حقوق الشعب الصحراوي. إنه صادم للغاية، وما زلنا نتعامل مع حجم الأضرار.. لكننا لن نصمت". وأكد خطورة مثل هذا العنف في الدنمارك، حيث نادرا ما تحدث مثل هذه الهجمات التخريبية ذات الدوافع السياسية. وأثار الهجوم موجة ادانة وتضامن واسعة، حيث أدان عضوا البرلمان الدنماركي روزا لوند وساشا فاكس الحادث بشدة وأشارت إلى أن الحادث، إذا كان ذو دوافع سياسية، يمكن أن يُصنف كعمل إرهابي، مضيفة بأنه "أمر خطير على ديمقراطيتنا عندما تتحول الخلافات السياسية إلى عنف".ومن النرويج، وصفت الناشطة الصحراوية العصرية الطالب الهجوم بأنه "اعتداء على الديمقراطية والمجتمع والحركات المدنية"، في حين شهدت منصات التواصل الاجتماعي سيلا من الرسائل الداعمة ل"غلوبال أكشن"، مما يؤكد الدور المحوري للمنظمة في تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. من جهتها، أعلنت شرطة كوبنهاغن عن فتح تحقيق مكثف في الحادث، مؤكدة أن جميع الخيوط قيد المتابعة. وبينما لم يتم الى غاية أمس الإعلان عن أي مشتبه به، إلا أن طبيعة الشعارات السياسية تشير إلى دوافع قومية مغربية. وهو ما يجعل السلطات الدنماركية تبحث في احتمال وجود تأثير خارجي في التخطيط والتنفيذ لهذا الهجوم.ويمثل هذا الحادث مستوى غير مسبوق من العنف السياسي في الدنمارك المعروفة بديمقراطيتها المستقرة وحرياتها المدنية. وقد دق ناقوس الخطر بشأن المخاطر التي تواجهها المجموعات التي تناصر القضايا العادلة وتصاعد الاستقطاب حول القضايا الدولية داخل المجتمع الدنماركي. ومع استمرار التحقيق، تتزايد الدعوات للتضامن وتحقيق العدالة وسط تعالي العديد من الاصوات المطالبة بضرورة حماية المنظمات مثل "غلوبال أكشن"، التي تعكس أصوات المهمشين وتتحدى الأنظمة القمعية التي تلجأ الى القمع والترهيب عندما يتملكها اليأس كما هو حال المخزن.