أكد مدير متحف المجاهد، حسان مغدوري، أمس، أن اتفاقيات إيفيان الموقّعة مع السلطات الاستعمارية الفرنسية في ال18 مارس 1962، هي محطة معلمية ومفصلية في تاريخ الجزائر قامت بطي 132 سنة من استعمار استيطاني اغتصب الأرض واستوطن المكان وقاد حرب إبادة ضد الجزائريين على مدى عقود طويلة من الزمن. وقال مغدوري، لدى استضافته في برنامج "ضيف الصباح " للقناة الإذاعية الأولى، إن عيد النّصر فرصة للتذكير بضرورة احترام رموز الثورة وصون ذاكرة الشهداء وكرامة المجاهدين، ونقل تاريخ الثورة للأجيال الصاعدة وتخليد روح التحرّر المتجذرة عبر التاريخ في عقيدة الشعب الجزائري المقاوم، وتحت راية الحركة الوطنية وصولا إلى ثورة التحرير الكبرى التي خاضها الشعب الجزائري لأزيد من سبع سنوات. وفي معرض حديثه أوضح مدير متحف المجاهد، حقيقة تاريخية بالقول "اليمين المتطرّف في فرنسا في حلّته الحالية هو امتداد تاريخي للوبي الكولونيالي الذي كان مهيمنا على مقاليد الدولة، وتدبير الشأن العام في الجزائر خلال الفترة الاستعمارية، وكانت له أيضا لوبيات على مستوى كل مرافق الدولة سواء داخل الجزائر أو في فرنسا وهو من وقف ضد اتفاق وقف إطلاق النّار عام 1962، وأسّس منظمة الجيش السري الفرنسي الإرهابية والتي قادها سالون وسوزيني وغيرهما من قادة الجيش الاستعماري بالتعاون مع بعض فئات المعمّرين، وقامت باقتراف جرائم رهيبة ضد مئات الجزائريين في وهران، ولم يسلم من بطشهم حتى بعض الفرنسيين بالجزائر العاصمة". وأضاف "كانت هذه المنظمة تنادي بالجزائر فرنسية إلى الأبد، ولم ترض أبدا أن تكون الجزائر غير فرنسية وظل هذا اللوبي الكولونيالي يشتغل في صمت بعد الاستقلال داخل فرنسا، وفي مرحلة ما أسّس جمعية تعنى بالدفاع عن المصالح المعنوية والمادية وهي امتداد للوبي الكولونيالي بالجزائر، ونجحت بكل أسف في تمرير قانون تمجيد الاستعمار في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك سنة 2005". وتابع قائلا "نحن في الجزائر مدركون لهذه النزعة المتجذرة لدى أقطاب وأنصار اليمين المتطرّف في فرنسا، والذي ما يزال يحلم بالفردوس المفقود ويحاولون الالتفاف على الحقائق التاريخية، علما أن هذه المحاسن التي يسوقونها كانت في خدمة المعمّرين الفرنسيين والأوروبيين، بينما كان الجزائريون مجرد رعايا وأهالي بحسب القانون الفرنسي". واستطرد قائلا "ما نلاحظه بكل أسف أن هذه القوى اليمينية تحاول سجن الضمير الفرنسي والأصوات الحرّة التي تحاول النّظر إلى الماضي الاستعماري بالجزائر بكل موضوعية، والمناهج التعليمية الفرنسية لا تتحدث مطلقا عن هذه الجرائم على الرغم أن عددا كبيرا من المؤرخين في فرنسا، قاموا بالكتابة وتسجيل هذه الجرائم ولم يسلم من هذا الحصار والفصل عن العمل حتى بعض الإعلاميين الشرفاء الذين أوردوا حقائق تاريخية غير قابلة للجدل حيث من بينهم من تعرض للعزل". وبعد أن أشاد بالنخبة في الجزائر، شدّد على أنه ينتظر منها الانخراط بقوة في معركة الوعي، مضيفا بالقول "نحن كمؤرخين نوثّق الحقائق التاريخية وندعو النخب إلى المساهمة في هذه المعركة بإعداد ملفات حول الذاكرة لحماية مكتسبات الجزائر المستقلّة، والحفاظ على أمانة الشهداء وهي صون الاستقلال، بالتزامن مع عملية إعادة تأهيل المشاريع الكبرى لتعزيز مكانة البلاد وفتح آفاق واعدة للمجتمع".