اختتمت أمس أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي لولاية الجزائر بعد مناقشات دامت يومين كاملين خصصت لملفي البيئة والسياحة بولاية الجزائر، وسط حضور شكلي لأعضاء المجلس ومسؤولي الولاية الذين اكتفوا بدور المتفرج على مجريات الأشغال والمناقشات التي لم تحمل الجديد، كما أن معظم المتدخلين كانوا "يغرّدون خارج السرب" وهم الذين لم يحضروا أية مقترحات أو برامج لإثراء هذين الموضوعين فيما قدم مدراء البيئة والسياحة والثقافة للولاية تقارير هزيلة عن واقع هذه القطاعات وهو ما يعكس الجمود الحاصل بها. ولعل أهم ما ميز هذه الدورة هو عزوف والي الولاية السيد محمد الكبير عدو- وعلى غير العادة- عن تقديم أية مداخلة أو تعليق عن مجريات النقاش وهو ما يؤكد ما شاع في كواليس المجلس عن رفض الوالي المحاور التي تم تبنيها لمناقشتها في الدورة لعدم وجود استعداد كاف لإثرائها لا من ناحية المنتخبين ولا من جانب مسؤولي القطاعات، مفضلا -حسب مصادرنا- تخصيص هذه الدورة لمناقشة الميزانية التكميلية أو ملفات آنية وذات أهمية كبرى بالنسبة لسكان الولاية. وتحدثت التقارير التي أعدها أعضاء الهيئة التنفيذية حول واقع السياحة والثقافة والحرف التقليدية عن مشاكل كبيرة تعيق تطور هذا القطاع بالولاية حيث أنه ورغم ما يتوفر عليه القطاع من إمكانيات كبيرة من شأنها أن تحقق طفرة هائلة في أنواع السياحة، إلا أنها ظلت غير مستغلة، كما أن معظم الخدمات تبقى دون المستوى المطلوب كما أن جل الهياكل المتوفرة بالولاية حتى الفخمة منها لا تلبي طلبات السياح ولا تشبع حاجاتهم مقابل ما يتم دفعه من أموال نظير الخدمات المقدمة. أما تقرير مدير السياحة ومديرة الثقافة فقد جاء ايجابيا -بحسبهما- لأنهما اعتمدا في إعداده على الأرقام المسجلة على المستوى الدولي لاسيما بالنسبة للسياحة في وقت تم تجاهل الواقع المر الذي يواجهه القطاع بالعاصمة والمتميز أساسا بنقص التمويل والمشاريع، في حين تعرف الثقافة العاصمية غيابا كبيرا لقاعات السينما والمكتبات وذلك بالعديد من البلديات وإن وجدت فإنها تفتقر إلى الرقابة والصرامة في التسيير إلى جانب هشاشة العديد من المباني المخصصة لذلك. من جانبه؛ يعرف المشهد البيئي جمودا وتدهورا وتراجعا مستمرا في بعض جوانبه، وباستثناء شركة "نات كوم" لتسيير وجمع النفايات التي تبذل جهودا جبارة لتبييض وجه العاصمة وتنظيفه فإن البيئة بالعاصمة لا تسجل أي تطور وباقي الهياكل المؤسساتية والبرامج تبقى دون المستوى ومردوديتها نسبية أو منعدمة، علما أن مؤسسة "نات كوم" شكلت النقطة الايجابية الوحيدة في المناقشات المخصصة لموضوع البيئة رغم بعض الانتقادات التي تمحورت خصوصا حول غيابها ببعض البلديات ومرده إلى نقص الإمكانيات التي تتوفر عليها المؤسسة والتي لا تغطي إلا جزءا من بلديات العاصمة، كما أن جملة القضايا المسجلة ضد المخالفين والمعتدين على البيئة تبقى حبيسة المحاكم ولا تجد من يحركها مما يفقد اهمية الجانب الردعي ويشجع استمرار الوضع على حاله. واعترف السيد بلعاليا مدير مؤسسة "نات كوم" بوجود نقائص في الأداء وذلك بسبب العجز المادي والمتعلق أساسا بوسائل النقل رغم أنها تضاعفت خلال الخمس سنوات الأخيرة بإضافة 221 شاحنة جديدة ساهمت في الرفع من حجم النفايات التي انتقلت من 656 ألف طن سنة 2004 إلى 900 ألف طن السنة الجارية، على ان تتجاوز المليون طن العام القادم إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار المقترحات المقدمة والخاصة باقتناء 64 شاحنة جديدة ستساهم في تحسين عمليات الجمع وتوسيعها إلى باقي بلديات العاصمة. ويبقى مشكل تجاوب المواطنين مع المواقيت التي حددتها "نات كوم" للجمع هو المشكل الأكبر والذي غالبا ما يرهن جهود العمال الذين يضاعفون من تدخلاتهم اليومية خلال النهار ببعض الأحياء قد تتجاوز الثلاثة إلى الخمس مرات في ال24 ساعة، الأمر الذي يستدعي عملا إعلاميا تحسيسيا اكبر لحمل المواطنين على التجاوب أكثر مع برنامج المؤسسة. وعموما فإن ملفات السياحة، الثقافة والبيئة تبقى مجمدة إلى حين وتبقى النقاشات المتعلقة بها جوفاء وتفتقر إلى الجدية، أما الواقع فيؤكد أنها في ذيل الترتيب من ناحية اهتمامات القائمين عليها رغم أهميتها.