أصبحت مباراة مصر- الجزائر المقررة يوم 14 نوفمبر الجاري بالقاهرة لحساب التصفيات المزدوجة المؤهلة إلى مونديال وكأس افريقيا 2010، حديث الساعة ليس فقط في البلدين المعنيين بهذا الموعد الكروي الحاسم، بل شمل العديد من الدول من خلال ما تبثه مختلف القنوات التلفزيونية والصحف البارزة، آخرها يومية "الغارديان" البريطانية التي نشرت مقالا مطولا "ملغما" أراد صاحبه لأغراض مشبوهة صب الزيت على النار، بعدما شدد على ان المقابلة هي أشبه لحد كبير بالحروب التي تخوضها الدول مع بعضها البعض من أجل الهيمنة والسيطرة على العالم. وذهب الكاتب إلى ابعد من ذلك عندما تحرك قلمه في اتجاه مغاير تماما لحقيقة العلاقة الممتازة بين البلدين في شقها السياسي، حيث قال: "كرة القدم قادرة على إظهار ما هوأفضل وأسوأ في الإنسان، والدليل على ذلك ما يحدث على المسرح الإفريقي حالياً قبل المواجهة المرتقبة بين منتخبي مصر والجزائر والتي تحولت كرة القدم بينهما من منافسة مشروعة إلى كراهية بسبب بطاقة التأهل للمونديال، إلى أن وصل الأمر لوجود حرب باردة بين شعبين إثنين من أكبر الدول الإفريقية على مستوى الرياضة الأكثر شعبية". وتابع: "تحول الصدام بين الفراعنة وثعالب الصحراء للحصول على مكان وسط عمالقة كرة القدم على مستوى العالم، إلى "مثل" يحكى في الأساطير خاصة أن موقعة 14 نوفمبر حدثت بينهما قبل 23 عاماً". وأضاف صاحب المقال دون ان يتحرى صدق ومصداقية المعلومات التي تحصل عليها: "أصبح الأمر على المحك، فالجيوش المتطورة من الجماهير والصحفيين مخترقي المواقع الالكترونية والوطنيين جندوا أنفسهم لزراعة الخوف في قلوب الأعداء، حتى المؤسسة الكبيرة في مصر "كوكا كولا" أطلقت حملة ضخمة تدعى "تذكروا 1989" من أجل ضمان مساندة المصريين لمنتخبهم في هذه المباراة، فكلا الجانبين تبادلا الإتهامات بعدم التعامل بنزاهة وشرف، وخرج رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم السيد محمد روراوة ليتهم المصريين بأنهم يعرقلون انتقال الجماهير الجزائرية إلى مصر من أجل مساندة منتخب بلادهم". وبلغ بهذا الإعلامي - الذي يبدو انه " مسكون" بأفلام الإثارة، إلى حد تهويل غير مبرر داس على كل أخلاقيات المهنة التي تدعي الصحيفة الدفاع عنها، حيث أشار إلى ان المتتبعين لما يجري في الجزائر والقاهرة يخشون بأن تتطور الأمور بين البلدين للأسوأ بعد انتهاء مواجهة 14 نوفمبر ووضع احتمالا بان تتحول الأمور إلى حرب دموية تسفر عن العديد من الضحايا، وتفاديا لهذا السيناريو الكارثي يحاول الجانبان بكافة الوسائل تهدئة الأوضاع عن طريق صانعي سلام على حد تعبير الكاتب. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن بريان أوليفر، الكاتب الرياضي المعروف تحليلا لا يرتكز إلى أي سند تاريخي: "لم يكن هناك ود بين المصريين والجزائريين على مدار التاريخ ومن الواضح انهم يعبرون عن مشاعرهم الدفينة من خلال كرة القدم، فالجزائريون يرون المصريين على أنهم منعزلون ومتكبرون، ولذلك اعتقد ان الأمر مرتبط بالسياسة بشكل كبير، خاصة بعد الخلاف السياسي الذي وقع بين العرب ومصر بعدما عقد الرئيس الراحل السادات إتفاقية سلام مع إسرائيل مخالفا رغبة العرب بما فيهم الجزائر". ويواصل بريان تعليقه: "إنه وبالرغم من كون مصر واحدة من أوائل الدول الإفريقية التي حصلت على استقلالها، وكانت تجربتها مع الاستعمار بسيطة مقارنةً بالجزائر، إلا أن ذلك لم يكن مصدرا ً فعليا ً للتوتر بين مصر والجزائر- بل على العكس تماماً. وتشير إلى أن صراع مصر للحصول على استقلالها بالإضافة للدعم الذي قدمه نظام الرئيس جمال عبد الناصر للثوار الجزائريين أثناء حرب البلاد الدموية طويلة الأمد للاستقلال من الاستعمار الفرنسي، قد لاقى تقديرا ً كبيرا ً في الجزائر. ومضى ليؤكد على أنه إذا ما كان هناك توترات سياسية بين البلدين، فإنها قد ظهرت في وقت لاحق، عندما أقامت مصر سلاما مستقلا ً مع إسرائيل، وُترِكت في عزلة من جانب العالم العربي بأسره، بما في ذلك الجزائر، وذلك قبل ان يعود إلى "رشده" قائلا: "لكن اعتقد ان المنافسة تتعلق بشكل كبير بكرة القدم ومدى تأثيرها على رغبة البلدين في الدفاع عن كرامتهما وكبريائهما من خلالها، فمصر لم تتأهل للمونديال منذ عام 1990 ولذلك تسعى للتخلص من "لعنة الفراعنة" التي أصابتها منذ ذلك التاريخ، أما الجزائر فتسعى هي الأخرى لإستعادة أمجادها عندما كان أفضل منتخب إفريقي في الثمانينات".