الجزائر أظهرت خياراتها الاستراتيجية في مجال التنمية الفلاحية أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أن الدولة الجزائرية "أظهرت خياراتها الاستراتيجية في مجال التنمية الفلاحية والريفية بكل جلاء ووضعت الحكومة في هذا السياق إطارا تشريعيا وتنظيميا مشجعا للاستثمار وتحرير المبادرات". وأشار الرئيس بوتفليقة في رسالة قرأها باسمه في القمة العالمية حول الأمن الغذائي بروما وزير الفلاحة والتنمية الريفية السيد رشيد بن عيسى إلى أن الجزائر شرعت للسنوات الخمس المقبلة في تطبيق سياسة تهدف إلى تحقيق التجديد الفلاحي والريفي معبئة سنويا موارد عمومية غير مسبوقة، مضيفا أن "هذه الوسائل المالية الموجهة لتعزيز برامج تكثيف الزراعات الإستراتيجية (الحبوب والحليب والبطاطا وغيرها) وضبط المنتوجات وترقية محيط محفز ومؤمن هي تتكفل أيضا بحماية وتثمين الموارد الطبيعية وتنوع النشاطات الاقتصادية في الوسط الريفي وتحديث القرى والقصور وحماية التراث الريفي المادي وغير المادي". وأشار الرئيس بوتفليقة إلى أن أعمال الدعم هذه المنفذة في إطار تصور إسهامي تهدف في الأخير إلى "تحسين ظروف المعيشة والعمل لسكان الأرياف وتنمية منسجمة ومتوازنة للأراضي". وأكد رئيس الجمهورية "هناك اهتمام خاص يحظى به المستثمرون الفلاحيون وصغار الموالين من خلال صندوق خاص يضاف إلى الصناديق التي أنشئت خلال السنوات الأخيرة" مشيرا إلى أن "كافة هذه الأعمال إضافة إلى إجراءات القرض المصغر وقرض الريف بدون فوائد وتشجيع استحداث مناصب الشغل في مجالات مختلفة تعبر عن إرادتنا القوية في تطوير العالم الريفي في كافة مكوناته". كما دعا رئيس الجمهورية من جهة أخرى إلى أمن غذائي كامل ومستديم مع ترحيبه بالظهور القوي لمفهوم الحق في التغذية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، موضحا أن "وضعية اللاأمن الغذائي العالمي تستوقفنا جماعيا كموضوع انشغال كبير بالنسبة للمجتمع الدولي بالنظر إلى آثارها على الاستقرار السياسي والاجتماعي على مستوى عديد بلداننا ولكن أيضا بالنظر إلى الواجب الأخلاقي بضمان توفير تغذية مناسبة للجميع". كما أعرب الرئيس بوتفليقة عن ارتياحه قائلا "إننا نحيي في هذا الخصوص الظهور القوي لمفهوم الحق في التغذية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ويتحتم علينا السهر على أن يتم احترام هذا الحق في أي مكان وفي كل حين" مضيفا "إننا جد مرتاحين أيضا للمكانة المتنامية التي أضحى يحتلها في نقاشاتنا مفهوم السيادة الغذائية لأنه إذا كانت المساعدة من الضروري أن تتوفر البلدان على الإمكانيات كي تضمن هي نفسها أمنا غذائيا كاملا ومستديما". وتابع الرئيس يقول أن هذه المسألة تعد قبل كل شيء "مسؤولية البلدان المعنية نفسها التي ينبغي عليها تكريس جزء كاف من مواردها الوطنية للاستثمار في الفلاحة" كما هي مسؤولية "المجتمع الدولي في ضمان نسبة مساعدة عمومية لتنمية ملائمة لاحتياجات الفلاحة في البلدان الفقيرة". كما أشار إلى العلاقة بين مشكل اللاأمن الغذائي العالمي والتغيرات المناخية وتطوير الطاقات الحيوية مضيفا أن التغيرات المناخية "من المؤكد أنها ستقلب المعطى الحالي في مجال الإنتاج الغذائي بشكل لم يتم تحديد أبعاده بوضوح حتى الآن لكن ستكون له آثار خطيرة على توفر المواد الغذائية في عديد البلدان النامية". في هذا الصدد أكد رئيس الجمهورية أن "الفاو مطالبة بإيلاء الأهمية المناسبة للبحث الاستشرافي في هذا الميدان بمساعدة المجتمع الدولي لاسيما البلدان التي تمتلك تكنولوجيا مناسبة حتى يتم تحديد وتجسيد استراتيجية جماعية لاسيما فيما يخص الوقاية من حالة اللاأمن الغذائي". وحذر الرئيس بوتفليقة في رسالته من "نضوب المياه العنصر الحيوي لأي إنتاج فلاحي والذي يعد أيضا مصدر لاأمن كبير لمئات الملايين من الناس عبر العالم". وأضاف قائلا "إذا كان اليوم 2ر1 مليار من الناس يعيشون في مناطق يعتبر فيها الماء شحيحا فإن هذا الرقم مرشح للارتفاع إلى 3 ملايير شخص في أفق 2025" متابعا قوله "أن عديد مئات الملايين من الأشخاص الذين يعيشون من المصادر المائية عبر العالم أضحوا مهددين اليوم بتلوث البحار والمحيطات". كما اعتبر أن بيان القمة العالمية حول الأمن الغذائي يتضمن "أهدافا نبيلة وطموحة التي تظل قابلة للتحقيق شريطة أن يعتمد المجتمع الدولي حكامة عالمية ملائمة للتحديات الواجب رفعها ويسعى إلى تجسيدها بجرأة وعزيمة وتشاور وتضامن". في هذا الخصوص أشار رئيس الجمهورية إلى "أننا إذا قمنا اليوم برسم خريطة جيوسياسية للأمن الغذائي فإننا سنقف على ظهور خطوط انقسام تشير من جهة إلى فضاءات متطورة ومن جهة أخرى إلى مناطق شاسعة متخلفة ذات مساحات ترزح تحت الفقر معرضة في أغلب الأحيان إلى مخاطر مناخ ما فتئ يتدهور". وأضاف يقول "إن المغزى هنا طبعا ليس مقابلة جزء من الكرة الأرضية مع آخر وإنما لتذكير المجتمع الدولي بوحدة قدر البشر وضرورة إيجاد تضامن لا يكون ببساطة ذلك التي تفرضه الحالات الملحة وإنما يكون مترفعا على الأمور الطارئة والذي يتجاوز أيضا الاختلافات الإيديولوجية وتضارب المصالح". وأكد رئيس الجمهورية يقول "وبما أن الفلاحة تعد قطاعا هاما لاقتصاد معظم البلدان النامية - بحيث أنها تمثل قرابة ثلثي مناصب الشغل المتوفرة - فإن دورها في التراجع المستمر للفقر والقضاء على اللاأمن الغذائي سيكون نافعا ومفيدا لا محالة". وأضاف الرئيس بوتفليقة أن "الفلاحة لا يمكن أن تشهد نهضة حقيقية دون إسهام معتبر من حيث رؤوس الأموال للاستثمار سواء كان عموميا أو خاصا". كما أوضح أن "مبادرة أكويلا حول الأمن الغذائي كانت تعبيرا لوعي قوي يفتح في هذا السياق آفاقا واعدة للفلاحة والتنمية الريفية ولإطلاق مسار لتقليص اللاأمن الغذائي في العالم"، مشيرا إلى أن "رفع موارد الميزانية الوطنية الموجهة للفلاحة ودعم أكبر من المجتمع الدولي لهذه الأخيرة سيسمحان في العديد من البلدان للفلاحين الصغار من الاستفادة من المدخلات والتكنولوجيات المستهدفة والأسواق وسيستحدثان دون شك حركية استئناف للنمو الفلاحي ودوافع جديدة للأمل بالنسبة لمئات الملايين من الأشخاص الذين يعيشون في العالم الريفي". ولدى تطرقه إلى مسألة الأمن الغذائي على الصعيد الإفريقي أكد السيد بوتفليقة أن "الوعي على مستوى القارة الافريقية أضحي حقيقة بحيث أنه يتعزز ويتهيكل يوما بعد يوم". وذكر رئيس الجمهورية أنه خلال سنة 2003 بمابوتو "التزم قادة القارة الإفريقية التي تحتضن أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية واللاأمن الغذائي بمنح 10 بالمئة من موارد ميزانياتهم السنوية للفلاحة والتنمية الريفية". وأضاف أن هذه المبادرة التي اتخذت في إطار مبادرة النيباد "نتج عنها اليوم البرنامج المفصل لتطوير الفلاحة في إفريقيا" الذي "استحدث من قبل البلدان نفسها بدعم من منظمة الفاو ويستدعي تطبيقه دعم وتعبئة رؤوس الأموال والشراكة".