أكد الباحث والصحفي المؤرخ الأستاذ زهير احدادن أن العلم الوطني بكل ما يحمله من دلالات ومزايا يبقى رمز السيادة الوطنية ومفخرة الدولة والشعب الجزائري، باعتباره مرآة تعكس هوية وبطولات الأجيال الثورية المتعاقبة في تاريخ الجزائر النضالي إلى غاية اليوم. وأضاف الأستاذ احدادن في الندوة الصحفية التي احتضنها مركز "الشعب" للدراسات الإستراتيجية حول "تاريخ العلم الوطني" بمناسبة الذكرى المزدوجة ال49 لمظاهرات 11ديسمبر 1960 والذكرى ال47 لتأسيس جريدة "الشعب" المصادفة لنفس التاريخ- أن الراية الوطنية لم تأت صدفة وإنما جاءت بعد مخاض عسير خلال الحقبة الاستعمارية التي أحكمت سيطرتها على الجزائر والتي لم تكن تقبل سوى بالجزائر فرنسية. وأوضح المتحدث أن هذا الرمز الدال على السيادة الوطنية للدولة الجزائرية كان متنوعا طيلة الفترات النضالية في تاريخ الجزائر، حيث لم تكن له نفس الدلالة والمفهوم. مضيفا أن الرايات الوطنية التي كانت متواجدة إبان الثورات الشعبية كانت تمثل فرقا معينة ولم تكن تعبر عن الدولة الجزائرية في حد ذاتها مثلما هو معروف حاليا. وأول ظهور للعلم الوطني بالشكل الرسمي -حسب المؤرخ احدادن- يعود إلى فترة ظهور الأحزاب السياسية قبل الحرب العالمية الثانية، وبالضبط عند إنشاء حزب الشعب الجزائري الذي كان أول من فكر في العلم الوطني عام 1937 بزعامة مصالي الحاج وزوجته، حسب الشهادة التي أدلى بها المناضل مصطفى شوقي. كما ربط المحاضر فكرة ظهور العلم الوطني بالمظاهرات التي كانت آنذاك على غرار تلك التي جاءت إثر انهزام ألمانيا النازية، حيث اشترط الواقفون وراءها حضور العلم للتعبير عن مطالبتهم باستقلال الجزائر. ويتعلق الأمر بكل من مصطفى شوقي، الحاج محمد شرشالي، حسين عسلى، الشادلي المكي، وشوقي مصطفاي كونهم أول من قاموا بتصوير العلم الوطني. في حين تعود خياطته لأول مرة لزوجة مصالي الحاج. وأكد الإستاذ احدادن أن أول استعمال للعلم الوطني الرسمي كان يوم الفاتح ماي 1945 احتفالا بعيد العمال، وثاني استعمال كان يوم 8 ماي من نفس السنة والذي سجل سقوط 45 ألف شهيد في وقت قياسي. كما كانت مدلولات العلم الجزائري من خلال ألوانه -حسب المحاضر- تمثل الأمل والتقدم في اللون الأخضر، والسلم في اللون الأبيض، أما الهلال والنجمة الخماسية الأضلاع كانت تمثل الطابع الإسلامي والديني الذي سارت عليه الثورة فيما بعد. ومن جهته، أكد الدكتور عامر رخيلة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر في مداخلته أن العلم الوطني الجزائري استعمل في 4 محطات وهي 1 و8 ماي 1945 ومظاهرات 11 ديسمبر 1960، إلى جانب مناسبتين أخريين لا تقلان أهمية عن الأولى ويتعلق الأمر باحتفالات 5 جويلية 1962، وتأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لمونديال جنوب إفريقيا2010. ومن جهة أخرى، طالب الدكتور عامر رخيلة بضرورة تبني تشريع صارم لمعاقبة كل من يخالف تعاليم احترام وحماية العلم الوطني، معتبرا أن تخصيص معظم الدساتير لمواد تعترف باحترام واعتبار العلم من رموز السيادة الوطنية غير كاف وذلك، قصد العناية أكثر بالراية الوطنية كونها مفخرة ثورة نوفمبر 1954. وللإشارة، يعود العلم الوطني بمقاييسه المعتمدة حاليا إلى اللجنة المشكلة من طرف الحكومة المؤقتة برئاسة بن يوسف بن خدة، والحاج محمد شرشالي رئيس الديوان بمساعدة مختار العتيري الذين قاموا بتدقيق الأشكال في 3 أفريل 1962.