ندد الأستاذ الجزائري سعيد بسعي بالدعاة والأئمة الذين يعتمدون فقط على أسلوب الترهيب في خطبهم، ودعا بالمقابل الى تطبيق منهج الطريقة التيجانية للشيخ سيدي أحمد التيجاني، الذي يرتكز على الموازنة في الخطاب الديني، وكذا على العمل بشعار "سبيحة ولويحة ومسيحة" (العلم والعمل والعبادة). تواصلت بالمركز الوطني للتكوين المهني بجانت، فعاليات الملتقى الدولي السادس للصوفية "الطرق الإفريقية"، والتي تختتم اليوم، إذ قدمت العديد من المحاضرات في هذا السياق، علاوة على إحياء سهرات السمع الصوفي. وبهذه المناسبة، تحدث، سعيد بسعي، أستاذ من وادي سوف، عن منهج التربية عند الشيخ سيدي احمد التيجاني، فقال أن أساس منهج الطريقة التيجانية يرتكز على ثلاث نقاط وهي: تعريف المريد بعيوب النفس وأمراض القلوب، الالتزام بأوراد الطريقة والموازنة بين الترغيب والترهيب. وتوقف الأستاذ مطولا عند النقطة الثالثة من منهج التربية للتيجانية، واعتبرها ضرورية جدا في زمننا هذا، خاصة أمام دعوات التخويف والترهيب التي يتخذها بعض الأئمة في خطبهم بالمساجد والتي تنفر الشباب من الدين، بحيث أكد على أهمية التربية الروحية للمسلم وفق علاقات الجمال والحب بين الخالق والمخلوق. من جهته، تناول الأستاذ السوداني عثمان سراج الدين فتح الرحمان احمد، في محاضرته موضوع "دخول الطرق الصوفية الى السودان"، فقال أن الصوفية تعتبر من بين أهم ملامح البيئة المجتمعية للسودان منذ قيام الدولة الإسلامية في شمال البلد في القرن الرابع عشر، موضحا أن هناك أكثر من مذهب تصوف في المنطقة ساهم في تكوين المجتمع بطريقة فعالة. واعتبر عثمان أن التصوف الشائع في السودان هو تصوف عملي أكثر منه فكري، مؤكدا ان ذلك يرجع الى تنوع المدارس الصوفية بالمنطقة. أما الأستاذة زهرة ألييفا من أذربيجان، فتطرقت الى سيرة وحياة سيد يحي الباكووي، الذي ولد نهاية القرن الرابع عشر وتوفي سنة 1466 ميلادي، فقالت انه صاحب النظام الخلواتي ومن بين اهم منظريّ المذهب الروحي القائم على الخلوة، بحيث بلغ عدد مريديه في أذربيجان عشرين ألفا. وأشارت المحاضرة إلى أن للسيد يحي العديد من المؤلفات ومن بينها مجموعة شعرية تغنى فيها بالله والرسول والخليفة علي، كما ترجمت أعماله الى لغات مختلفة، علاوة على وجود أكثر من مخطوط له في تركيا. وتحدثت زهرة عن اهتمام الشيخ بالعلوم الدينية والدنيوية في آن واحد، بالاضافة الى اهتمامه بالتوحيد بين السنة والشيعة، كما انه-تضيف المحاضرة-، تناول مسألة التوبة، فقال انها باطنية وخارجية وتهدف في آخر المطاف الى تنقية الروح، وبالمقابل أشارت زهرة الى حمل بعض مريديّ سيد يحي لمشعله الصوفي وبالأخص علاء الدين الرومي وضياء الدين يوسف، بحيث اوصلوه الى غاية منطقة القبائل بالجزائر ليحمل اسم الرحمانية بدلا من الخلواتية. بدوره ألقى الشيخ ارنونة مبومبو من الكاميرون مداخلة بعنوان الصوفية في المجتمعات الافريقية، حالة تيجانية في بلد البامون، غرب الكاميرون، حيث تطرق الى دخول التيجانية في بلد البامون، فقال أن مملكة البامون تتميز بمساحة كبيرة، تنقلت من الوثنية الى المسيحية فالاسلام سنة 1917، بحيث أصبح ملك البامون ممثلا للطريقة التيجانية في المنطقة، مضيفا انه يرجع الفضل لادخال التيجانية الى الكاميرون لمؤسس الطريقة السيد أحمد التيجاني وكذا السينغالي الحاج مختار. واضاف المتحدث أن السلطان الحالي للبامون زار الجزائر سابقا واستقبله الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وأن هذا السلطان -حسب ميوميو- يهتم بنشر التعليم الديني لدى الشباب، من خلال تعزيز بيت المال والتكفل بممثليّ الهيئات الاسلامية، وسط التسامح الديني الذي تنص عليه التيجانية. للاشارة احيت العديد من فرق السماع الصوفي سهرات هذه التظاهرة ومن بينها فرقة "مالي للتصوف" التي قدمت العديد من المدائح وتغنت باسماء الله الحسنى والرسول والأنبياء، والفرقة التيجانية لوادي سوف والتي قدمت بدورها مدائح وهي "أبدأ باسماء الله على باب ربي"، "ابتهال النعمانية"، "مول السجادة" و"سلطان تماسين"، وهي فرقة تتكون من عشرين عضوا وقامت بادخال العديد من الآلات الموسيقية في السماع الصوفي. وتجاوب الحضور كثيرا مع أداء فرق السماع الصوفي والذي تنوع بين الإيقاع الهادئ أحيانا والسريع أحيانا أخرى، وسط ابتهالات وتكبيرات وكذا حركات المؤدين والعازفين المختلفة الإيقاع أيضا والتي كانت توحي بوصول الصوفي الى حالة من السلام النفسي الكبير.