يكفي ان المنتخبين الجزائري والمصري قد عاشا على امتداد النصف الثاني من السنة الفارطة ما لم تعشه منتخبات أخرى، تحملا الضغط والشد العصبي وزج بهما في معادلة الربح والخسارة من قبل لوبيات صحفية في البلدين بعضها ادعى الاحترافية والبعض الآخر اعتبرها حرية الصحافة، فكانت النتيجة إساءات طالت التاريخ والجغرافيا والرموز والشرف و جلبت العداوة والبغضاء. ويبدو ان الفرصة مواتية اليوم لإعادة كل شيء إلى نصابه لا بغضاء ولا همز ولا لمز، فالمباراة وبالرغم من ان كل طرف يريدها ومن حقه ذلك، إلا انها لن تعدو سوى مواجهة الفائز بها سيكون عربيا وعلى الكل ان يهنئه ويصفق له ويشجعه في الدور النهائي ليحفزه على التتويج. انها لغة العقل واتمنى من كل زملائي ممن تأثروا في المرات السابقة بلغط الكرة وهوسها ان ينطلقوا في الحديث عن هذه المواجهة من منظور لا غالب ولا مغلوب اليوم وغدا وبعدهما وان يغلقوا ملفات المواجهات السابقة، لأن التاريخ لا يرحم أحدا منا، وعلى الذي أساء ان يستغفر الله ويعود الى جادة الصواب فقد تفوز مصر وقد تفوز الجزائر ونفرح ونغضب، لكن في النهاية سنندم على ما فعلنا. ان ما حدث من مشاحنات بين الانصار في الجزائر وفي مصر وما قام به البعض من تحريض هنا وهناك وما غذته الصحافة والفضائيات، لم يكن له سوى الوقع السيء على العلاقة الأخوية التي كانت دوما مضربا للأمثال بين شعبين اختلطت دماء ابنائهم في معارك العزة والكرامة، وعليه فإن العودة إلى لغة التسامح والتآخي هي أحسن علاج للتشنج والتهور والغضب وليس هناك احسن من هذه الفرصة لإعادة بناء جسور الثقة بين متحابين وأخوين اختصما من أجل لعبة وفرقت بينهما ولو لحين فقط شطحات أقلام صحفية أو كلمات جارحة على فضائيات راهنت على السبق فأخطأت الهدف ونقلت كلمة مغلوطة شوشت على كل بيت وشارع في مصر والجزائر، مع ان الكل يدرك ان سكينا واحدا يذبح الجميع إذا عرفنا كيف نتفادى هوس هذه اللعبة الملعونة، فلنتعظ جميعا ولنتركها مواجهة لا غالب فيها ولامغلوب ، وإذا فاز البطل فنتمنى له التوفيق في الحفاظ على لقبه ونشجعه، وإذا فاز"الموندياليست" فلنعترف له بأحقيته في المونديال ونشجعه كذلك ...