قد يقع أي منتخب، مهما كانت قوته، في أسوء أيامه ويخسر حيث لا ينتظره أحد، وهذا يعكس فعلا ما حدث أول أمس، لمنتخبنا في لقاء نصف نهائي كأس أمم إفريقيا أمام تشكيلة الفراعنة، ذلك أن المدرب شحاتة ولاعبيه لم يتوقعوا الفوز بنتيجة عريضة والمرور بسهولة متناهية إلى نهائي هذه المنافسة التي كشفت مرة أخرى عيوب التحكيم الإفريقي الذي لا زال يقف كحجرة عثر أمام تطور كرة القدم في القارة السمراء. فماذا كان يمكن للخضر تحقيق ما كان مطلوبا منهم أمام منافس مصري استفاد من دعم حكم بنيني جرى اختياره على المقاس من طرف لجنة تحكيم المنافسة واقعة تحت تأثير ممارسات المصريين في الكواليس التي كثيرا ما أساءت إلى مصداقية هذا السلك، حيث أظهر كوفي كوجيا من خلال تحيزه الصارخ لصالح الفراعنة أن بعض الحكام الأفارقة لا يستحقون حمل الشارة الدولية للتحكيم، ويكفي أن نستدل في هذا المجال بالأخطاء الكثيرة التي ارتكبها الحكام في دورة أنغولا وحرمت منتخبات كثيرة من الاستمرار في السباق. ليس التحيز وحده الذي أساء إلى سمعة التحكيم في إفريقيا بل إن عدم الإلمام بالإجراءات الجديدة التي أدخلتها الفيفا على قوانين التحكيم العالمي يعتبر أيضا من بين مساوئ هذا السلك في قارتنا بالرغم من توفر وسائل عمل تسهل للحكام مهمتهم فوق أرضية الميدان وتقلل من هفواتهم منها بشكل خاص وسيلة "الكيت السمعي" الذي يسمح للحكم الرئيسي استشارة الحكم الرابع بخصوص أي خطأ قد لا يراه أو يشك في شرعيته. ألم يكن من الواجب على الحكم جنوب إفريقي دامون، الذي أدار مباراة ربع النهائي بين مصر والكاميرون، استشارة الحكم الرابع في الهدف الثاني الذي سجله أحمد حسن حيث أن كرة هذا الأخير، التي اصطدمت بالعارضة الأفقية، لم تتجاوز خط مرمى الحارس الكاميروني كاموني مثلما بينته التلفزة بالصورة البطيئة، وقد علق قائد "الأسود الجموحة" سامويل إيتو على الخطأ الجسيم للحكم في تلك المباراة قائلا: "لست متفاجئا من إحتساب شرعية هذا الهدف لأن التحكيم الإفريقي عودنا على هذه الهفوات ." الجميع يتفق على أن الحكم بشر ومعرض لارتكاب الأخطاء، لكن لا يجب أن يكون دائما على صواب، حتى ولو أخطأ، فقد ارتكب بعض الحكام في مباريات الدور الأول كثيرا من الهفوات جعلتنا نشك في نزاهتهم ونخاف على مستقبل التحكيم الإفريقي المدعو إلى التحرر من الضغوطات والمساومات التي أثرت على قراراته وعلى مستقبله. الكونفيدرالية الإفريقية لكرة القدم مطالبة اليوم باتخاذ إجراءات من شأنها أن تحمي حكامها من الضغوطات وتعيد النظر بشكل خاص في آليات تعيين الحكام حتى لا تذهب مجهودات المنتخبات والأندية في مهب الريح ونساير نحن الأفارقة آليات التحكيم العالمي.