هل تنجح المبادرة التي طرحها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، أول أمس، خلال ندوة أفغانستانبلندن والتي لاقت دعم الدول الغربية في إحداث مصالحة مع حركة طالبان رغم رفض هذه الاخيرة اجراء أي حوار مع الحكومة في ظل استمرار الاحتلال الأجنبي للبلاد. سؤال يطرح بعدما استطاع الرئيس الأفغاني كسب دعم قرابة 70 دولة غربية شاركت في ندوة العاصمة البريطانية بتوفير الأموال اللازمة لتطبيق مخططه في جذب من وصفهم بالتائبين من حركة طالبان للانخراط في العملية السياسية في أفغانستان. وقد حظيت خطة كرزاي بترحيب المشاركين الذين اتفقوا على إنشاء صندوق مالي دولي لدعم إعادة إدماج عناصر طالبان في المجتمع الأفغاني بقيمة 500 مليون دولار منها 140 مليون دولار تعهدت الدول المشاركة بمنحها قريبا. وقال الرئيس كرزاي خلال شرح خطته للمصالحة مع طالبان التي تعرض توفير المال ومناصب الشغل للتائبين من عناصرها "يجب علينا مد اليد لكل مواطنينا وخاصة إخواننا المغرر بهم الذين لا ينتمون إلى تنظيم القاعدة أو أي تنظيم إرهابي آخر". ليس ذلك فقط فقد أكد الرئيس الأفغاني على تسلم القوات الأمنية لبلاده المهام الأمنية في عديد المحافظات مع انتهاء العام الجاري. وإذا كان الرئيس الأفغاني يعول كثيرا على الجانب المالي لحمل عناصر طالبان على ترك السلاح، فإن الحركة استبقت عقد الندوة بالتنديد بها ووصفتها بأنها أداة للدعاية وبأنها لن تقود إلى أي نتيجة تذكر. وقال مجلس قيادة حركة طالبان في بيان بث على شبكة الانترنت أن "القادة المحبين للحرب تحت قيادة الرئيس الأمريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون يريدون خداع العالم اجمع بعقد ندوة لندن من اجل إظهار أن الجميع يواصل مساندتهم" . وأضاف انه "إذا تقرر في الندوة محاولة إطالة الاحتلال العسكري والاقتصادي والثقافي والسياسي في أفغانستان فإن هذه الندوة ستكون بمثابة ذر للرماد في الأعين". وأكثر من ذلك فقد أكدت طالبان أن "محاولات الحكومة شراء المجاهدين من خلال عرض المال وتقديم الوظائف لهم تبقى فاشلة وبدون أي جدوى" . وبهذا الموقف تكون حركة طالبان قد عقدت من مهمة الرئيس الأفغاني ورهنت خطته للمصالحة التي أعدها خصيصا لطرحها على مؤتمر لندن قصد كسب الدعم المالي بعدما وجد نفسه عاجزا على احتواء الوضع الأمني المتدهور في البلاد في ظل استمرار تصاعد هجمات طالبان. وهو ما أشار إليه متتبعون للشأن الأفغاني والذين أكدوا أن استراتيجية الرئيس الأفغاني في مد اليد لمقاتلي طالبان لا تزال بعيدة المنال وآمال التوصل إليها في القوت الراهن تبقى جد ضئيلة. ويرى محللون انه من الصعب جدا اجتذاب المسلحين الإسلاميين إلى حقل السلام في ظل غياب تنمية اقتصادية مستدامة تسمح بالقضاء على الآفات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الأفغاني ومن ضمنها البطالة التي ارتفعت معدلاتها بشكل لافت.