شهدت مدينة الأغواط بحر هذا الأسبوع، انطلاق فعاليات الموسم المسرحي بعرض عملين قادمين من مستغانم، البليدة وعمل من المدينة المضيفة الأغواط. العروض المقدمة في هذه التظاهرة، المنظمة من قبل لجنة الحفلات لولاية الأغواط واشراف مديرية الثقافة، هي مسرحية "الرحلة الثانية" للمخرج جمال بن صابر عن "تعاونية الكانكي" (مستغانم)، مسرحية "الصوت الأصفر" للمخرج أحمد مداح عن فرقة "النوارس" (البليدة)، بالإضافة إلى عرض كوريغرافي في الهواء الطلق من إخراج زروق نكاع وعن فرقة "اللون الأزرق" لحاسي الرمل، علاوة على تكريم بعض الوجوه المسرحية من المنطقة وخارجها وكذا تكريم صحيفتيّ "المساء" و"الخبر". تناولت مسرحية "الرحلة الثانية" التي مثل فيها كل من هارون الكيلاني، محمد السبات، سارة رزايقية ومحمد صافي، قصة كاتب مازال يؤمن بالقيم الإنسانية في عالم كثرت فيه الوحوش وتخاطبه شخصية افتراضية تعيش في لوحة فنية منذ خمسة قرون، تعلمت من خلالها واقعية الحياة وقسوتها. وفي هذا السياق، تحاول هذه الشخصية الخيالية إقناع الكاتب بالوجه الغالب للحياة ولكن هيهات، فقد قرر شعوريا أولا شعوريا، السير على نفس الدرب، إلى درجة أخذه للسم الذي تعطيه له زوجته كل يوم على شكل دواء وهذا حتى تتمكن هذه الأخيرة من سرقة أعمال زوجها وتقديمها لعشيقها الناشر. العمل الثاني حمل عنوان "الصوت الأصفر" وهو عبارة عن اقتباس لنص العراقي خضر ذو الفقار، ويطرح بنظرة "النوارس"، علاقات الحب بين الرجل والمرأة في الجزائر وكل ما يتخللها من مشاكل وصعوبات، ويقول مخرج هذه المسرحية التي مثل فيها كل من أكرم جغيم والعربي ساسي، ل"المساء" أن الجزائري لا يعرف كيف يحب، مضيفا أن المجتمع لا يفهم الحب وينظر إلى هذا الإحساس الجميل بنظرة تتخللها الريبة. فهاهو الشاب الفقير يحب ابنة رجل ثري، فهل سيتمكن يوما ما من الحديث معها؟ هو يعلم أنها لا تدري بأنه يحبها ولكن هل ذلك سيغير من الواقع شيئا وإذا كانت على علم بعشقه لها، هل ذلك سيغير من الأمر شيئا؟ عشق سيؤدي به إلى المماة حتما..وها هو المتشرد "الخبير في علاقات الحب" ينصح الشاب بنسيان حبيبته ويّذكره بكل القواعد والضوابط التي عليه أن يتبعها ويتحلى بها في الحب، فهل حقا في الحب طريق واحد نسلكه أم لكل قصة حكايتها المنفردة؟. العرض الثالث كان مختلفا كثيرا عن سابقيه، فهو علاوة على ضمّه عشرة ممثلين يقفون لأول مرة أمام جمهور مدينة غير مدينتهم وينحدرون من منطقة ليس المسرح من تقاليدها ألا وهي منطقة بليل، (حاسي رمل) فهو عرض كوريغرافي بلوحات عديدة تطرقت بكل قوة إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمجتمعنا، وكانت أقوى لوحة في هذا العرض، تلك التي مثل فيها طفل معوق وعبر فيها بجسمه عن معاناة هذه الفئة من المجتمع، إلى جانب استعمال النيران مرة هادئة وأخرى قوية حسب الموضوع المتناول. وتحدث مخرج عرض "بلا عنوان" ل"المساء" عن حيثيات وكواليس هذا العمل الذي عرض لأول مرة خارج مدينة حاسي الرمل، فقال أنّ "بلا عنوان" تم تحضيره في ثلاثة أشهر وشارك فيه ممثلون تتراوح أعمارهم من 15سنة و20 سنة، في أول عمل لهم، في منطقة ليس المسرح من تقاليدها، مضيفا انه كان يجب أيضا تعليم ثقافة الفن الرابع للجمهور فكانت النتيجة بزوغ ممثلين وجمهور مسرحي في حاسي الرمل. للإشارة جرت فعاليات انطلاق الموسم المسرحي في قاعة بدار الثقافة غير مخصصة لاستقبال مثل هذه العروض، وهذا ما شكّل صعوبات في متابعة المسرحيات، في انتظار تخصيص قاعة عرض مناسبة لتقديم عروض مسرحية في ولاية يعرف نشاطها المسرحي وفرة ونوعية، كما غاب الجمهور عن هذه التظاهرة، فقدمت العروض أمام جمهور قليل العدد، ويرجع هذا حسب أحد المنظمين إلى قلة الإعلان عن هذه الفعاليات. وينتظر مسرحيو الأغواط من السلطات المحلية، لفتة تعير اهتماما للفن الرابع، فمن التناقض وجود حركة مسرحية قوية في المنطقة مقابل غياب قاعة تصلح لتقديم العروض، فالأغواط وإن كانت رفقة بسكرة بوابة الصحراء، فهي على أكثر من صعيد بوابة للمسرح الجزائري من خلال تقديمها لممثلين مسرحيين موهوبين وقديرين على غرار هارون الكيلاني ومصطفى صفراني. مبعوثة "المساء" إلى الأغواط: لطيفة داريب