لأن التحسيس بمخاطر الغاز لم يعد يأتي بنتيجة عند البالغين لعدة اعتبارات، أهمها اللامبالاة والبحث عن فوائد الغاز في أيام الشتاء الباردة دون الاكتراث بمخاطرها، إلى جانب قلة الوعي وعدم معرفة أدنى التفاصيل عن سبل الوقاية عند حدوث طارئ ما، فضلت شركات إنتاج وتوزيع الغاز والكهرباء (سونلغاز)، استهداف الأطفال في حملاتها التحسيسية بغية تحقيق هدفين، الأول توعوي والثاني الضغط على الأولياء لدفعهم إلى تعلم بعض البديهيات التي من شأنها أن تحمي أسرهم من مخاطر هذه النعمة وذلك بتوجيه من أطفالهم. فإلى جانب الاعتماد على الصورة التلفزية المتحركة، التي تعكس وقائع حقيقية لحوادث وقعت بسبب عدم التهوئة، أو نتيجة وجود تسربات للغاز بسبب قدم أنابيب التوصيل أو لعدم القيام بأعمال الصيانة لأجهزة التدفئة أو الطبخ، يتم أيضا توزيع مطويات على مختلف المواطنين الذين يقصدون شبكات توزيع الغاز والكهرباء من أجل تسديد الفاتورة أو تقديم شكوى ما، إلى جانب إعداد قصص موجهة خصيصا للأطفال بالأطوار الابتدائية توزع على التلاميذ بعد قيام الفرقة المتنقلة بالتواصل معهم لترسيخ بعض الأفكار التحسيسية، ليتم تدعيمها في آخر المطاف بالقصص التي تأتي الرسالة فيها واضحة ومقرونة بجملة من الصور والألوان التي تستقطب انتباه الأطفال. وحول أهمية التحسيس في الوسط التربوي، حدثتنا المكلفة بالإعلام والاتصال على مستوى مديرية توزيع الغاز والكهرباء التابعة لبلدية بلوزداد، قائلة " نحن كمديرية نركز بشكل كبير على التحسيس، سواء من مخاطر الغاز أو الكهرباء، حيث يبدأ عملنا التحسيسي بمخاطر الغاز في نهاية شهر نوفمبر وينتهي بدخول فصل الربيع وذلك بتنظيم أبواب مفتوحة نستهدف من خلالها كل المواطنين، إلى جانب القيام بخرجات ميدانية إلى المدارس الابتدائية والثانويات، إلا أن ما لاحظناه هو أن الأطفال بالأطوار الابتدائية يستجيبون بشكل كبير، حيث يطرحون الأسئلة ويحاولون فهم كل ما له علاقة بمنافع ومخاطر الغاز، فنجدهم يتابعون الصور التي نعرضها عليهم بكل اهتمام بعد تخزينها في أذهانهم، ولأن الأطفال بطبعهم يميلون إلى قراءة القصص تعمدنا طبع بعض القصص القصيرة التي تحمل رسائل واضحة ومباشرة، لأننا على يقين أن الأطفال بمجرد عودتهم إلى منازلهم يسردون على أوليائهم ما تعلموه، وبالتالي نحاول ضرب عصفورين بحجر واحد فنحسس الكبار عن طريق أطفالهم . وتضيف المتحدثة أن هناك نوعا من اللامبالاة عند القيام بالتحسيس بالوسط الثانوي والجامعي، بحيث لا يعطي الطلبة أهمية كبيرة لما نقدمه، ربما لاعتقادهم أنها من الأمور البديهية، وهذا هو الخطأ الشائع، لأن الأغلبية تجهل أبسط الأساليب الوقائية عند حدوث أي طارئ بالبيت، والدليل على ذلك أن جل الحوادث التي تقع تكون الأسباب وراءها بسيطة وبالإمكان تداركها" . في العادة لا تقوم الفرقة المتنقلة بأي تدخل، إلا بعد أن يصل قسم البلاغات اتصال من مواطن يطلب النجدة لاكتشافه تسربا ما أو من أجل تركيب عداد الغاز بعد الانتهاء من التوصيلات، فيكون عمل الفرقة المتنقلة هو التأكد من أن شبكة التوصيل سليمة ليتم تزويد المنزل بالغاز، وحول كيفية التدخل والعمل الميداني، حدثنا كمال بوسكين، مختص بالغاز والكهرباء قائلا " اكتشفنا من خلال عملنا الميداني فئتين من المواطنين، الفئة الأولى تتمتع بدرجة معتبرة من الوعي، بدليل أنه عند تنقلنا إليهم يبلغوننا بالمشكل الذي صادفوه والذي عادة ما يتعلق بتسرب غاز نتيجة لقدم الأنابيب، في هذه الحالة نقطع التموين بالغاز ونقدم لهم جملة من الإرشادات حول مخاطر الغاز وما عليهم القيام به، كما ننصحهم بوجوب الاعتماد على مختص في الترصيص لمعالجة العطب، فنجد الاستجابة تتمثل في سرعة إصلاح العطب ومعاودة الاتصال بنا. الفئة الأخرى من المواطنين، نلمس عند التعامل معها، استهزاء بمخاطر الغاز وعدم استجابة لما نقدمه من نصائح، فمثلا عندما نقصد بيت مواطن اتصل بنا يطلب تزويده بالغاز، نجد بأن منافذ الهواء غير كافية أو غير موجودة، وكما نعلم، يشترط أن تكون المنافذ متواجدة في كل أماكن تواجد الغاز كالمطبخ، وعندما نخبر المواطن بما يجب عليه القيام به، يعترض ولا يستجيب، في هذه الحالة نغادر ونحرمه من الغاز إلى أن ينجز مخارج الهواء وفقا للشروط المطلوبة". ويضيف ذات المتحدث، أن البحث عن الجانب الجمالي بالمنزل أيضا وراء وقوع العديد من حوادث الغاز، حيث يقول "نقصد بعض المنازل فنجد أنابيب الغاز غير ظاهرة بحيث يتم تمريرها بين الجدران أو تحت الأرضية، وهنا تكمن الخطورة في أنه عند حدوث تسرب ما قد تموت كل العائلة قبل أن تكتشف التسرب، في هذه الحالة نحاول إقناع صاحب المنزل بأنه إن كانت الأنابيب ظاهرة يمكنه التعايش مع التسرب والتبليغ قبل حدوث الكارثة، إلا ان إخفاءها بهذا الشكل يسرع من وفاة العائلة، لكن بعض المواطنين يظلون متمسكين برأيهم ويغلبون الجانب الجمالي على السلامة العائلية، في هذه الحالة نقطع الغاز عنهم إلى أن يقدموا لنا شهادة من طرف الرصاص الذي أنجز العمل وذلك لإخلاء مسؤوليتنا". ولعل من بين الأخطاء الشائعة عند عامة الناس، الاعتماد في توصيل الغاز على بعض الرصاصين غير المحترفين للمهنة وغير المختصين حتى لا يدفعوا مبالغ كبيرة من المال من أجل القيام بعملية التوصيل أو إصلاح العطب، إلا أن جهل الرصاص وعدم إتقانه لعمله يعد من أهم العوامل ايضا في وقوع الكوارث.