أحيت مختلف ولايات الوطن أول أمس ذكرى يوم الشهيد بتنظيم تظاهرات متنوعة وندوات تاريخية توقفت عند أهم المحطات التي ميزت الثورة التحريرية المجيدة، مع إبراز مغزى الاحتفال بهذه الذكرى العظيمة، التي قال وزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس لدى إشرافه على الاحتفالات الرسمية بخنشلة أن إحياءها لا يمثل لحظة توقف وتأمل بقدر ما هي رسالة مستمرة في مسيرة التاريخ الوطني. وأوضح الوزير الذي كان مرفوقا بالأمينين الوطنيين لمنظمتي أبناء الشهداء والمجاهدين والقائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية وأعضاء من الأسرة الثورية أن يوم الشهيد يعد بمثابة خزان للتجربة الإنسانية ومنبع للقيم والمبادئ السامية، ويمثل ذكرى متميزة لمليون ونصف المليون من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذه الأرض الطيبة، مذكرا بعد الترحم على أرواح الشهداء، بأبطال الجزائر من الأمير عبد القادر مرورا بالمقاومات الشعبية إلى غاية شعلة أول نوفمبر 1954 وما صاحب ذلك من تضحيات جراء وحشية الاستعمار "الذي لم يتردد في إعدام المجاهدين واقترافه مجازر يندى لها تاريخ الإنسانية الذي سيبقى سجلا شاهدا على كل الأحداث الاستعمارية بالجزائر". وأكد السيد محمد الشريف عباس في سياق تطرقه إلى المجازر المرتكبة في حق الجزائر والتاريخ أن يوم الشهيد يبقى يمثل رباطا معنويا لأنه حافل بالمعاني الخالدة والدلالات في ما قدمه الشعب الجزائري من تضحيات جسام، وشدد في السياق على أن التطاول والتحريف لإخفاء الحقائق التاريخية لا يجدي المتشككين في شيئ، داعيا المؤرخين المهتمين بثورة التحرير إلى بذل المزيد من العناية وكشف الحقيقة والاعتماد على الإمكانات والكفاءات القادرة على كتابة تاريخ ثورة التحرير، بهدف حمايته من التزييف ومن كل أشكال التحريف. وبالمناسبة عاين وزير المجاهدين أشغال توسعة المتحف الولائي التاريخي ومركز الراحة للمجاهدين، كما أشرف على تسمية القاعة متعددة الرياضات بحمام الصالحين باسم الشهيد "عقون السعيد" وإكمالية باسم الشهيد "بلاع الشافعي"، فيما تم إطلاق اسم المجاهد الراحل "بن ناجي الربيعي" على العيادة متعددة الخدمات بالحامة. وبالعاصمة أحيت بلدية عين طاية الذكرى بتنظيم تظاهرات ثقافية وتاريخية وأنشطة رياضية متعددة، واستهلت الاحتفالات التي أشرف عليها الأمين العام لولاية الجزائر، بالتوجه إلى النصب التذكاري الذي يخلد شهداء الثورة التحريرية، حيث تم الترحم على أرواحهم وعزف النشيد الوطني، قبل أن يتوجه الوفد الرسمي المشكل من السلطات المحلية وفعاليات المجتمع المدني وأعضاء من الأسرة الثورية إلى عدد من المرافق العمومية التي تمت تسميتها بأسماء شهداء الثورة المظفرة، ومن بينهم الشهيد "أحمد سليماني" الذي حمل اسمه الطريق المؤدي على حي سي الحواس والشهيد "موسى طنجاوي" الذي أطلق اسمه على الشارع الرابط بين الطريق الوطني رقم 24 والطريق الولائي المؤدي إلى مستشفى عين طاية. وتواصلت الاحتفالات بقاعة الحفلات "السعادة" حيث استمع الحضور لمحاضرات تاريخية، منها المحاضرة التي ألقاها المؤرخ سعيد عباسي بعنوان "الشهداء رموز التضحية والفداء". كما تم بالمناسبة تكريم عائلات الشهداء عرفانا بتضحياتهم في سبيل الوطن. من جهتها ولاية البليدة، تميزت بها الاحتفالات بالذكرى بإطلاق تظاهرة "أسبوع الفيلم الثوري" الذي تحتضنه قاعة الحفلات بدائرة وادي العلايق، وبادرت إلى تنظيمه السلطات المحلية بالتنسيق مع مديرية الثقافة. وسيتم خلال هذه التظاهرة عرض مجموعة من الأفلام الثورية على غرار "معركة الجزائر"و"العصا والعفيون" و"ريح الأوراس" و"الثائرون" وكذا عرض لأول مرة بالولاية الفيلم التاريخي للشهيد مصطفى بن بولعيد "أسد الأوراس". كما تم بالمناسبة أيضا تشغيل مركز بريدي جواري جديد مجهز بوسائل الإعلام الآلي تم إنجازه بتكلفة مقدرة ب4,5 مليون دينار. وعلى غرار باقي ولايات الوطن احتفلت ولاية البرج بالمناسبة عبر مختلف بلدياتها، وكانت دائرة مجانة على موعد مع الحدث بإقامة الاحتفالات التي أشرف عليها والي برج بوعريرج رفقة السلطات المدنية والعسكرية للولاية، حيث تم تدشين مقبرة الشهداء بعد ترميمها بمنطقة تغيلت التي تربط بين ولايتي البرج وبجاية ثم قراءة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء المنطقة، ليتم بعدها وضع حجر الأساس لتزويد ثلاث قرى هي القرية الجديدة، صمطة وسحامدة بالغاز الطبيعي قبل أن تختتم التظاهرات بتدشين دار الشباب بمنطقة عين الكحلة ببلدية ثنية النصر. إعادة دفن رفات 13 شهيدا بتيزي وزو أحيت ولاية تيزي وزو يوم الشهيد المصادف ل18 فيفري من كل سنة، بتسطيرها لبرنامج ثري ومتنوع شمل عدة مناطق بالولاية، وتمت مباشرته بزيارة مقبرة الشهداء الواقعة بمدوحة قبل أن يتنقل الوفد الرسمي الذي تقدمه الوالي إلى منطقة ماكدوة حيث تمت عملية إعادة دفن رفات 13 شهيدا سقطوا في ميدان الشرف في الفترة الممتدة بين 1959 و1961، وشملت العملية تحويل الرفات من المقبرة القديمة الواقعة بالقرب من مقر البلدية إلى مقبرة جديدة تقع بالمكان المسمى "تيمزوا" بوسط المدينة، وحضر التظاهرة عدد كبير من سكان المنطقة الذين توافدوا إلى المقبرة للترحم على أرواح الشهداء المقدر عددهم بالمنطقة بأزيد من 400 شهيد، من بينهم "أعراب أكلي" و"ايدير محمد" اللذان بعتبران من أوائل الشهداء الذين سقطوا بميدان الشرف. كما تم بالمناسبة تقديم ميداليات وهدايا لعائلات الشهداء، مع تدعيم عدة مناطق بالولاية بمشاريع تنموية جديدة منها ربط بلديات تيزي راشد وفريحة وقرية ارجاونة بشبكة الغاز الطبيعي إضافة إلى إيصال أزيد من 14 منزلا بشبكة الكهرباء بقرية "أزرا هارون" التي ينتظر ربطها بالغاز الطبيعي قريبا. وإحياء لنفس الذكرى نظمت لجان قرى "اسناجن"، "اقمون" و"بومغيس" علاوة على الجمعية الثقافية "افارا" التابعة لبلدية "افليسن" عدة تظاهرات، شملت تدشين نصب تذكاري لشهداء الثورة بقرية "اسناجن" وإقامة معرض للصور والمقالات الصحفية التي تناولت تاريخ المنطقة، إضافة إلى تقديم عروض مسرحية وقراءة مقطوعات شعرية، وحفلات لتكريم المجاهدين وأرامل الشهداء.