بمئزرها ناصع البياض كانت تقف أمام آلة كبيرة مخبرية، شدت الانتباه إليها وسط كم معتبر من السيدات في اختصاصات مختلفة في مناحي الحياة، إنها المتربصة جازية ناصري ابنة سيدي بلعباس التي شاركت مؤخرا في معرض مرافقة المرأة أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية، اختارت اختصاص مراقبة النوعية الغذائية بحكم رغبتها في فهم الأشياء، لأن التواريخ المدموغة على أغلفة العلب الاستهلاكية لم تكن لتمر مرور الكرام أمامها، كما أن التفسيرات التي قدمت لها لم تكن كافية، مما دفعها للبحث عن الأسباب والمسببات، وهي الأسئلة التي وجدت الإجابة عنها عند التحاقها بمعهد سيدي بلعباس "شوطي جيلالي"، وهي اليوم تطمح لفرض ذاتها في المجتمع بعد إكمال فترة التربص التي ترى أنها عملية جدا وفرصة لا تعوض. حول هذا التخصص تقول جازية "مدة التربص في هذا الاختصاص هي 30 شهرا كاملة يمكن الحصول بعدها على شهادة تقني سامي في مراقبة النوعية الغذائية الصناعية، وبقي لي من المدة المخصصة سنة لالتحق بعالم الشغل، وأفرض ذاتي في هذا المجال الذي وجدته رائعا ويخدم المستهلك بنسبة 100 ". وعن سر اختيارها له تقول "والدي شديد الحرص على تنبيهنا بضرورة مشاهدة تاريخ الاستهلاك على الغلاف قبل الشروع في الأكل، نعم كان ينصحنا ويحرص على أن لا يبقى اللحم في الثلاجة مدة طويلة، إلا أنه لم يكن يملك تحليلات لأسباب هذا الحرص، وهي الأمور التي جعلتني أبحث عنها، ووجدت في هذا الاختصاص ملاذي، بحيث أصبحت أعرف اليوم أن اللحم عندما يطول تجميده يفقد خاصيته الغذائية، وتلتصق به الكثير من البكتيريا إذا أخرج وأعيد ليصبح ساما في النهاية، إلى جانب أمور أخرى تعلمتها في المعهد وأدرك جيدا أن هناك المزيد" . وعن خاصية هذا الاختصاص قالت محدثتنا "لدينا مقاييس ضرورية وهامة جدا تبنى عليها عملية المراقبة والتي لها علاقة بالبيولوجيا الجزئية والكيمياء البيولوجية والتي يمكن من خلالها الاطلاع على أدق التفاصيل في الجزئيات المكونة للأغذية ومدى صلاحيتها للاستهلاك أو عدمه، كما يمكننا من خلال هذه المقاييس واعتمادا على المخبر الذي نقوم فيه بتحليل المواد الغذائية وخاصة الأولية كالحليب والزبدة والشكولاطة لنعرف أنواع البكتيريا الموجودة في تلك الأغذية ولا يخفيكم أن هناك أنواعا من البكتيريا صديقة للصحة وأخرى تتسبب في حدوث تسممات غذائية، وتؤدي في بعض الأحيان للوفاة، وهو الأمر الذي يؤكد خطورتها وضرورة التعامل معها بحذر". وحول تجاربها المخبرية قالت" لقد شاهدت إعجاب صديقاتي وأهلي بالاختصاص الذي اخترته لأمارسه كمهنة بعد تخرجي، فغالبا ما أشعر بالسعادة عندما أكون في المخبر وأشاهد العينات المخبرية والجزئيات المختلفة في المواد الغذائية لأنه ليس من السهل التفريق بين الصالح والطالح إن لم تكن من أهل الاختصاص، كما أن مشاهدتي لتلك البكتيريا ومعرفتي أنني استطيع إنقاذ الأشخاص من التسمم والألم يجعل لعملي هذا قيمة كبيرة إنسانية وعملية أيضا، لأن الأمر الذي تعلمناه في اختصاصنا هذا هو أن صحة المستهلك فوق الجميع. وحول طموحها وأحلامها قالت "أتمنى الحصول على عمل فور انتهاء فترة تربصي بالمعهد لأن في داخلي طاقة عملية قوية أود تفجيرها في الميدان لخدمة ذاتي، لأنني أحلم بمنصب عمل في الاختصاص الذي أحبه كثيرا، ولخدمة الأفراد والمجتمع أيضا".