"فاظمة" ستسافر إلى مدينة إيليزي لتبوح بما يجيش في صدرها من وحدة وأسى، بعد أن تركها "أرزقي" وحيدة ليتزوّج من أخرى تضمن له العيش في الضفة الأخرى من المتوسّط··" فاظمة" التي منحتها حميدة آيت الحاج فرصة التعبير عن مكنوناتها من جديد بعد سنوات طويلة من السكوت، ستكون خشبة المسرح فضاء ينطلق فيه صوتها عاليا "فوذاغ" (عطشت)··· "فاظمة" التي تعود هذه المرّة لتشكي بالأمازيغية وحدتها وقسوة المجتمع تجاهها، ستكون صوت جميع النساء فوق الأرض، كيف لا وهي التي أغلقت في وجهها جميع الأبواب لتجد نفسها بسبب الضغط "عاملة نظافة" تتحدّث دون توقّف عن همومها، ترقص، تغني وتصرخ وتبكي··· "فاظمة" هو العمل السادس والأربعون لدائرة المسرح في تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، وأوّل إنتاج للمسرح الوطني الجزائري باللغة الأمازيغية، وذلك بهدف "ترقية اللغات ونشرها، والأمازيغية لغة وطنية تستدعي الاهتمام والتكفل الجاد"، وقد كتب محمد بن قطاف مسرحية فاطمة بالفرنسية وترجمها إلى العربية قبل أن تترجم إلى لغات أخرى، كما ترجم نص المسرحية إلى الأمازيغية موحند ناث ياغيل وأخرجتها للمسرح الوطني حميدة آيت الحاج، التي حاولت إعطاء رؤية جديدة ومغايرة للنص الأصلي وفتح مجال آخر للممثلة لتجدّد "فاطمة" في صورة عاكسة لكلّ نساء العالم· وللحديث عن حيثيات هذا العمل الذي يقدّم يوم الثاني عشر من فبراير الجاري بمدينة إيليزي، نشّط فريق العمل ندوة صحفية بالمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، حيث أكّدت المخرجة حميدة آيت الحاج أنّها واجهت مشكلة كبيرة للعثور على ممثلة تجيد اللغات الثلاث، العربية الفصحى، الأمازيغية والفرنسية، وبإمكانها أن تقدّم دور "فاطمة" بدون ما يحمله الدور من روح وخفّة، موضحة أنّ هذا الشرط أساسي لإكساب العرض صفة العالمية· وأشارت مخرجة "النهر المحوّل" للمسرح الجهوي لبجاية، إلى الصعوبات التي واجهتها لإيجاد شخص قادر على ترجمة النص الأصلي بكلّ وفاء واحترافية، وقالت أنّها تعاملت مع النص المترجم على أساس عالمي يمكن من خلاله أن يقدّم بثلاث لغات، العربية الفصحى للمشاركة في مختلف الفعاليات المسرحية العربية، والأمازيغية كحلم تحقّق، والفرنسية لمخاطبة الآخر في الضفة الشمالية للمتوسّط، في انتظار رفع التحدي وتقديمه بلغة الصم البكم، مضيفة أنّه على الممثل أن يكون متعدّد المواهب وذلك في سياق إشادتها بالممثلة رزيقة فرحان التي تقف لأوّل مرّة فوق خشبة المسرح· وأكدت المخرجة أنّ صيغة مسرحية "فاطمة" بالأمازيغية ليست اقتباسا، بل "نقل" نحو الواقع الحالي، إذ عمدت إلى "تحيين النص" الذي كتبه امحمّد بن قطاف، وذلك بالتعمّق في روح النصّ وإسقاطه على الواقع المعيش بعد 15 سنة من تقديمه للمسرح من قبل صونيا وإخراج زياني شريف عيّاد· مشيرة إلى أنّ الوحدة والصراع اللّذين تتناولهما المسرحية، يمكن تقديمهما في أشكال مختلفة، وهو ما تسعى إلى تقديمه في "فاظمة"· من جهتها، أكدت رزيقة التي تحترف مهنة التمثيل منذ خمس سنوات، أنّ هذا الدور يمثّل بالنسبة إليها أوّل تجربة في المسرح· مشيرة إلى أنّها شجّعتها على تقمّص الدور بالرغم من خوفها الشديد من خوض غمار هذه التجربة الجديدة في مسارها الفني· وأضافت أنّها لم تجد أيّة صعوبة في قراءة وفهم النص، وكذا في تقمّص روح "فاظمة"، وقالت "فاظمة لن تشكي كثيرا، المشكل ليس في عاملة النظافة ولكن في الوحدة ونظرة المجتمع القاسية·· فاظمة ستغني قليلا، سترقص قليلا·· هي فاظمة 2008"· "فاظمة" تصعد كعادتها إلى السطح لغسل ونشر الملابس، فتتحدّث مع نفسها وتشتكي من نظرة المجتمع في حبكة مشحونة في آن واحد بالألم والمسرّات، تترجم من خلالها حسرة امرأة محاصرة·· فب"فوذاغ" تعبّر "فاظمة" عن لوعتها، وفعل الغسيل المادي دلالة رمزية على الروحي بين المنطق والواقع، وبين الحقيقة والمجاز تعيش "فاظمة" لحظات ولكنّها ليست كاللحظات··· وللتذكير، تم تقديم المسرحية في صيغتها بالعربية العامية في سنة 1990، حيث قامت الممثلة صونيا بأداء الدور الرئيسي وأخرج المسرحية زياني شريف عياد، كما قدّمتها نسرين بلحاج عام 2006 وأخرجتها الفنانة صونيا، وستحطّ الرحال بالمسرح والوطني الجزائري من 19 إلى 22 فبراير الجاري·