تتكرر معاناة تلاميذ الأحياء المعزولة على مستوى بلدية هراوة بصفة يومية ومنذ أكثر من 6 سنوات لبعد المرافق التربوية عن مقر سكناهم لمسافات طويلة خاصة في الطور الابتدائي، لتزداد مشاكلهم حدة مع النقل المدرسي الذي لا يغطي احتياجاتهم الفعلية لتقريبهم من الابتدائيات المجاورة، وهو ما يجعلهم عرضة لمختلف الأخطار التي تترصدهم يوميا بالموازاة مع الضغط الذي تشهده أغلب المدارس بالبلدية. وحسب الشكوى المقدمة من طرف أولياء التلاميذ ل»المساء« فإن واقع معاناة أبنائهم يتكرر مع كل سنة دراسية في ظل غياب مؤسسات تربوية بكل من أحياء برايدية، العربي، أولاد معمر وتجمعات سكانية معزولة بحي عين الكحلة وهي الوضعية التي ازدادت تعقيدا خلال السنوات الأخيرة، حيث يجدون الكثير من الصعوبات في تسجيل أبنائهم عند أقرب مدرسة من الحي أو حتى بضمان تنقل بناتهم عبر حافلات النقل المدرسي خاصة بالنسبة للسكان الجدد، وهو المشكل الذي يمتد إلى الطور المتوسط، في حين يعد انعدام التمدرس في الطور الثانوي قاعدة عامة في بلدية هراوة أمام غياب ثانوية وحيدة على الأقل رغم أن الفكرة مطروحة منذ سنوات، لتمتد معاناة هؤلاء بالتنقل إلى البلديات المجاورة كعين طاية والرغاية، وإثقال كاهل أوليائهم بمصاريف إضافية. وقد رافقت »المساء« بعض التلاميذ في رحلتهم الدراسية أياما قبل العطلة والتي تزامنت مع تساقط الأمطار بغزارة لمدة أسبوع وما صاحبها من تحول الطرقات والمسالك إلى برك من المياه والأوحال حيث يضطر أطفال حي برايدية وأولاد معمر الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 و12 سنة إلى التوجه للابتدائيات الأقرب من مسكانهم بقطع مسافة تفوق الكيلومترين سيرا على الأقدام في رحلة الذهاب فقط، ناهيك عن فترات الدراسة التي يجبر التلاميذ بموجبها على قطع أكثر من 8 كيلومترات يوميا، وفي أحسن الأحوال تصل إلى 4 كيلومترات في حال الظفر بمقعد في النقل المدرسي الذي لا يتعدى 3 حافلات من الحجم الصغير تغطي هذه الأحياء بالإضافة إلى حي العربي وتجمعات سكانية معزولة بعين الكحلة، وهي مناطق متفرقة عبر أنحاء البلدية، حيث يتم ضمان رحلة الذهاب صباحا والعودة مساء دون الفترات الأخرى التي يصعب التحكم فيها أمام العدد الهائل من تلاميذ الأحياء المعزولة وهو ما يضطرهم أحيانا إلى الاستعانة بالنقل العمومي سواء بمقابل أو مجانا، وهو الذي لا يتاح في أغلب الاوقات نتيجة تشبع الحافلات بالمسافرين في ظل تذبذب النقل ببلدية هراوة. وما يزيد في معاناة هؤلاء حسب بعض أولاياء التلاميذ هو قطع هذه المسافات وسط مساحات زراعية نائية غير مأهولة بالسكان، وهو ما يجعلهم عرضة لأخطار عديدة كالحيوانات المتشردة والاعتداءات والسرقات التي تترصدهم في كل مكان، بالإضافة إلى صعوبة السير في طرقات غير مهيأة خاصة في فصل الشتاء بالموازاة مع خشيتهم من حوادث المرور في بعض المواقع، وهو ما يدفع ببعض الأولياء إلى مرافقة أبنائهم متى ما سنحت لهم الفرصة، وهي الوضعية التي تزداد سوءا في كل سنة دراسية أمام تشبع الابتدائيات المتوفرة التي تنشط بمعدل يفوق 45 تلميذا في كل قسم رغم برمجة مشروع 12 قسما دراسيا بعين الكحلة وتوسع 3 أقسام بمدرسة ديدوش مراد وسط هراوة ينتظر استلامها خلال الدخول المدرسي المقبل. ومثلما تطرقت إليه »المساء« في عدد سابق يبقى إنجاز 24 قسما موزعا على كل من أحياء برايدية، العربي، أولاد معمر، و150 مسكن بعين الكحلة هو الحل المتاح رغم أن تعطل إنجازها لأكثر من 4 سنوات حسب مصادر مطلعة يعود بالأساس إلى انعدام الوعاء العقاري لتجسيدها وهو ما يستدعي تدخل الجهات المعنية لحل هذا الاشكال في قطاع حساس يكوّن جيل المستقبل ويخفف من متاعب المواطن البسيط ببلدية هراوة، وليبقى التلاميذ في عطلة للراحة قبل العودة إلى مشاق الرحلات الدراسية.