يعد شباب باتنة، عميد الأندية الأوراسية، من بين الأندية الجزائرية العريقة بفضل سجله التاريخي، الذي يروى ملحمة أبطال اعتزوا بوطنيتهم وعزة النفس بشموخ يعلو شموخ جبال الأوراس، حيث بدأ مسيرته في الحركة الرياضية تحت مظلة الدفاع عن الوطن. تأسس هذا النادي في وقت لم يكن فيه الحديث عن الوطنية سوى جرم وإخلال بالنظام العسكري الفرنسي، وتزامن ميلاده مع أفراح المستعمر، احتفاء بمئوية احتلاله للجزائر، لتنطلق صحوة مباركة شاملة حركت الشعور بالوطنية، ولم تتردد ولم تتأخر بدورها الشبيبة الباتنية المتعطشة للحرية عن الالتزام بالواجب تجاه الوطن، حيث شرعت هي الأخرى في تنظيم صفوفها من أجل المساهمة في تهيئة وتنشيط كل الظروف الملائمة لاندلاع الثورة التحريرية، مستعملة في ذلك كل أساليب وطرق التمويه من أجل التغطية على نشاطها الحقيقي الرامي إلى إنجاح جميع العمليات المدروسة بدقة، والهادفة إلى تفجير القدرة الجزائرية لرفع التحدي ونزع جذور الاستعمار. كل المؤشرات كانت توحي بأن المتاعب ستبدأ بميلاد الفريق مع الشروط التعجيزية للإدارة الفرنسية لمنح الاعتماد في تلك الحقبة من الزمن، بداية بالمعارضة العنيفة لأفراد ''ملبال''، ''مير'' باتنة في تلك الحقبة التاريخية، الذي بذل كل ما في وسعه لإبطال هذه الخطة، كونه مدركا لعواقبها وخطورتها على فريقه بصفة خاصة وعلى النظام السائد بصفة عامة. وقد أجمعت كل الروايات التي استمعنا إليها، على أن المرحوم بشير بن غزال، المتوفى سنة 1989 كان مهندس هذه العملية، الرامية إلى إنشاء فريق يمثل الشريحة العربية المسلمة الجزائرية، حيث كان من بين الأوائل الذين أسسوا النادي بمعية علي بوروبة. ولم تكن المهمة سهلة في ظل وجود ناد رياضي بالمدينة ينشط تحت لواء الأوروبيين بتسمية '' ا.س.ب'' برئاسة رئيس المجلس البلدي'' ألفريد مالبال ''، خصوصا وأن منافسه يمثل الجزائريين المسلمين. وهكذا ولد الفريق من رحم الوطنية التي أسست لمرحلة جديدة، ففي31 /10/ 1932 تحصل النادي على الاعتماد بمشقة الأنفس، ويعود الفضل إلى السيد محمد بن شيخ لفقون، فكانت الشروط تعجيزية لما أجبرت الهيئات الرياضية الفرنسية النادي على إدماج لاعبين فرنسيين ضمن التعداد بمسير فرنسي، ولم يكن من الصعب تخطي هذه العقبة، فتم إدراج أسماء جورج بوناكو رئيسا وألفادو فرانسوا نائب رئيس والمحامي قاج أزاك نائبا ثانيا، والذي امتهن المحاماة بعد الاستقلال بباتنة التي غادرها في نهاية التسعينيات، وتم إقحام في تعداد شباب باتنة، اللاعبين الفرنسيين هيبار قيلو وليفي من الجالية اليهودية. معاناة النادي الأوراسي لم تنته عند هذا الحد، حتى أن التدريبات الرياضية كان يجريها بما يعرف بالملعب المدرسي، ''ملعب محمد درانة'' حاليا، لأن ملعب سفوحي كان حكرا على النادي الأول. وبمرور الوقت، تأكد الحلم الذي تجسد ميدانيا بانضمام الشباب الباتني إلى الحركة الوطنية لتدعم النضال والمساهمة في التهيئة لانفجار ثورة التحرير المباركة، وكان النشاط دؤوبا خلال 22 سنة بعيدا عن النتائج الرياضية التي أبهرت ''مالبال'' بفوز على النادي الأوروبي بالمدينة كرس البعد الوطني والإيمان بالقضية، حتى أن'' مالبال'' في معرض تعليقه على النتائج صرح أن حزب الشعب هو من كان وراء هذا الاستحقاق وليس فريق '' الكاب'' كما ترويه الروايات. وكان شباب باتنة قد أحدث قبل ذلك تغييرات على هرم الرئاسة بعد الانخراط في المنافسة، وأسندت المهمة إلى الدكتور بن خليل سعيد من منطقة سطيف، وكان الفريق يلجأ إلى كراء الشاحنات وحافلات السيد بوهالي للتنقل خارج ميدانه. وعلق الفريق نشاطه مرتين خلال الحرب الكونية الثانية وعند اندلاع الثورة التحريرية، كما تعرضت مجموعة من لاعبيه ومسيريه خلال حوادث ماي 1945 إلى توقيفات بتهمة ممارسة ''جرم الوطنية'' في ميادين الرياضة، حيث تحول البعض من لاعبيه إلى فدائيين ينشطون ويقومون بالعمليات بالمدينة وآخرون اختاروا الالتحاق بالرفقاء في الجبال. وما يجدر ذكره، فإن فريق شباب باتنة الذي ظل وفيا فيما بعد لبيان أول نوفمبر ,54 وكانت وقتها الاستجابة كلية عندما يتحول ناد رياضي إلى ميادين الكفاح دون أن يأبه بالعواقب أمام سلطة استعمارية تلاحق تحركات لاعبيه، ولم يثن ذلك من عزيمة شهدائه الأبرار من مسيرين ولاعبين فضلوا الاستشهاد بدل اللهو والتباهي بالألقاب الرياضية، إذ كان شباب باتنة وسيطا لدمج الشباب في تاريخ الحركة الوطنية، وهي الحقائق التي يدونها التاريخ مدعمة بقائمة إسمية لعينة من طينة الجزائريين الأحرار الذين استشهدوا في ميادين الشرف ولم تغرهم مناسبات وفرص الترف، فكان ثمن الحرية قائمة من 60 شهيدا بين لاعبين ومسيرين. وبعد الاستقلال عاد شباب باتنة مجددا إلى مسرح الأحداث الرياضية بالوطن بنفس ألوان الفريق : الأحمر الذي يرمز إلى التضحية بدم 60 شهيدا، والأزرق الذي يرمز إلى الأمل، أي الاستقلال، أما صورة الديك الموجودة على الأقمصة فترمز إى الاستيقاظ في الإسلام من أجل أداء الصلاة وتعني في السياسة الإيقاظ والوعي السياسي. ودائما في الستينيات، تمت عملية تجديد النادي، حيث عادت مجموعة من المسيرين على غرار محمد بوهيدل ومحمد لنجاصة وبرغوث آيت، ومن اللاعبين الأحياء الذين حملوا ألوان الفريق نجد عباس غزيل، بودي شنوف، عمامرة حمودي وغيرهم. للتذكير، ارتقى شباب باتنة إلى النخبة لأول مرة في الموسم الرياضي 74 / ,75 وكان ضمن تعداده لاعبون كبار أمثال الساسي حاوزماني، محمد بوطمين، سفوحي، غزلان، غرناعوت، لشخب، قورداش، غزلان، السعيد ميهوبي، إسماعيل، خناب، أوجيت، الحارسان عباس وسفوحي وغيرهم، ولعب ل''الكاب'' بالقسم الوطني الأول لاعبو الجارة المولودية، الإخوة زندر والحارس الدولي السابق رشيد صوالحي. 32 سنة في الشرفي وبقي ''الكاب'' 32 سنة بالقسم الشرفي وظل يبحث عن الحلم المنشود منذ فجر الاستقلال، وعاد مجددا إلى القسم الوطني الأول سنة ,1993 قبل أن يتدحرج في الموسم الرياضي 2003/ 2004 إل القسم الثاني وعاد مجددا العام الموالي قبل أن يتدحرج مرة ثانية في الموسم الرياضي 2007 / 2008 وصعد مجددا الى القسم الاول في الموسم 2008 / .2009 وخلال سنة 1993 التي عاد فيها ''الكاب'' إلى القسم الوطني مجددا بقيادة ابن الفريق المرحوم ابراهيم قليل، أجرى لقاء مع شباب قسنطينة يوم 25 /06/ 1993 وكانت نتيجته 2-0 صفر للمحليين، وهو التاريخ الذي تزامن مع اعتزال اللاعب الساسي حاوزماني ملاعب كرة القدم بعد موسم توج فيه رفقاء دهقال الذين سجلوا فيه 18 انتصارا وسبع تعادلات وانهزموا في خمس مقابلات، حيث سجل شباب باتنة 52 هدفا وتلقى خط دفاعه 12 هدفا، ومن العناصر التي حملت المشعل في هذا الموسم الكروي إسماعيل، حناشي، عتروس، بوعرعارة، حلماط، خزار، زيادي، بحري، مزياني، بن ساسي، عرعار، خصام وشنة. وما يعرف عن ''الكاب'' الذي ظل طيلة هذه المدة يبحث عن تدوين في ''البالمراس''، أنه الفريق الجزائري الأول الذي استعان بلاعبين أجانب في عهد رئيس النادي رشيد بو عبد الله الذي استقدم كلا من العراقيين قيس وحيدر اللذين لعبا للنادي الأوراسي من 95 إلى سنة ,97 كما لعب للنادي كلا من صانو داودا من بوركينافاسو ودومبيا تراوري من مالي. عودة قوية عاد ''الكاب'' بقوة خلال التسعينيات حيث شارك نهائي كاس الجمهورية سنة 1997 لكنه خيب ظن جمهوره أمام اتحاد العاصمة، صاحب الرقم القياسي في تنشيط نهائي كأس الجمهورية والذي فاز بهدف مقابل صفر أمضاه غول عن طريق مخالفة، كما شارك شباب باتنة سنة 1999 في نهائي كأس أول نوفمبر المستحدثة وانهزم أمام ''العميد''. وتضمنت تشكيلة 1997 التي نشطت نهائي كأس الجمهورية عناصر تألقت بقيادة المدرب مقدادي، منها عبد العزيز قشير تلميذ مدرسة القل، مراد كوليب لاعب سابق للجارة المولودية. بوعرعارة حليم مدرب أمل مروانة حاليا. دوب منير. مزجري وعبد اللاوي الذي لعب لاتحاد العاصمة من قبل وساكر، الحارس اسماعيل، ابن ساسي، سليم عريبي وخلوط، في حين لم يشارك ابن حسان في النهائي بسبب الإصابة وتابع اللقاء من المدرجات، وهي تقريبا نفس التشكيلة التي نشطت كأس أول نوفمبر المستحدثة بقيادة المدرب العراقي عامر جميل، الذي قضى أزيد من 13 سنة مع النادي الأوراسي. وقبله تداول على تدريبات الفريق في تاريخ ''الكاب'' كل من بنيكنوار، المرحوم ابراهيم قليل، حسين زكري، مشري، رابح زيد، تبيب، بومعراف، أيت شقو جيلالي، لاعب رائد القبة سابقا، وغيرهم من المدربين ومنهم المدرب رشيد بوعراطة الذي وضع في بداية الموسم الجاري الفريق على السكة وجهود جميع من أسهموا في خدمة النادي الباتني منذ تأسيسه إلى يومنا هذا من رياضيين ولاعبين ومن المسيرين، أمثال الصيدلي كمال مصطفاي، بوهيدل، رشيد بو عبد الله، زغينة، فرحات والرئيس الحالي فريد نزار والقائمة طويلة.