نقف للمرة الثالثة على التوالي عند ''يوم بلا سيارات'' الذي عاشته أول أمس شوارع العاصمة، التي غابت عنها أخيرا أدخنة المركبات والازدحام الذي يميز يومياتها، حيث تنفس العاصميون الصعداء بعد ان خلت لهم الشوارع للاستمتاع بلحظات الراحة دون أي ضغط وفي أجواء نقية خالية من التلوث. وإذا كان الجميع قد استحسن هذه المبادرة التي اضحت تقليدا، فإنه لابد أن نقف عند مدى تحقيق الأهداف المرجوة منها بعد ثلاث سنوات من اطلاقها في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة اختناقا مروريا كبيرا وما يسببه الكم الهائل من المركبات التي تمر عبر شوارعها من تلوث فظيع. والحقيقة أن هذه المبادرة قد أفرغت من محتواها في ظل غياب الركائز المساعدة على انجاحها ومن ثم اقناع المواطن بأهدافها التي باتت لاتخرج عن إطار التحسيس والتوعية في الوقت الذي كان يفترض ان تتجسد في الميدان .. فكيف لنا أن نقنع هذا المواطن بالتخلي عن سيارته ونحن لازلنا نشكو من تأخر استلام الميترو ونقص وسائل النقل الجماعية التي تشتغل على المعايير العالمية لاسيما فيما يتعلق باحترام التوقيت. ولا يمكننا الحديث عن مضمون المبادرة الذي يرتكز على الحد من التلوث حماية للبيئة دون الاشارة الى عوامل أخرى تسهم في تفاقم الظاهرة أبرزها انتشار القمامات عبر شوارع مدننا وما تخلفه من روائح كريهة لا سيما ونحن على أبواب فصل الصيف، لنتساءل في هذا الصدد عن سبب غياب مبادرات مماثلة رغم أنها لا تكلف الكثير. و يبقى القول ان تظاهرة يوم بلا سيارات لم تخرج عن مجرد كونها فرصة للفسحة والفرجة للأطفال والعائلات التي استمتعت بمختلف التظاهرات الثقافية والرياضية المنظمة في هذا الاطار وتتمنى لو تكون سائر الأيام كذلك،، لكن بين الحلم والحقيقة بون كبير لأن العاصمة سرعان ما تستيقظ في اليوم الموالي على كابوس أبواق السيارات المزدحمة وأدخنتها.