عندما يتحدث الوزير الأول عن أن الميزانية المخصصة للمخطط التنموي الخماسي والمقدرة ب286 مليار دولار ستخصص لتطوير آلة الإنتاج الوطني دون الاستيراد، فإن ذلك يعني أن البلاد مقبلة خلال المرحلة القادمة على رؤية اقتصادية جديدة ترتكز على أسس متينة. فتصريح الوزير الأول كان منطقيا من منطلق أن هذا الغلاف الضخم لا يستثمر إلا بما يعود بالفائدة على البلاد وتطوير الإنتاجية للحد من الاستيراد الذي أنهك اقتصاد البلاد. وتشجيع في المقابل الصادرات التي تمثل المحروقات 98 بالمائة منها دون القطاعات الأخرى. كما أننا لا نعتقد أن تخصيص هذا الغلاف الضخم سيترك لمختلف القطاعات مجالا لتقديم تبريرات تسد عجزها، اللهم إلا أذا كان ذلك مرتبطا كما تعودنا بسوء التسيير الذي أضحى وسيلة لإخفاء الفشل عندما لا يتسنى بلوغ الأهداف المنشودة. لكن السؤال المطروح هنا هل فعلا بإمكان المؤسسات الوطنية رفع التحدي ؟ وهل هي جاهزة لمواكبة الرهانات في الوقت الذي تفتقد فيه لروح المبادرة والتنافسية المطلوبة في ظل انفتاح اقتصاد البلاد على الشراكات المتعددة والتواجد المكثف للمؤسسات الاجنبية ببلادنا ؟ وإذا كانت المسألة مرتبطة أساسا بتوفير الإمكانيات اللازمة لتطوير الآلة الإنتاجية، فإنه من الأهمية بمكان إرساء أرضية حقيقية تمكّن هذه المؤسسات التي تفتقد للتأهيل اللازم من تحقيق الإقلاع الاقتصادي والبداية تكون بالتكيف مع مقتضيات السوق الجديدة ومجابهة التحديات المفروضة عليها.