يتزايد الإقبال المذهل على الزهور في فصل الأفراح والأعراس والذي غالبا ما يتزامن مع موسم الاصطياف، حيث من غير الممكن أن تحضر أية مناسبة سعيدة وتغيب عن عينيك باقات الورود. وبين الفوشيا والبكرا والصونيا، تتباين أذواق العائلات الجزائرية التي تغتنم فرصة الصيف والمناسبات والأفراح السعيدة، لتقديم تشكيلة مميزة من الورود بأنواع وأشكال وألوان تكون بمثابة الأكسسوارات التي تضفي سحرا خاصا على المناسبة. ويلمح الناظر أو المتجول بشوارع العاصمة بسهولة ذلك الاختلاف الكبير في نسبة توافد الزبائن على محلات بيع الأزهار، التي نجد بائعها يتفنن في اختيار أنواع وأشكال الزهور التي يطلبها الزبون وطريقة تغليفها التي تتباين من مناسبة إلى أخرى، خاصة بين باقة تقدم إلى مريض وأخرى إلى عروس. وأهم باقات الورود التي يحرص الجزائريون على اقتنائها هي باقة الخطوبة، والتي عادة ما يفضل أن تكون تشكيلتها من الورود ذات اللون الأحمر والتي تعتبر أهم عنصر في هذه التشكيلة، إضافة إلى أزهار ''الصونيا'' وهي التي تتميز بلونها الوردي. وتزين هذه الباقة بأغصان خضراء تعطيها كثافة إضافة إلى مجموعة القصب الملون بالبنفسجي والأحمر الغامق، والذي عادة ما يكون في شكل ريش كما تضاف إليها عشبة ''السيكوم'' التي تعمل على شد الورد بعضه إلى بعض لتلف بعدها بورق خاص رقيق شفاف، وكذا أشرطة ملونة. كما تقتنى باقات الورود في مناسبات سعيدة أخرى، كازدياد مولود جديد أو عيد الأم والمرأة وحفلات التخرج بالنسبة للطلبة وزيارة المرضى بالمستشفيات، وكذا لتزيين سيارة العروس. وقد عادت الورود الطبيعية في السنوات الأخيرة لتحتل مكانتها في المناسبات السعيدة، التي تحتفل بها العائلات الجزائرية بعد فترة طغت فيها موضة الورود الاصطناعية. فالإقبال على الورود الطبيعية انتعش مؤخرا وأصبح يعرف ارتفاعا رغم أسعار الورود المرتفعة عموما والتي تتحكم فيها الفصول، فسعر الوردة الواحدة يتراوح في فصل الشتاء بين 60 دج و100 دج مقابل 25 دينارا نهاية شهر مارس وما بعده. ويلاحظ ان اقتناء الورود لا يتم كثيرا في الأيام العادية ويقتصر ذلك على فئة معينة فقط لغياب ثقافة الورود عند الجزائريين. ويقال ان لهذه النباتات الجميلة مفعولا قويا في التأثير على مزاج الإنسان، فالأمر يتعدى أن تكون الزهور مجرد ديكور فقط، باعتبار أن لرائحتها مفعولا قويا يؤثر على المزاج، ويختلف هذا التأثير في قوته على نوع الزهرة واختلاف رائحتها، ف "الزنبق الزهري" و"النرجس البري الأصفر" يساعدان على تحسين الشعور بعد يوم شاق من ضغط العمل، ولهذا يستعمل هذان النوعان من الزهور وروائح عطرية لزهور أخرى لعلاج بعض الحالات النفسية كتخفيف الحزن والتنفيس عن الغضب. وما تزال مهنة إنتاج الورود في الجزائر تشوبها العديد من العراقيل حالت دون تطورها، من بينها العوامل المناخية غير الملائمة والتي تتطلب توفير البيوت البلاستيكية والزجاجية، بالإضافة إلى غلاء الأسمدة والمبيدات، وكذا نقص المهنية واليد العاملة المؤهلة والتمويل. وتخضع طريقة التزيين هي الأخرى للموضة، فطريقة التزيين المستعملة الآن تسمى ''السلة'' او''العش''، كما أن تزاوج الألوان يخضع لمقاييس الموضة، رغم أن التزيين يفتقر لأدنى المعايير، ففي كثير من الأحيان يبدي الزبون امتعاضه من طريقة تغليف البائع للورود التي تكون تقليدية وبورق شفاف وأشرطة ملونة قد تشوه وجه الباقة الزاهية الألوان، وعلى هذا الأساس يفضل بعض الزبائن القيام بتغليف الباقة بطريقتهم الخاصة في البيت.