انتقد السيد جاك توبون رئيس المدينة الوطنية الفرنسية لتاريخ الهجرة أول أمس، السياسة التي ينتهجها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تجاه المهاجرين، وقال أن ما حدث مؤخرا للفريق الفرنسي لكرة القدم المشكل من مجموعة من اللاعبين ذوي أصول مهاجرة في مونديال جنوب إفريقيا، لا يعكس فقط الأزمة التي تواجه المنتخب وإنما تعكس الصورة الراهنة للبلد أيضا. وأوضح السيد جاك توبون في محاضرة قدمها أول أمس في المركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة، أن ظاهرة الهجرة عكس ما يتداوله الرأي العام وحتى السياسيين على أنه مشكل، فهو ليس كذلك، معترفا في السياق أن المهاجرين شيدوا وبنوا فرنسا خلال 150 سنة الماضية، بسبب السياسة المنفتحة التي انتهجتها الدولة في سن قوانين تنظم تحرك المهاجرين، ليعود المتدخل لضرب مثال عن فريق كرة القدم الذي نال كأس العالم سنة 1998 والذي كان يمثل تلاحم الثقافات على اختلافها وأعطى صورة ملفتة لنجاح اندماج المهاجرين فيما بينهم. وفي هذا الصدد قال المتحدث، أن الظروف تغيرت، وما جرى للفريق الحالي من انقسامات يعكس حقيقة انشقاق المجتمع الفرنسي بسبب بروز أجواء مناهضة لفكرة تواجد المهاجرين والتي نتجت عن تغير سياسة الهجرة التي انتهجتها فرنسا خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن ظاهرة الهجرة يجب أن تتم دراستها بدقة ومسؤولية، ولا يجب أن ينظر إليها سياسيا بنظرة سلبية أو إيجابية. وكشف توبون عن حقيقة لا يمكن الهروب منها مفادها أن 25 بالمائة من سكان فرنسا المقدرين ب 15 مليون فرنسي، هم من الجيل الرابع للمهاجرين القادمين من دول إفريقيا ودول المغرب العربي وآسيا وأوروبا الشرقية وهو ما يعني أن فرنسا تعد بحق بلد الهجرة والأكثر من ذلك فإن عدد المهاجرين لا يستهان بهم على اعتبارهم طاقة بشرية مهمة في تنمية البلد خاصة أنها تتميز بفئة عمرية شابة تتراوح بين 18 و30 سنة. وتطرق المتحدث خلال محاضرته إلى المراحل التاريخية للهجرة التي مرت بها فرنسا والتي قسمها إلى مرحلتين، الأولى بدأت من منتصف القرن ال19 إلى غاية ,1914 حيث عرفت هجرة البلدان المجاورة لها على غرار ايطاليا وبلجيكا. وتميزت هذه المرحلة بحرية تنقل المهاجرين بصفة كبيرة. وفي هذا السياق ذكر المتحدث باحتدام التنافس بين العامل الفرنسي والعامل المهاجر أسفر عن ردود عنيفة، وعلى إثره تم سن أول قانون يخص الهجرة سنة .1889 أما المرحلة الثانية، فجاءت عقب نهاية الحرب العالمية الثانية وبرزت عبر ظاهرة اللاجئين، حيث شهدت تلك الفترة لجوء 14 مليون ألماني نحو فرنسا وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد قامت سنة 1924 بسن قانون الحصص واختيار المهاجرين. من جهة أخرى فقد تميزت هذه المرحلة بخروج فرنسا من الحرب العالمية الأولى بخسائر بشرية كبيرة قدرت بأكثر من مليون و700 ألف ضحية، مما جعلها بحاجة لثروة بشرية عاملة ومن ثم السماح بدخول ألاف المهاجرين بما في ذلك المغاربة والبولونيين. وختم المتحدث في الأخير تدخله، بضرورة وضع قوانين خاصة بالمهاجرين في البلدان المغاربية بما في ذلك الجزائر التي أصبحت تستقطب مهاجرين من الدول الإفريقية لطلب العمل والاستقرار، قصد إدماجهم بطريقة قانونية وسليمة. يذكر أن جاك توربون كان وزيرا سابقا للثقافة والفرانكفونية من 1990 إلى 1995 ثم وزيرا للعدل من 1995 إلى ,1997 و رئيسا للمدينة الوطنية الفرنسية لتاريخ الهجرة منذ 2007 تاريخ تأسيسها.