عندما تذكر إسم بلكدروسي سيد أحمد، فإنك تشير إلى أحد المهاجمين الأفذاذ الذين أرعبوا حراس ودفاعات كل الفرق المنافسة، سواء أكان ذلك مع الفريق الوطني الذي صال وجال معه، ويكفي أن صدره مرصع بذهبية الألعاب الإفريقية لعام 1978 أو فريقه مولودية وهران الذي حاز معه كأس الجمهورية عام ,1975 وهو لا يزال متابعا جيدا للشأن الكروي الوطني رغم تقدم السن به، وخصوصا متاعبه الصحية التي جعلتنا نكتفي بدردشة قصيرة معه ونحن الذين منينا النفس بحوار مطول مع هذا اللاعب السابق المتميز الذي أبى إلا أن يجيب على أسئلتنا. س: كيف تقيم مشاركة الفريق الوطني في مونديال جنوب إفريقيا ؟ ج: أعتقد أن الفريق الوطني عانى في الجانب الهجومي، ولولا ذلك لأمكننا الوصول للدور الثاني. كما أن الأخطاء المرتكبة في تبديل اللاعبين (الكوتشينغ ) كان لها دور، فمثلا في المباراة الأخيرة ضد المنتخب الأمريكي كنت أنتظر دخول لاعبين غير الذين أقحمهم المدرب سعدان كغزال، الذي ورغم عقمه الهجومي، إلا أنني أعتبره لاعبا جيدا، فهو يعمل كثيرا داخل مربع العمليات، وربما لو دخل ضد الإنكليز لسجل. من يدري ؟ لكني لم أتوقع دخوله ضد الأمريكان. ؟ هل هذا ما كان ينقص فريقنا الوطني بحسبك ؟ ؟؟ صراحة ينقصنا الكثير. مثلا اللعب على الجناحين كما كان الحال قديما مع الفريق الوطني، أين كانت كرتنا تزخر بلاعبين مهرة على الأجنحة كرضوان، ماجر، وعصاد وغيرهم. - ربما إفتقدنا للمسة الفنية الجزائرية ؟ * أنا أرى أن القوة الضاربة للكرة الجزائرية هي الإعتماد على الجناحين، وهذا قد أهمل، وبالتالي قلّت الفعالية الهجومية لدى الفريق الوطني، حيث اندفع لاعبو الخط الخلفي ليحاولوا إبرازها من خلال صعودهم المستمر نحو الهجوم من أجل التسجيل، وحتى هؤلاء انخفضت فعاليتهم بسبب الإصابات التي لحقتهم وعلى وجه الخصوص بوقرة وعنتر يحيى. - وربما أيضا كنا بحاجة للاعب ماهر في الوسط كمغني مثلا ؟ * نعم، غياب مغني كان مؤثرا جدا، لأن المدرب الوطني رابح سعدان بنى لعب المنتخب الوطني على هذا العنصر. لذلك تأثر كثيرا لغيابه حتى أنه ذرف الدمع، وهذا الأمر معروف حتى لدى المنتخبات الكبيرة كإيطاليا التي إفتقدت لبيرلو، وإنكلترا التي انتظرت الكثير من روني وخيب ظنها، ثم أن تحقيق نتائج مرضية مع لاعبين جدد أمر صعب جدا. - مقابل النقائص التي عددتها، هل لمست إيجابيات على الفريق الوطني في مشاركته في المونديال ؟ * تبقى من إيجابيات فريقنا الوطني إحتفاظه بقوة دفاعه، وهذه ميزة لم يتصف بها في السابق، وقد خيل لي أن لاعبي خط الدفاع يلعبون في نادي واحد بالنظر إلى التفاهم الكبير الذي يميزهم، وهذا ساعد فريقنا الوطني كثيرا. كما أن المونديال مكننا من كسب حارس في المستوى، وأحسن ما في منتخبنا هو أنه يتكون من مجموعة صلبة وهذا هام جدا، عكس منتخب 1982 الذي كانت تميزه الفرديات. بقي فقط مشكل شح خط الهجوم، وأعتقد أن الوقت في صالح الطاقم الفني الوطني لمعالجة هذا الأمر. - وعموما كيف رأيت مردود اللاعبين الجدد ؟ * جيدون، ومع الوقت سيقولون كلمتهم. فلا يزال المستقبل أمامهم، وتدعيمهم للفريق الوطني سعدت به كثيرا. - هل أنت من مؤيدي بقاء الطاقم الفني للخضر أم تعارض ذلك ؟ * ما أعلمه أن المدرب هو الذي سيكون في فوهة المدفع إذا فشل، ومحمولا على الأكتاف إذا نجح. إن مدربين كبار فشلوا في مهماتهم وتحديدا في هذا المونديال كالإيطاليين ليبي وكابيلو، والبرازيلي باريرا. وبالنسبة لفريقنا الوطني، فأنا مع الإستمرارية وأنا لما حددت خطأ سعدان في تغييرات اللاعبين لم أقصد إقالته، بل أرى من المفيد للفريق الوطني مواصلته لعمله على رأس جهازه الفني، وأنا متأكد أنه لما يلتفت لمعالجة نقص خط الهجوم، ويحوز على إحتياط جيد سيذهب خوفه وسيكون أكثر جسارة. - ورغم ذلك، هل أنت متفائل بما هو آت؟ * نعم، متفائل جدا وأنا على يقين بأن جهود الدولة والدعم الكبير للأنصار لن يذهب سدى، خاصة المشجعين لأن مؤازرتهم لاتقدر بثمن، ولقد وقفت على ذلك بأم عيني عندما كنت لاعبا في مولودية وهران، حيث كان المناصرون يسجلون هدفهم في كل مباراة كنا نلعبها بعقر دارنا، وأصدقك القول أنه في مباراة الفريق الوطني ضد مالاوي في نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة بأنغولا تملكني إحساس بتعثر منتخبنا لما رأيت مدرجات الملعب فارغة، وهو الذي إعتاد على اللعب أمام مدرجات مكتظة عن آخرها، فدور المشجعين مهم جدا في دفع أي فريق أو منتخب إلى الأمام. - تفاؤلك هذا ربما سيدعمه مشروع الإحتراف الذي سيشرع في تطبيقه في الموسم الرياضي الجديد ؟ * صدقني أنا خائف من فشله، لأني ما أعتقده هو أن مشروعا إحترافيا لايطبق ويسير من طرف هواة. ثم إن كرة القدم الجزائرية ليست جلدا منفوخا يلعب فوق مستطيل أخضر، وما أعلمه أن رفع مستواها في زمن سابق كان بفضل التكوين وعمل جنود الخفاء من المدربين في الفئات الصغرى، وطبعا لا يمكن إغفال نقطة المنشآت الرياضية التي يجب أن تتوفر بالكيفية اللازمة. ثم إنه من غيرا لمنطقي أن تتوفر على منتخب قوي وبطولتك الوطنية ضعيفة، ربما مع الوقت سينجح الإحتراف في بلادنا. - ننتقل إلى فريقك مولودية وهران الذي يقاسي مع محيطه وهو على موعد مع تبني مشروع الإحتراف، فبماذا تعلق ؟ * أصبت. لما قلت أن المولودية تعاني مع محيطها فهذا مشكلها الرئيسي وبسببه أحجمت عن حضور كل جمعياتها العامة، وهذا لا يعني أنني كرهت المولودية، بل بالعكس حبها يسري في عروقي وأتابع أخبارها، وأفرح لتتويجاتها، وأحزن لإنهزاماتها، وتألمت كثيرا لما سقطت إلى القسم الوطني الثاني لأول مرة في مسيرتها الكروية. - لكن البعض يلومونكم أنتم من رفعتم شأنها عاليا من لاعبيها القدماء على عدم المساهمة في بقائها دائما في مقدمة الصفوف رفقة الفرق العتيدة ؟ * أنا لا أنكر بأن المولودية هي التي إحتضنتني وفيها إشتهرت، وكما قلت لك سابقا، سأبقى متعلقا بحبها إلى آخر أيام حياتي، لكن ما أراه هو أن مساهمتي سوف لن تنفع في ظل التناحر الذي يطبع محيطها ليس حبا فيها، بل من أجل المصالح الشخصية، وأنا يستحيل علي أن أتفاهم وأساير هؤلاء، ولك مثالا في ماجرى في الجمعية العامة الإستثنائية الأخيرة التي وسخت صورة المولودية، رغم أن الرهان مهم وهو إدخالها في عالم الإحتراف، فمن غير المعقول أن يتخلف النادي عن ذلك وهو يمثل فريقا عريقا تخرجت منه أجيال كروية ساهمت في تألق كرة القدم الوهرانية والجزائرية على حد سواء. - وهل ترى أن المولودية قادرة على كسب هذا الرهان كما قلت ؟ * يمكنها تحقيق ذلك، لكن مع مسيرين محترفين. - كيف نختم هذه الدردشة القصيرة التي نشكرك سي بلكدروسي عليها رغم معاناتك الصحية والتي نتمنى أن تتحسن وتنعم بالشفاء العاجل إن شاء الله ؟ * أحمد الله على كل حال، وأعيش حياتي الخاصة بما منحنه لي الله عز وجل، وأشكر جريدتكم على إهتمامها بالسؤال عني.